في رحلة فريدة علي أرض مصر في زيارة لبقعة حباها الله بالنعم والخيرات وأنعم عليها أن ذكرها في القرآن الكريم، اصطحبت دراجتي لأتجول وأتعرف علي معالمها ومدنها وأتطرق لخباياها وأسرارها وسحرها الجذاب . الثانية عشرة توجهت وسط شوارع القاهرة والسيارات تتكدس والأضواء مشتعلة مضيت في الشارع ما يقرب من ساعة كاملة حتي ودعت شوارع المدينة واستقبلتني الصحراء وظلام الليل حيث كان علي أن أستعين بأنوار الكشافات كي أستطيع السير قدما. مضت ثلاث ساعات واستكملت رحلتى فى الطريق حتى أشرق نور الصباح. فى التاسعة صباحا كانت لحظة وصولى لنفق أحمد حمدى الذى يجعلنى أعبر أنا ورفقائى وننتقل من قارة إفريقيا إلى قارة آسيا حيث تستقبلنا صحراء سيناء.
توقفت كى أضع دراجتى فوق سيارة من السيارات العابرة وعبرنا نفق الشهيد وكان أول ما يدور فى ذهنى لماذا سمى هذا النفق بهذا الاسم ومن هو أحمد حمدى؟ أحمد حمدى ولد عام 1929 وكان والده من رجال التعليم تخرج فى كلية الهندسة قسم الميكانيكا وفى عام 1951 التحق بالقوات الجوية ومنها نقل إلى سلاح المهندسين أطلق اسمه على النفق تقديرا لمجهوداته وبطولاته التى قدمها فى حرب أكتوبر حيث فجر بنفسه كوبرى الفردان حتى لا يتمكن العدو من المرور عليه ولقب باليد النقية لأنه أبطل مفعول آلاف الألغام. قمت بالعبور وتوقفت استمع إلى كلمات جميلة من أغنية تغنى بها عبدالحليم حافظ وهو يقول (صباح الخير يا سينا) وأنا أتمعن فى معانيها الرائعة وتوقفت أتساءل لماذا سيناء؟
سيناء هى الأرض التى كرمها الله وذكرها فى القرآن «وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين»، وهى الأرض التى مرت عليها العائلة المقدسة (السيد المسيح ووالدته ويوسف النجار) فى رحلة الهروب من فلسطين لمصر. ثم إنها الأرض التى كلم الله فيها نبيه موسى عليه السلام وذكر القصة الكريمة فى القرآن. ■ البقعة المثلثة هى الجزء الوحيد الذى يتبع مصر من القارة الآسيوية وتنقسم إلى شمال وجنوب وهى مثلثة الشكل واختلف الجميع حول سبب التسمية وقيل أن معناها حجر لكثرة الجبال بها. توجهت بدراجتى ما يقرب من عشرين كيلو وأول ما وجدت عيون موسى. وكان التوقف الأول فى مدينة رأس سدر حيث انتهى يومًا طويلًا. استكملت حتى وصلت لمدينة أبورديس ولأن الحرارة أصبحت مرتفعة لم نعد نتوقف لنتناول الماء. الوجهة المقبلة كانت مدينة الطور عاصمة جنوبسيناء. الطور هى التى ذكرت فى القرآن «والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين» المدينة هادئة وبسيطة تجولنا لبعض الوقت وتناولنا الغذاء واستكملنا رحلتنا. فى الصباح الباكر استكملت بالدراجة فى الطريق إلى مدينة شرم الشيخ مدينة السلام والهدف من السفر بالدراجة رسالة سلام للعالم أن مصر آمنة وأرضها مباركة. فالدراجة أيضا صديقة للبيئة لا ينتج عنها تلوث. تعد مدينة شرم الشيخ أحد أهم المدن السياحية فى سيناء فهى تقع فى الجزء السفلى لشبه الجزيرة وبها العديد من المنتجعات السياحية ومن أهم المزارات التى قمنا بزيارتها مسجد الصحابة الذى يعد أهم معالم السياحة الحديثة ويقع فى السوق القديم ويشتمل على مئذنتين وعدد كبير من القباب. استكملنا رحلتنا فى طريق مليء بالصعوبات لمدينة دهب التى يهفو إليها قلبى بجمال الجبال والطبيعة الخلابة. مدينة دهب آخر مدن الرحلة وسميت بهذا الاسم تيمنا بلون رمالها الذهبى.
كانت بداية المدينة فى قرية صغيرة للصيادين ثم أقيم فيها الفنادق والقرى السياحية وهى مليئة بالسياح من مختلف أنحاء العالم ومن أشهر أماكنها السياحية رأس أبوجالوم والبلوهول والممشى السياحى. وقبل أن أنهى رحلتى فى أرض الفيروز جلست أتذكر ما مر بهذه الأرض من صراعات عصيبة وحروب وكيف ارتوت أرضها بدماء الآلاف من الشهداء وكيف استطاع الجندى المصرى الحفاظ على أرضه بتحريرها من أيدى الأعداء ورد للشعب المصرى كرامته. كانت هذه رحلتى الطيبة فى الجنوب إلى الشمال حيث استكملت الرحلة على العجلة إلى مدينة العريش ورفح والشيخ زويد وفى بئر العبد بمشاركة الأهالى وشاركنا فى العريش احتفالا بالسباق العربى للجمال العربية المعروف سباق الهجن. سباق الهجن رياضة عربية أصيلة مشهورة عند العرب والهجن تستخدم للرياضة والركوب وتتسابق فى هذا السباق بسرعة تصل إلى 65 كم فى الساعة فى مضامير مخصصة.