خرج الثوار يوم25 يناير بشعارات سلمية مطالبين بالحرية والعيش والعدالة الاجتماعية فلقد كانت القضية الأساسية التي يسعي إليها الثوار تحقيق العدالة الاجتماعية ووضع حد أدني عادل للأجور، حيث كثرت المطالبات خلال الفترة الأخيرة بضرورة توفير حياة كريمة ودخول عادلة تتناسب مع مستويات المعيشة، هذا في الوقت الذي لم يتم الإعلان فيها عن رقم الحد الأدني للأجور، فلقد كان آخر تصريح لدكتور سمير رضوان وزير المالية في هذا الشأن إنه سيتم إعلان الحد الأدني للأجور أول مايو المقبل، بينما أكد وزير القوي العاملة أحمد البرعي أنه سيكون خلال الثلاثة أشهر القادمة. وإذا استرجعنا بعض الأرقام حول الأجور في مصر نجد أن تقرير لجنة الحريات النقابية والعمالية التابعة لمنظمة العمل الدولية تحت عنوان «العدالة من أجل الجميع.. الصراع من أجل حقوق العمال في مصر» أشارت الدراسة إلي تباين الأجور في مصر إلي ما يضاف علي الأجر الأساسي حيث تمثل الإضافات ما يقرب من 75% من إجمالي الراتب الشهري وتتمثل الإضافات في المكافآت التي تستحوذ علي 30,7% من الأجر بالإضافة إلي المزايا النقدية 10,4% والمزايا التأمينية 11,5% وبدلات ومزايا عينية أخري 6,8%. وقالت الدراسة إنه علي الرغم من تدني مستوي الأجور في مصر إلا أن وحدة العمل مرتفعة التكلفة بسبب انخفاض مستوي الإنتاجية وأكدت أن تكلفة العامل في مصر مرتفعة للغاية مقارنة ببعض الدول المنافسة، مشيراً إلي أن العامل المصري يحصل علي ثلاثة أضعاف أجر العامل الأندونيسي تقريباً رغم أن إنتاجية الأخير أكبر، وطالبت الدراسة بإعادة النظر في سياسة الأجور الحالية حتي تتحول إلي أداة من أدوات السياسة الاقتصادية في جذب الاستثمارات الجديدة، وشددت الدراسة علي أن يكون تحديد الأجور بناء علي المهارة والكفاءة وليس الأقدمية والدرجة العلمية. وأشارت إلي أن الفرق بين متوسط أقل وأعلي أجر شهري في الجهاز الحكومي وصل إلي 30 ضعفاً حيث بلغ متوسط الأجر الشهري لموظفي شركات قطاع الأعمال العام 7156 جنيهاً في حين لا يزيد متوسط الأجر الشهري لنظرائهم في وزارة الأوقاف علي 235 جنيهاً فقط ويرتفع قليلاً إلي 408 في وزارة القوي العاملة بينما يصل إلي 432 جنيهاً في وزارة الري ويقفز هذا الأجر ليصل إلي 5283 جنيهاً في المجلس القومي للمرأة وينمو بشكل كبير في وزارة الخارجية ليبلغ 6059 جنيهاً في الشهر. أكد د. مصطفي كامل المدير التنفيذي لمركز شركاء التنمية أننا بحاجة ليس فقط الي وضع حد أدني للأجور، ولكن وضع هيكل لكل الأجور، بما في ذلك الأجور العليا والأجور الدنيا، فإذا كنا نتصور أن الهيكل الجديد للأجور الذي سوف تضعه الحكومة يقلل من التفاوت بين الحد الأعلي للأجور والمرتبات والحد الأدني للأجور والمرتبات، بهذا سوف يعتبر خطوة واحدة علي الطريق لتحقيق العدالة الاجتماعية، لأن الأجور هي مصدر واحد للدخل، وهناك مصادر أخري للدخل منها الأرباح والفوائد وإيجارات الأراضي والمباني إلخ.. وقال د. حمدي عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية سابقا أنه يمكن توفير نحو 10 إلي 15 مليار جنيه من الموارد المطلوبة لزيادة الحد الأدني للأجور، من خلال إعادة هيكلتها ودمج الأجور المتغيرة مع الثابتة، وحل المشكلات المتعلقة بتعدد أسواق العمل، والقوانين المنظمة للأجور في الدولة، والعلاوات الخاصة التي بدأت في يوليو 1987، والتي خلقت تشوهات في نظام الأجور، ووجود نظم وظيفية عامة (الكادر الخاص).