يقوم مجموعة من الرجال بتأسيس جمعية تحت مُسمى «جمعية الرجل الحر» للوقوف أمام افتراءات النساء على حد مزاعم أعضاء الجمعية ورئيسها «وليد». الرجال يرون أنه بعد عددٍ من القوانين التى شفعت وأنقذت «المرأة المقهورة» فى أخذ حقوقها المُغتصبة من «الرجل المُفتري»، فقد فتح هذا المجال لنساء أخريات لاستغلال تلك القوانين فى أخذ ما هو ليس حقًا لهن.
المعنى أن هنالك لعبة كراسى موسيقية تمت، فقد تبدلت الأدوار، فأصبح «الظالم / الرجل» فى مكان «الضحية / النساء» والعكس. ليجد الرجل نفسه فى النهاية هو الذى يُطالب ب «حقه فى المساواة» مع المرأة ! النساء لا يسكتن، فالجمعية أصبح لها أذرع ومؤيدون على نطاقٍ واسع، لذلك تقوم مجموعة من النساء - تحت قيادة «الزعيمة» - بالتظاهر أمام الجمعية لغلقها، فالجمعية تدعو إلى عدم الزواج بالنساء إلا بشرط تحقيق مطالب الرجال العادلة. وهو ما يعنى وقف «سوق جواز الستات»، وبالتالى زيادة نسبة العنوسة بينهن. وفى خضم الشد والجذب بين الرجال والنساء، تتدخل السُلطة فى محاولة لفض النزاع. وتدعو إلى قيام مناظرة بين الرجال والنساء على أساسها يتم التحكيم بين الجميع.
طاقات ومواهب قدمتها المسرحية
ومن خلال Flashback لقصة «شريف» - شقيق «وليد» زعيم الجمعية - نفهم سبب قصة قيام الجمعية من الأساس، بل نبدأ فى فهم مبررات الرجال لتأسيسها.. وهو ما يعنى أننا لا بُد أن ننتظر لنهاية العرض المسرحى لمعرفة إجابات لبعض الأسئلة مثل: هل للرجل الحق بالفعل فى تلك المطالبات؟. وما الذى ستؤدى إليه تلك المناظرة؟. هل سيستطيع الرجال تحقيق مطالبهم فى النهاية؟ أم أن النساء سينتصرن فى تلك المعركة ؟ هذا ما تدور حوله أحداث مسرحية «المُطلقون»، والمُستوحاة من قصة «جمعية المُطلقون» ل «أروى قدورة»، وقام بتأليفها ومعالجتها مسرحيًا «مروان عمرو»، وقام ببطولتها واخراجها «محمد أشرف»، والتى عُرِضَت على مسرح «الهوسابير» مرتين، آخرها قبل أيام على أن تعرض فى الإسكندرية أيضًا. اعتمدت المسرحية فى تناولها للموضوع المثير للجدل على «الرمزية»، فنحن أمام مجموعة من الرجال ومجموعة أخرى من النساء وبينهما سُلطة. بل إن أسماء بعض الشخصيات هى أسماء رمزية أيضًا ك: «الزعيمة»، «القاضي»، «المذيع / الذى يقوم بنقل أجواء المُناظرة» وغيرها من الأسماء الحركية، وكان يُمكن تبسيط الأمر أكثر إن كان هنالك إغراق أكثر فى الرمزية، خاصةً أن العرض من الممكن أن يتحمل ذلك. شهد العرض إشراك العديد من الممثلين، حتى لو بأسماء شخصياتٍ أُخرى ليست رمزية، حيث قام مثلًا بإبراز دور «شريف / محمد أشرف» – شقيق رئيس الجمعية «وليد» –فى Flashback طويل بعض الشىء – وإن كان مفهومًا ومُبررًا دراميًا نوعًا - وهو ما أدى إلى التشتت والانقطاع للحظات فى المتابعة أو بالأدق متابعة المفهوم أو القضية المُراد ايصالها. والعرض يدخل فيه الكثير من الشخصيات التى ما إن تبدأ حكايتها سرعان ما تنقطع، فكان من الممكن حل ذلك الأمر كله بتكثيف بعض الشخصيات والمَشاهد بإمكانياتٍ قليلة جدًا - خاصةً فى الديكور - يُمكن القول بأننا أمام عرض مُمتع، كوميدي، يُثير الضحك، والأهم من تناوله لقضية جدلية، إلا أن أعضاء «فريق جراند المسرحي» - المسئول عن العرض - فكروا فى أن يُقدموا عرضًا يميل للناحية التجارية لا الفنية، بحيث يصل العرض ومفهومه ومحاولة طرحه لتلك القضية التى يؤمن بها أكبر عدد ممكن من الجمهور، وبالتالى ابتعدوا عن أن يكون العرض فنيًا بحتًا لفئة محددة من الجمهور، وهو شىء يُمكن أخذه بمنطق ايجابى لتفكير أعضاء فرقة ناشئة تميل للتوازن بين الحس الفنى والتجارى معًا. وبالرغم من طول مدة العرض المُبالغ فيه، إلا أنه لا يُمكن أن نُنكر بأنه ملىء بالكثير من الطاقات والمواهب منهم على سبيل المثال لا الحصر : «سوسن محمود»، «سيف الدين محمد»، «أحمد علي»، وغيرهم. شهد العرض شهد أيضًا طاقات فى الغناء، مما يعنى أننا أمام فرقة مسرحية جادة، بالرغم من أن عمرها الفنى قليل، إلا أنها كما هو واضح فأنها كفرقة مسرحية مستقلة تُريد تقديم عروضًا تُناقش قضايا حقيقية، تمس المواطنين بالفعل.