حصل الباحث والشاعر السعودي ياسر بن عبدالرحمن الكلثم على درجة الماجستير بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف من قسم "البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي" بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، في موضوع "البناء الفني في مسرح علي الغريب"، بإشراف الدكتور حبيب بن معلا اللويحق الأستاذ المشارك في القسم. وحول اختياره لمسرح علي الغريب كمجال للبحث في دراسته قال الكلثم: أردت إجلاء النواح الفنية للأدب المسرحي، والكشف عن الجمال فيه شكلا ومضمونا، وبيان مواضع القوة والضعف في بناء النص الأدبي، وما كتبه علي بن محمد الغريب من مسرحيات تندرج تحت عنوان المسرحية جنسا أدبيا جديرا بالدراسة؛ فهو من الأدباء الذين أسهموا بنصيب جيد في مجال الكتابة المسرحية، وجندوا أنفسهم للدفاع عن بعض قضايا المجتمع من خلال مسرحياته المتعددة التي كاد أن يشق بها الطريق لمسرح إسلامي هادف، يحافظ فيه على البناء الفني المعروف عند كتاب المسرحية ونقادها، ويتناول موضوعات متعددة من الواقع حينا، ومن التاريخ حينا آخر. وأضاف: لقد كان في مقدمة الدوافع لاختياري الكتابة عن مسرح الغريب: غيرتُه على الأدب العربي، وتوظيفه فن المسرحية لخدمة قضايا مجتمعه. ومنها كذلك: التزامه بالمنهج الإسلامي في مسرحه، وإسهامه المتميز، ومشاركاته المتنوعة - من حيث الموضوع - في هذا الجنس الأدبي. وأضيف إلى دوافع اختياري أن النقاد والدارسين لم يتناولوا مسرحياته بالنقد والتحليل الكافيين، وقد رأيت أن أكون من المساهمين في الكتابة عن حياته ومسرحياته، وإفراده بدراسة؛ كفاء ما قدم للأدب العربي، وللأجيال المسلمة من أياد بيضاء مشكورة، شاهدة على جهوده، دالة على مشاركته في نفع أبناء أمته. أما أهمية هذه الدراسة فتتمثل في محاولة إلقاء الضوء على الأعمال المسرحية للأديب علي الغريب، من حيث القضايا التي تناولها في مسرحياته، والبناء الفني لهذه المسرحيات. ومن ناحية أخرى فإن الدراسة تحاول أن تميط اللثام عن أحد رواد لون مسرحي في مصر يكاد يكون جديدا؛ لتستكشف مدى الدور الريادي الذي يُمكن أن يُنسب إليه، أو يقوم به؛ بوضعه على محك معايير التأليف في مجال المسرح المعاصر. ومن ثم يُمكن مناقشة ماتوصل إليه الغريب من جديد في البناء الفني لمسرحياته، وذلك من خلال ما ستكشف عنه الدراسة لبعض نماذج من أعماله المسرحية. وحول أهداف الدراسة قال الكلثم يمكن تلخيص محاور الدراسة فيما يلي: التعريف بالأديب المسرحي علي بن محمد علي الغريب(حياته وأدبه)، بيان القضايا الدينية والفكرية والاجتماعية التي تناولها في مسرحياته، والكشف عن طرق الغريب في البناء الفني المسرحي من مكوناته الأساسية: الشخصيات، الحوار، الحدث، الحبكة،الصراع، العقدة، الحل. وكذلك الوقوف على أنواع الشخصيات المسرحية، وأبعادها، وما تمثله من رموز، وبيان لغة الحوار ومدى مناسبتها للشخصيات الناطقة بها. وجاءت هذه الدراسة بعنوان: البناء الفني في مسرح علي الغريب، وهي من حيث الموضوع تهدف إلى توضيح العناصر الفنية في مسرحياته، والأسس التي بنيت عليها هذه العناصر، وما ترابطت به؛ ليقوم عليها البناء المسرحي الذي يتشكل من تفاعل الأحداث والشخصيات والصراع والتحامها في عمل متكامل، وسارت الدراسة وفق مخطط مكون من تمهيد، وأربعة فصول، فأما التمهيد فيشتمل على البناء الفني للمسرحية (مفهومه وعناصره)، وفيه تعداد للأسس الفنية التي تقوم عليها المسرحية مثل: الشخصية الرئيسية، والحدث، والحبكة،العقدة، الصراع، الحوار، وأخيراً الحلّ. وبيان بنية المسرحية، وبني القسم الثاني من التمهيد على ما يوضح علي بن محمد علي الغريب (حياته وأدبه)، وفيه إيجاز لحياته الأدبية، من ناحية التحصيل العلمي والثقافة،والعمل،وعرض لأعماله المسرحية مبينا موضوعاتها وأهميتها. وجاء الفصل الأول بعنوان القضايا في مسرح الغريب، وتم فيه بحث القضايا الدينية والقضايا الفكرية والقضايا الاجتماعية. تناول المبحث الأول (القضايا الدينية) ما ركز عليه الغريب في مسرحياته من قضايا دينية شملت الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، ومحاربة الفساد والرذيلة، والوقوف في وجه حركة المد الغربي والغزو الفكري الذي يهدف إلى إضعاف عقيدة الإسلام، وتشويه تعاليمه، ونشر الانحلال الخلقي في نفوس أبنائه. وتطرق المبحث الثاني (القضايا الفكرية) إلى ما أوضحه الغريب من المتغيرات التي شهدها الوطن العربي، ولا سيما تلك التي حدثت على الصعيد السياسي، وما يتبع ذلك من أحداث في المجال الاجتماعي والثقافي والاقتصادي؛ حيث يؤكد أن المسرح لا يمكن أن يكون بمعزل عن هذه المتغيرات. وعرض المبحث الثالث (القضايا الاجتماعية) أبرز الظواهر والمضامين التي وردت في مسرح الغريب، وتعالج قضايا اجتماعية سادت في المجتمع المصري مثل: الظلم الاجتماعي، والصراع بين القديم والجديد، وقضية التعليم والجهل، والمرأة وما يدور حولها. وجاء الفصل الثاني في بناء الحدث وما يشتمل عليه من حبكة وصراع، وقد عرض المبحث الأول بعنوان (الحدث) تعريف الحدث، وأنواعه،وما جاء عند محمد بن علي الغريب من أنواع هذا الحدث، وما يتميز به من صراع ينشأ بين بعض شخصيات المسرحية، ومدى ارتباطه بالأحداث اليومي. أما المبحث الثاني (الحبكة) ففيه مفهوم الحبكة باعتبارها مخطط الحوادث، أو نظام ترتيبها الذي يقود إلى نهاية المسرحية، وبيان ماجاءفيها من تنظيم أو تصميم أنتج مزيداً من الإثارة والتوقع لنهاية الصراع من خلال ثلاثة أنواع من الحبكات هي:الحبكة البسيطة أوالحبكة المركبة، و المفردة أو المزدوج، والمحكمة أو المهلهلة. وكيف استطاع الغريب أن يجعلها مرتبطة بالأحداث. والمبحث الثالث (الصراع) وفيه عرض لمفهوم الصراع في المسرحية، ومدى ظهوره في مسرحيات الغريب، وما ظهر من صراع اجتماعي بين الإنسان وما يحدثه الزمن من تغيرات كثيرا ما يقف الإنسان ضدها في مختلف نواحي الحياة الدينية الاجتماعية والأخلاقية والدينية، وبيان ما اتسم به الصراع قي مسرحيات الغريب. وقال الكلثم: تناولت في الفصل الثالث بناء الشخصية، مبينا أنواعها وأبعادها ورمزيتها، ففي المبحث الأول(أنواع الشخصية) مفهوم الشخصية، ودورها في حمل أحداث المسرحية، و أنواع الشخصيات في مسرح الغريب ؛ حيث بدت نماذج بشرية تقوم بتنفيذ الأحداث، وعلى ألسنتها يدور الحوار، وهي محورية: وذلك بحجم الدور الذي تنهض به، وثانوية تعاون الشخصية الرئيسية. ومن حيث التطور فقد بدت عند الغريب ثابتة أحيانا لا تتغير عبر فصول المسرحية، ونامية متطورة أحيانا أخرى، وقد كثرت في مسرحياته الوطنية والاجتماعية. أما المبحث الثاني (أبعاد الشخصية) فيلخص الجوانب الشكلية مثل: الطول والقصر، والمظهر ودلالته في تجسيد الدور الذي تؤديه الشخصية، و المستوى الاجتماعي الذي تنتمي إليه الشخصيات، و الجوانب النفسية، مثل الحب والكره، والرضا والغضب، وما وسم به الغريب شخصياته من انفعالات نفسية عملت على توضيح الدور الذي تقوم به. وفي المبحث الثالث (الرمز) عرض للرموز في مسرحيات الغريب، وأعني بذلك ما ترمز إليه الشخصية وما تقوم بتجسيده من شخصيات دينية،وسياسية. وأضاف: في الفصل الرابع (بناء اللغة) أشارت الدراسة إلى مفهوم الحوار، وواقعيته في مسرحيات الغريب وقضايا اللغة بلاغة وتأرجحا بين ثنائية الفصحى والعامية في مسرح الغريب. وكان المبحث الأول(الحوار) ويتناول مفهوم الحوار، وواقعيته في مسرحيات الغريب ؛ حيث تنبع واقعيته من دقة تمثيله للصراع وطبائع الأفراد والأفكار لا من مجرد فصاحته اللغوية، وتلك هي الواقعية التي سأوضحها في الحوار مبينا مدى ارتباطه بالشخصيات وزمان ومكان الحدث باعتباره المظهر الحسي للمسرحية الذي يصل الى الصراع، حيث أنهما العنصران اللذان يميزان فن المسرحية. والمبحث الثاني (قضايا اللغة ) وفيه توضيح لقدرة الغريب على عرض بعض الوجوه البلاغية في لغته، ودون أن يخل ذلك بوظيفة اللغة في التعبير عن الأحداث، وبمدى توظيف الأديب للفصحى والعامية في آن واحد في التعبير عن أفكار المسرحية, وختمت الدراسة بخاتمة ونتائج بينت خلاصتها، وما توصلت إليه، ووضعت بعد ذلك قائمة بمراجع ومصادر البحث وفهرس الموضوعات. وقال الباحث: اعتمدت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي؛ فالوصفي يتناسب مع عرض الموضوع، والتحليلي يفيد في مناقشة المسرحيات التي كتبها الأديب المسرحي، وكذلك في تحليل العناصر الفنية لهذه المسرحيات، وآلية بنائها الفني.