هل تعرفون الفرق بين غسيل الكلى.. وغسيل المخ؟! غسيل الكلى.. يلجأ الإنسان إليه عندما تفشل الكلى فى أداء وظائفها وتزداد «السموم» الخطيرة جدا فى الجسم، مما قد يؤدى إلى الموت. أما غسيل المخ.. فسبحان الله العكس تماما وهو حقن «وزرع السموم» فى عقول الناس، وزرع الخوف والظلم والاستبداد والقسوة والأمية والتخلف والجهل ويموت الإنسان معنويا! والمحزن فى الحالتين أن الإنسان يموت! غسيل المخ.. هو إعلام كله «100 فل وعشرة»! الذى أغرقونا فيه خلال الثلاثين عاما الماضية، حيث كانت تُرتكب كل ثانية وكل دقيقة جريمة «غسيل العقول» من الحرية والديمقراطية والتطور والتنمية والرخاء والرفاهية، ولكن الحمد لله فشل إعلام كله «100 فل وعشرة» فى جعل شباب مصر مجرد «لعب كرتونية ساذجة وجاهلة»، ولهذا كانت المفاجأة بثورة 25 يناير الحضارية. من سوء حظى أننى درست إعلاما راقيا وحقيقيا وحضاريا فى كلية الإعلام جامعة القاهرة فى العصر الذهبى لم أر منه للأسف الشديد خلال السنوات الكثيرة الماضية أى شىء، وإنما رأيت وهذا هو المحزن «الإعلام العبيط»، و«البرامج العبيطة» والوصاية على عقول الناس، الإعلام الذى رأيته كان مصابا ب «السكتة الدماغية» فهو لغسيل المخ، والتضليل والخداع، والتزييف والمصيبة أن البعض من الإعلاميين أنفسهم ليسوا مهنيين، وإنما هم مجرد «بهلوانات» وفاقدى الموهبة، ودخلاء على المهنة، وراقصين فى سيرك «النفاق»! اقرأوا معى سطور هذه الحكاية العجيبة والطريفة جدا! فى الزمن الفاسد استضافونى فى أحد البرامج التليفزيونية لأتحدث عن «خطورة تلوث الهواء» لما لى من خبرة تفوق 30 عاما فى مجال الكتابة والتخصص فى العلم وصحة الإنسان وحماية البيئة، وتحدثت بكل الصدق والخوف على صحة الإنسان المصرى وكيف يحمى نفسه من الأمراض التى قد تصيبه بسبب تلوث الهواء! ولكننى فوجئت ب «المذيعة» توقف التسجيل لأن الكلام خطير ويهدد الأمن والاستقرار فسألتها أى كلام يهدد الأمن والاستقرار؟ قالت: الكلام عن «تلوث الهواء» وهذه تعليمات لى من فوق! فضحكت بصوت عال! وعندئذ قررت ألا أشارك فى هذه المسخرة الإعلامية، ونهضت واقفا وانصرفت ولم أسجل البرنامج، وأخذت عهدا على نفسى ألا أعود مرة أخرى إلى ماسبيرو! إن الذى يدهشنى أن هناك شيئا بسيطا جدا، لكنه ذو قيمة كبيرة للغاية، والمفروض أن كل «إعلامى نزيه» يعرفه! اسمه «الشرف» أو «الضمير المهنى»! فالإعلامى الشريف يرحل عندما يرى ما يخالف الضمير، الإعلامى «الشريف» لو عنده «ذرة من شرف» يترك موقعه ولا يشترك فى جريمة «تزييف» و«غسيل المخ» لأن المطلوب منه فقط هو «الحقيقة»، ولا يردد تبريرات كاذبة ومخادعة بأن ينفذ أوامر وتعليمات يتلقاها من رؤسائه! إننى أقول لكل «إعلامى» يعمل بهذه المهنة السامية والخطيرة عليك أن تسأل نفسك أولا هذا إذا كنت تحترمها! أين ضميرك وشرفك المهنى؟ إن مهنتك أمانة فى عنقك أمام الله فكيف تخون ضميرك وتغتصب وتمزق شرف مهنتك؟ كيف ترضى لنفسك أن تكون بلا شرف ولا ضمير إن الدنيا كلها لا تساوى أن تكون بلا شرف!