الرمزية وسريالية الفكرة فى مدارات «سلمى العشرى»

تهدف المدرسة الرمزية إلى التعبير عن أسرار الوجود من خلال الرمز وعارضت بطبيعتها المدرسة الواقعية التى ظهرت بالأساس مناهضة للكلاسيكية التعبيرية والانطباعية أوائل القرن التاسع عشر، وسعى الفنانون الرمزيون إلى إعطاء المشاهد انطباعًا عن الوعى الباطن «أحلام الفنان الباطنية» والمشاعر الخفية الداخلية مع استخدام الرموز البصرية التراثية أو التاريخية، وأن الفن نابع من قدرة العقل على استيعاب المعلومات واستخدامه الرمز لتشكيل حرية التكوين وإعادة دلالات الرموز القديمة.

الفنانة سلمى العشرى - أستاذ التصوير بكلية التربية الفنية- من أبرز الفنانين المصريين المنتمين للمدرسة الرمزية التى قطعت فيها مشوارًا بعيدًا بعد حصولها على الدكتوراه ببحثها المتميز عن الفن الرمزى، وفى معرضها الأخير بجاليرى «زهوة» نرى رموز الفن المصرى القديم فى لوحاتها بأسلوب شاعرى وفكر سريالى لا يخلو من خيال واستيعاب متكامل للفن القديم.



الرموز القديمة فى لوحات سلمى العشرى كالطيور والحيوانات وزهرة اللوتس التى ترمز إلى البعث والتخيل الرمزى للموت والحياة، والقارب الفرعونى والحمائم التى تحمله لتعبر به إلى شواطئ الأحلام.. والقرد الذى يترجى من السماء السلام.. السمكة رمز الخيروالنماء.. فى كل لوحة تعيد الفنانة الرموز إلى دلائل جديدة.
تقول سلمى العشرى فى صدر معرضها «مدارات الزهرة»: أحرص على استكشاف رمزية العناصر المحيطة بى والغوص فى دلالاتها العميقة التى قد تغيب عن أنظار البعض لكنها تشكل مفتاحًا جوهريًا لفهم معظم اللوحات التى تنطوى أغلبها على رموز تحمل رؤى تأملية خاصة ترتبط ارتباطا وثيقا بالأماكن وتتغذى من القراءات والتأملات الذاتية».
لوحات المعرض تنطلق من رموز التراث المصرى القديم بوصفه مدخلاً لاستكشاف العلاقات بالهوية والذاكرة البصرية.
يلعب اللون فى لوحات المعرض دورًا رمزيًا محوريًا لاكتمال الرؤية ويحمل كل لون دلالة فلسفية خاصة مستمدة من الموروث، فالأخضر يرمز إلى النقاء والتجدد واللون الأزرق رمز الحماية والاتصال بالمقدس فى حين يرمز اللون الأحمر إلى الطاقة والعاطفة والقوة المتجددة.
من خلال الطرح الفنى تسعى «العشري» إلى بناء جسور بين الأزمنة.. بين الماضى والحاضر لتعيد صياغة الرموز الثقافية من منظور إنسانى معاصر فى محاولة لفتح أفق تأملى وروحى أمام المتلقى ودعوته إلى اكتشاف ما وراء الصورة والإنصات إلى الرسائل الخفية التى تبعثها الرموز حين تستحضر من جديد فى سياق شخصى، روحى فلسفى حديث..
معرض «مدارات الزهرة» والمقام بجاليرى «زهوة» بشارع قصر النيل بوسط البلد- يقدم رحلة فنية تأملية وتجربة بصرية ثرية.. المعرض مستمر حتى 25 مايو.