ريشة : هبة المعداوي نحن الآن نعيش «هوجة» من يجلس علي عرش مصر!! هوجة الصراع علي رئاسة مصر!! أصحو من النوم أفاجأ بفلان الفلاني رشح نفسه للرئاسة!! يا دوب ربع ساعة أشرب القهوة اسمع أن علان العلاني رشح نفسه للرئاسة!! أرتدي ملابسي وفي طريقي إلي المجلة أعلم أن ترتان الترتاني رشح نفسه للرئاسة!! بذمتكم ده كلام؟! عموما ما علينا!! لكن «السؤال المهم جدا والذي يهمنا كشعب مصري: هل رئيس مصر القادم سيكون إنسانا طبيعيا؟ صحته جيدة؟ متزن نفسيا؟ ليس طاغية؟ ليس مريضا بكرسي السلطة؟؟!! «الملف الطبي للرئيس».. هو أهم ملف تضعه الدول المتقدمة علي رأس أولوياتها عند اختيار رئيس البلاد، فهم يدرسون ويفحصون بعناية فائقة جميع النواحي الجسدية والنفسية والذهنية والشخصية لأي مرشح للرئاسة، لأنهم يدركون جيدا أهمية وخطورة المنصب، فرئيس الدولة يحكم شعبا يصل تعداده إلي ملايين من البشر، ويتعامل مع العالم كله، لذلك يجب أن يكون كفؤا وثقة للمنصب الرفيع. لذلك من المهم جدا قبل أن ننتخب رئيس مصر القادم أن ندرس كل تفاصيل «الملف الطبي» نفسيا وجسديا ومنذ الطفولة وحتي لحظة ترشيح نفسه لرئاسة الدولة، حتي لا يترك الحبل علي الغارب لأي عابر سبيل!! ولتكن البداية بدراسة شخصية الرئيس دراسة دقيقة وفاحصة، لأن الشخصية هي «الكيان النفسي» للإنسان، والتي تحدد ملامحه النفسية؟ ومن هو؟ وما هي صفاته؟ وكيف يتصرف في المواقف المختلفة؟ وكيف يتعامل مع الآخرين؟ لأنه إذا كان هذا «الكيان مريضا» ويعاني من اضطرابات نفسية فسوف يكون ذلك وبالا علي الشعب وعلي الدولة. أما إذا كان «لائقا طبيا ونفسيا» فيسمح له بترشيح نفسه لهذا المنصب الرفيع باعتباره إنسانا ومواطنا عاديا، ولكنه قيادي يتمتع بكفاءة تؤهله لقيادة الدولة، لأننا لا نريد إلهًا ولا نصف إله ولا ربع إله ولا حتي يقترب من الإله بأي صفة من الصفات، لا نريد فرعونا جديدا ولا طاغية جديدا ولا مستبدا جديدا لأن هذا العصر قد ولي إلي غير رجعة، لا نريد شخصية مضادة للمجتمع أو «شخصية سيكوباتية» لا توقفه آلام الضعفاء وأنات البسطاء ودموع الأطفال والنساء، لقد أعجبني قول قرأته للدكتور «محمد غانم» أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، أن «السيكوباتي» إنسان لا يفكر في الآخرين، ولا يهمه إلا نفسه، ولا يتورع عن ارتكاب أي فعل مادامت له فيه مصلحة».. ونحن في مصر نريد أن يكون الرئيس القادم «إنسانا طبيعيا» وكفي!! اختيار الفاسدين.. وإقصاء البارزين!! عندما يكون الحاكم «مريضا بكرسي السلطة» فإنه يسعي إلي تطبيق كل الوسائل الرخيصة والغايات الخسيسة التي يتوارثها الطغاة ويسير عليها، والتي ابتكرها «بريندر» أحد طغاة نظام الحكم في فارس القديمة، وهي تدمير روح المواطنين، زرع الشك وانعدام الثقة فيما بينهم، التجسس علي المواطنين بالشرطة السرية وبالعيون والآذان التي يبثها في أرجاء البلاد وأجهزة التنصت ليعرف كل صغيرة وكبيرة ويمتلك ملفات لتهديدهم فيعتادوا الهوان ويألفوا العبودية والإذلال ولا يتجاسروا ويتحدثوا عن سلبيات الحكم، كما يعتمد الحاكم المريض بكرسي السلطة علي «نشر الوشاية» بين أفراد الشعب حيث «يشي» بعضهم بالبعض الآخر فتنعدم الثقة بينهم ويبذر الشقاق والنميمة، وتشيع كتابة التقارير حيث يتحول كل موظف في موقعه إلي جاسوس علي من حوله، وجعل المواطنين عاجزين عن عمل شيء أو فعل أي شيء، وتعويدهم الخسة والضعة والعيش بلا كرامة بحيث يسهل عليهم أن يعتادوا الذل والهوان!! أيضا لكي يحتفظ الرئيس المريض بكرسي السلطة بعرشه، فإنه يتعمد اختيار «الفاسدين» و«ذوي الشخصيات الضعيفة» من البشر في نظام حكمه ويوليهم قيادة المؤسسات حتي يستطيع أن يسوسهم ويقودهم ويكونوا له من عبيد النفاق والتملق، لأن الأحرار والشرفاء لا يقومون بهذا العمل الخسيس، فالطغاة والمستبدون والمرضي بكرسي السلطة لا يحبون الرجال ذوي الكرامة والعزة والشرف وأصحاب الشخصيات المستقلة، كما أن الحاكم المريض بكرسي السلطة يتعمد القضاء علي البارزين من الرجال وأصحاب العقول الناضجة واستئصال كل من تفوق أو حاول أن يرفع رأسه، وهو ما سماه «أفلاطون» طريقة «التطهير» التي هي عكس طريقة الأطباء كما يؤكد ذلك الفيلسوف الرائع «د. إمام عبدالفتاح إمام» في دراسته المتميزة عن «الطاغية» كصورة من الاستبداد السياسي. تدمير روح المواطنين!! يؤكد المفكر العظيم «أرسطو» أن الحاكم المريض بكرسي السلطة والطاغية لكي يحتفظ بعرشه يلجأ إلي ثلاثة أهداف شريرة، الأول هو تدمير روح المواطنين لأن الذليل الخانع لن يتآمر عليه علي الإطلاق، الثاني انتشار الشك والارتياب وعدم الثقة بين المواطنين لأنه لا يمكن القضاء علي الطاغية إلا إذا اتحد المواطنون، الهدف الثالث والأخير أن يصبح المواطنون عاجزين عجزا تاما عن فعل أي شيء ومن ثم يصبح من المستحيل بل ضربا من المحال الإطاحة برئيس طاغية مريض بكرسي السلطة. عندما يكون الحاكم مريضا بكرسي السلطة سوف يغتال «العلم» وهو ما حدث خلال الثلاثين سنة الماضية، ويحجب كل من يعمل علي تنوير النفوس، أو يبث الشجاعة والثقة بالنفس، وسوف يحقر من قيمة التعليم، ويتخذ جميع السبل التي تغرس في المواطن الشعور بأنه غريب عن بلده، وبعدم الانتماء أي قطع الحبل السري الذي يربط المواطن بوطنه، كما يعمل علي تجويع شعبه وإفقار رعاياه حتي ينشغل المواطنون بالبحث عن لقمة العيش ولا يجدون من الوقت ما يتمكنون فيه من التآمر عليه، وهذه الشخصية الطاغية المستبدة هي التي تسبب أكبر الألم وتهدد أمن الناس، لا ترتدع، ولا تتعلم من أخطائها، وجدانها ميت، يخون أصدقاءه ووطنه من أجل مصلحته، هو أقرب إلي الشخصية «السادية»، ليس لديه مشاعر تجاه أحد ولا يهتز ويصنع من رؤوس أصدقائه ومن وقفوا بجانبه وساندوه «جماجم» ليصعد عليها ويصل إلي القمة.. وباختصار هو شخصية «ضد المجتمع والوطن»!! لا نريد «طاغية» مريضا بكرسي السلطة!! بكل الصدق.. ومن قلوب كل المصريين لا نريد لمن يجلس علي عرش مصر أن تسري في دمائه «جينات» الطغاة والمستبدين!! لا نريد «فرعونا» جديدا يعتلي عرش مصر لا نريد «طاغية» مريضا بكرسي السلطة، لا نريد «نيرون» يحرق مصر، لا نريد «هتلر» يحكم البلد!! لا نريد «ستالين» ولا أي رئيس فولاذي يقهرنا!! لا نريد «رئيسا» يتوهم أنه الدولة وأنه المجد!! لا نريد «رئيسا» منغلقا عقليا!! لا نريد «رئيسا» مهووسا ومريضا بالسيطرة وقهر الشعب!! لا نريد «إلها» ولا نصف إله ولا حتي ربع إله يحكمنا. بصراحة شديدة ومن الآخر نريد إنسانا «طبيعيا» يرأس هذه الدولة العظيمة، إنسانا «وسطا» بين الناس، رئيسا معتدلا، يؤمن بالحرية والعدالة، امتيازاته قليلة، سلوكه التواضع في معاملة المواطنين ويتعامل معهم كأنداد وليس كعبيد، نريد أن يكون نظام الحكم «برلمانيا» فالبرلمان هو الذي يحكم ويشرع ويراقب ويقود، بينما «الرئيس» يكون «رمزا» يشغل منصبا رفيعا علي قمة الدولة، ينهض بالأمة داخليا وخارجيا، يؤمن بالحوار والاختلاف في الرأي، وبالتنمية والتقدم والديمقراطية، فرئيس الدولة ما هو إلا «مواطن» اخترناه ليؤدي مهمة وطنية، فإذا «أخل» بها غيرناه!