هل وصل يا هوبا؟ لا يا أمى!! كانت هوبا تطل من شرفتها، عندما مر ثلاثة من الفتيان من تحتها فسمعوها تنادى… ياعمرو؟ كانوا جميعهم يحملون اسم عمرو، عندما نظروا إلى صاحبة الصوت أبهرهم حُسنها وجمالها ورقة صوتها، فسقطوا تحت شرفتها مغشيًا عليهم! عندما أفاق أحدهم حمل رفاقه على كتفيه، وذهب بهم بعيدًا، ثم عاد بمفرده ووقف تحت شرفة هوبا، وقفة المنتصر!! ابتسم لها... وأخذ يلوّح لها بيده، لم تعره اهتمامًا، كانت تحدق فى المدى بعينين ثابتتين، وتنظر إلى لا شىء! عندما ظهرت أمها ووقفت بجوارها فى الشرفة، وأخذت تمسح على شعرها المتهدل على كتفيها، قالت هوبا… تأخر عمرو ياأمى؟ فهتف الفتى الواقف تحت الشرفة... أنا هنا... أنا عمرو! فضحكت الأم وقالت للفتى… لست أنت المعنى! فسأل الفتى بأسى… هل هناك عمرو غيرى؟ فقالت الأم… عمرو ابنى البكرى، وهبة الله هى الابنة الصغرى، ننتظر مجيئه بالنور! تنفس عمرو الصعداء وانشرح صدره، عندما اطمأن بأنه ليس هناك من ينافسه. ذهب عمرو محملاً بأحلام وآمال رسمها على جدار قلبه، وفى اليوم التالى أحضر شجرة ورد، وغرسها تحت شرفة هوبا، وكان كل يوم يرويها، حتى كبرت وأزهرت، وعندما مر ذات يوم ووجد تحتها مخلفات ملقاة من شرفة هوبا، أصابه الحزن، وخشى أن تكون هذه رسالة من هوبا، تطالبه فيها بأن يأخذ شجرته من تحت شرفتها، وأن يرحل بها بعيدًا، وينزاح من طريقها كما أزاح رفاقه. كانت هوبا تطل هى وأمها من الشرفة، فطلب عمرو من الأم أن تروى عطشه وتبل ريقه... نزلت الأم تتوكأ على عصاها، وفى يدها كوب الماء فسأل عمرو الأم… لماذا أتعبتِ نفسك... كان يجب أن تنزل الشابة هوبا، وترتاحين أنت من عناء نزول السلالم؟ فقالت الأم… هوبا لا تغادر غرفتها. فقال... هكذا الجواهر، بقاؤها فى الخزانة أأمن وأضمن. فقالت الأم… جوهرتى تحتاج إلى جواهرجى يحافظ عليها. فهتف عمرو بعد أن شرب شربة ماء روت ظمأه بقلب يملأه الشوق... أنا الجواهرجى الذى يقدّر جوهرتك. جاء صوت هوبا من أعلى، وهى تنادى على أمها… لماذا تأخرتِ علىّ يا أمى، ألا يكفى تأخير عمرو، أين مائدتك... أنا جائعة.. اخترق صوت هوبا قلب عمرو، فأصابته رعشة، فطلب من الأم أن تسمح له بأن يسلم عليها.. تحاملت الأم على نفسها وصعدت السلالم لتجىء بهوبا، أقبلت يسبقها نور ثغرها البسّام، وتشع من جسدها الأنوثة والحياء، تتحسَّس طريقها متخذة من كتف أمها عكازًا لها! تسمَّر عمرو عندما واجه هوبا... كان عمرو الابن البكرى قد حضر، قال لأمه بفرح... وجدت النور ياأمى. ثم نظر إلى أخته وقال… وجدت القطرة ياهوبا. عندما نظر عمرو إلى عينى هوبا، التى كانت تمد له يدها فى اتجاه غير الاتجاه الذى يقف فيه، هاله انطفاؤهما، فانطفأت فى داخله أشياء، لكن أشياء أخرى قد أضاءت.