في الوقت الذي كانت فيه الكنيسة الأرثوذكسية تضع اللمسات الأخيرة علي ترتيبات استقبال البابا شنودة الثالث، عائدا من رحلة علاجية في الولاياتالمتحدة، قالت مصادر مقربة من قداسته إن ملف «الحوار مع السلفيين» الذي بدأه رجل الأعمال القبطي هاني عزيز قبل أسابيع، مما أثار أزمة شديدة داخل الكنيسة، هو أول ما سوف يبحثه البابا العائد فور وصوله. وقالت المصادر نفسها إن قداسة البابا لا يرفض الحوار في العادة، إلا أنه في الوقت نفسه لا يمكنه إقامة نقاش منصف مع بعض الذين بدأوا بالخروج علي القانون في مواجهة الأقباط والكنيسة للحد الذي هددوا فيه بعض المواطنين المسيحيين الآمنين. وأشارت المصادر إلي أن الحوار الذي بدأه بعض الناشطين الأقباط مع بعض التيارات السلفية قد تم بناء علي وجهة نظر هؤلاء الناشطين الشخصية، بينما اعتراض الكنيسة كان علي ما نشرته بعض وسائل الإعلام من أن هؤلاء المتحاورين قد ادعوا أنهم يمثلون قداسة البابا، ويمثلون الكنيسة، وهو ما لم يكن صحيحا. يأتي هذا علي خلفية أزمة شديدة نشبت داخل الكنيسة الأسبوع الماضي، بعد خلافات بين الأساقفة المرافقين للبابا في رحلته العلاجية حول مشروعية بدء هاني عزيز (المقرب من البابا)، وبعض النشطاء الأقباط، بتنظيم حلقات نقاشية مع مشايخ بعض الجماعات السلفية في القاهرة. وأدت الأزمة إلي نشر الكنيسة إعلانات مدفوعة بالجرائد اليومية تنفي فيها صلتها بهاني عزيز، مؤكدة أن عزيز ليس مستشارا للبابا، وهو ما سحب صفة الرسمية عن حوارات الأقباط مع السلفيين. من جانبه، قال رجل الأعمال القبطي هاني عزيز إنه مستمر في الحوار مع بعض مشايخ السلفية، مهما كلفه الأمر مؤكدا أنه لا يعتقد أن قداسة البابا يرفض التحاور العقلاني مع أي تيار فكري حتي لو كان هذا التيار معاديا. وأشار عزيز إلي أنه يعرف أنه قد حدث «في الأمور أمور خلال رحلة البابا الأخيرة، وسوف أعمل علي حل هذا الإشكال فور عودة قداسته». وفي تصريحات خاصة (لصباح الخير)، أكد عزيز أنه قد نجح بالحوار، في التوصل مع كثير من مشايخ السلفية إلي وقف أي نشاطات عدائية ضد الأقباط، علي رأسها تعهدهم بمنع أتباعهم من الاعتصامات أمام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، مشيرا إلي أن هناك أكثر من نقطة تلاقي بين الناشطين الأقباط وبين تيارات السلفية، الأمر الذي ظهر خلال جلسات الحوار المشترك. وفي حين رفض عزيز الإجابة علي سؤال لصباح الخير حول ما قصده بأن «هناك في الأمور أموراً قد حدثت خلال رحلة البابا الأخيرة» مكتفيا بالقول إنه من الضروري الوضع في الاعتبار سن البابا وحالته الصحية.. قالت مصادر بالمقر الباباوي إن هناك تيارين بين الأساقفة المرافقين للبابا، أحدهما يزكي الحوار مع كل التيارات الفكرية، حتي السلفي منها، بينما يرفضه التيار الآخر. وأضافت المصادر إلي أن الإعلان الذي نشرته الصحف ضد هاني عزيز الأسبوع الماضي، صدر من القاهرة، ولم يصدر من الولاياتالمتحدة، حيث كان البابا في رحلة علاج، ما يعني أن إعلان تخلي البابا عن رجل الأعمال هاني عزيز المقرب من قداسته، لم يصدر عن البابا نفسه. وبينما أشارت المصادر نفسها إلي أن البابا شنودة وقع خلال رحلته العلاجية الأخيرة بين مطرقة الرافضين للحوار مع السلفيين، وبين سندان المؤيدين، حتي استطاع التيار الأول الانتصار، ما أدي لنشر إعلان التخلي عن عزيز في الصحف، نفي القمص سيرجيوس وكيل الكاتدرائية المرقسية في تصريحات (لصباح الخير) كل ما أشيع عن خلافات في هذا الشأن، مؤكدا أنه ليس لديه معلومات عن السبب الذي من أجله طلب البابا نشر إعلان هاني عزيز بالصحف. وأشار سيرجيوس أن صيغة الإعلان وصلت الكاتدرائية بالفاكس، ومكتوبة بخط يد قداسة البابا، ولفت سيرجيوس إلي أنه لا يعتقد أن هناك من يستطيع أن يملي علي قداسة البابا آراء أو رغبات، حتي بالرغم من مرض قداسته. وحول مبادرة هاني عزيز قال سيرجيوس: الكنيسة لاترفض حوار الأقباط مع السلفيين، ولا مع أي تيار آخر، لكنها في الوقت نفسه لا ترضي أن يتم صبغ حوار من هذا النوع بصبغة كنسية، فمع حرية جميع الأقباط في التحاور مع من يشاءون، فإن هذا يجب أن يتم دون أن يدعي أحدهم أنه يتحاور ممثلا لقداسة البابا، لأن قداسته لم ينتدب أحدا لتمثيله في مثل هذه الأمور.