يحظى الفنان كريم عبدالعزيز بنجومية كبيرة، يزداد حجمها يوما بعد يوم بسبب حب الناس له، وإجادته للتعامل معهم على مدار مسيرته الفنية الممتدة لأكثر من 20 عاما، فهو بالفعل «واحد من الناس» بكل طبقاتهم، لذلك ليست روح الفنان فحسب التى تنتشر حوله كالهالة، بل أيضا الإنسان، المواطن، الممثل والمشاهد والناقد لنفسه فى الوقت ذاته. على هامش تكريمه من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، فى دورته ال 43، وتسلمه جائزة الفنانة الراحلة فاتن حمامة، تحدث كريم عبدالعزيز لمجلة «صباح الخير» عن تفاصيل أعماله الجديدة، ورأيه فى العديد من القضايا، وكواليس استعداده للمشاركة فى «الاختيار 3»، فضلا عن سر نجاح علاقته بالجمهور حتى الآن. لماذا استمر تصوير فيلم «كيرة والجن» لأكثر من عامين؟ نحن بدأنا التصوير فى ديسمبر 2019، وبعدها بشهرين حدثت جائحة كورونا، فتوقف التصوير لفترة كبيرة، خاصة أنه كان يجب السفر لبلدان أخرى كالمجر وكرواتيا، لكن تم حظر الطيران بسبب كورونا فاستمر التوقف لفترات أطول. أيضا نظرا لأن «كيرة والجن» عمل تاريخى، أى يرجع إلى عصر قديم منذ أكثر من مائة عام، فبالتالى تنفيذه صعب جدا، لأنه يعتمد على ملابس وديكورات بتفاصيل دقيقة، فالأعمال التاريخية تحتاج لإنتاج وجهد أكبر من غيرها من الأعمال الفنية العادية، لكن من المقرر أن يتم تصوير آخر مشاهد الفيلم فى نهاية شهر نوفمبر الحالى. كيف ترى تعاونك للمرة الثالثة مع الروائى «أحمد مراد»؟ أنا أحب أحمد مراد جدا على المستويين الفنى والإنسانى، هو أديب وكاتب سيناريو موهوب ومثقف جدا، ودائما لديه بُعد غير مرئى للجمهور بحكم قراءته ودراسته. أنا أستمتع للغاية بالشخصيات التى يقدمها لى أحمد مراد، ف«يحيى راشد» فى «الفيل الأزرق» و «أحمد عبدالحي» فى «كيرة والجن» من أقرب الشخصيات لقلبى.. أكون فى منتهى المتعة وأنا أعمل معه. هل ترى التعاون بينك وبين أحمد مراد ومروان حامد يشبه تكرار الثلاثى عادل إمام ووحيد حامد وشريف عرفة؟ يكون لنا الشرف لو هذا حدث، هو غير مقصود لكن نتمنى أن نكون مثل هؤلاء العظماء الثلاثة، هم أسماء كبيرة جداً فى سماء الفن المصرى. من وجهة نظرك كيف أثرت أزمة كورونا على السينما؟ السينما من بعد «كورونا» مختلفة، وفكرة المنصات مثل «شاهد» و«Watch iT» ونتفليكس أخذت حيزا كبيرا جدا. مع المحررة أثناء الحوار
ما تفسيرك لإعجاب الجمهور بفيلم «نادى الرجال السري» أكثر من «البعض لا يذهب للمأذون مرتين»؟ أنا اندهشت جدا، وبالفعل «نادى الرجال السري» نجح أكثر من «البعض لا يذهب للمأذون مرتين»، وأحدث صدى أكثر لدى الجمهور. أعتقد السبب فى ذلك أنه فى نفس التوجه الاجتماعى «الزوج والزوجة»، أو أنا تجرأت شوية فى الكوميديا أكثر من «نادى الرجال السري»، لكن فى النهاية نحن نقدم فنا للجمهور ونحترم رأيه. ألم تقلق من هجوم الإخوان عليك بعد مسلسل «الاختيار 2»؟ حدث طبعا وهاجمونا، لكننا نقوم بعمل محترم لبلدنا، ولدينا قناعة وإيمان تام به، والحمد لله المسلسل وصل للناس، وأكثر شىء أسعدنى شخصيا أنه وصل للجيل الجديد بدءا من عمر 10 سنوات، وهذا أمر عظيم بالتأكيد، فمثلا جيلى تشكّل سياسيا ودينيا وفكريا على نحو جيد وبالتالى بعد هذا التأسيس من الصعب أن يهتز المعتقد لديه، بينما الجيل الجديد نحتاج أن نجعله يشاهد ويتأثر، هذا هو النجاح الحقيقى. ما طبيعة دورك فى مسلسل «الاختيار 3»؟ نفس الشخصية فى «الاختيار 2»، أى استكمال لشخصية «زكريا يونس». هل أفسدت السوشيال ميديا العلاقة بين الفنان وجمهوره؟ لا أعتقد ذلك، بل بالعكس هناك فنانون ازدادت نجوميتهم وقربهم من الناس من خلال السوشيال ميديا. أما عن تدخل الجمهور فى حياة الفنان، فلا أحد ينكر أنه بعد السوشيال ميديا أصبح الأمر به حرية كبيرة للتدخل فى الحياة الخاصة، وللأسف أصبح هناك نوع من النقد به ألفاظ لا يجب أن تقال لأى إنسان وليس للفنان فقط. لذلك أرى أن الجمهور أخذ تلك المساحة الكبيرة من الحرية بعد الثورات، نظراً لأن ظهور السوشيال ميديا تزامن مع الثورات وفكرة كسر التابوهات وكسر العادة، وبالتالى كلاهما أدى لطريقة النقد هذه. ورغم ذلك تراها مهمة فى حياة الفنان؟ بالطبع، هى شىء مفيد جدا، وأنا لست ضد السوشيال ميديا إطلاقا، لكن أنا بطبيعتى لا أستطيع التعامل معها بشكل يومى وباعتبارها شيئا أساسيا فى حياتى، أنا أحترم خصوصية الفنان وأحب أن أظهر للناس بعمل أو فى برنامج أو بموقف مهم، أى أنه لا بد من وجود سبب للظهور وليس الظهور من أجل الظهور.. «يعنى ميبقاش على الفاضى والمليان». لمن تقرأ؟ أقرأ لنجيب محفوظ ويوسف السباعى ويوسف إدريس وإحسان عبدالقدوس، أما آخر رواية سأبدأ فى قراءتها فهى «بير الوطاويط» لأحمد مراد. بما أنك قارئ جيد لنجيب محفوظ، ما الرواية التى شعرت أنك ترغب فى تجسيدها فنيا؟ نجيب محفوظ أعماله كثيرة جدا، لكننى أحب أن «ألعب» دور يحيى شاهين فى «بين القصرين»، وأيضا «السمان والخريف» حدوتة حلوة. هل تتدخل برأيك فى عمل المخرج أم تترك الأمور له من البداية؟ أنا أقول رأيى فى البداية للمخرج وللمؤلف، ونتناقش بشكل راق، وإما أن أقنعه أو يقنعنى، دائما الصح هو اللى لازم يتعمل، وفى كثير من الأوقات أقول وجهة نظرى ويؤخذ بها فعلا، وأوقات كثيرة أخرى أعتذر وأغيّر وجهة نظرى عندما أقتنع بوجهة النظر الأخرى، باختصار الفيلم مثل المركب ليس مهما من الذى يُجدف المهم أن تصل المركب. أنت ابن مين فى مصر «فنياً»؟ أنا ابن مصر كلها، ابن الشارع، وفلوسى وعربياتى وتعليم أبنائى من الشعب المصرى، وبالمناسبة هذه الجملة قالها «عادل إمام» لكن عندما كبرت لا أجد جملة مناسبة أكثر منها لأعبر بها، فكلام أستاذ عادل صحيح، «الشعب المصرى هو اللى بيصرف علينا»، لأن مهنتنا تعتمد على الجمهور، وبالتالى أنا ابن الشعب المصرى كله. ما الذى تعلمته من محنة مرضك؟ أنا مؤمن وراضٍ دوما لأنه تم تأسيسى دينيا بشكل صحيح، ووالله لم أخش الموت وقتها، بل كنت أشعر دوما برحمة الله، صحيح إنها كانت من أصعب لحظات حياتى، لكننى متصالح مع العالم الآخر جدا ولا أخاف أو أقلق منه، كل ما فكرت فيه وقتها أولادى.. «كان همى همهم لكن أنا راضي». ما الرسالة التى تريد تقديمها للناس عن طريق الفن؟ أنا «مشخصاتي» تربيت على الفن ودرسته أيضا، شىء مقدس لدينا فى العائلة، ورسالتى أن أقدم تاريخا مشرفا وأعمالا تمس بلدى وشعبى، لا أقصد أعمالا وطنية فقط ولكن أقدم أعمالا تمس البيوت. ميزة الفن أن الذى يدخل هذا العالم لا يموت، إلى الآن نرى أعمال «رشدى أباظة» و«سعاد حسني» ونسمع لأم كلثوم، رحلوا بأجسادهم لكن ستظل أعمالهم تخلدهم، الفن سلاح خطير جداً وغير قابل للهزار أو التعامل معه باستخفاف، بدليل أن هناك دولا كثيرة تستخدمه فى غزو بلاد أخرى فكريا. الفن نبض الشارع، وتوعية ومتعة وتشكيل وتأثير وتغيير أفكار.. الفن يدخل تحت الجلد دون استئذان.