بالرغم من تعدد أدوار المرأة وما تقوم به فى البيت، والعمل، واحتوائها لعائلتها بكل جدارة، غير تحملها لمتاعب الحمل والولادة والرضاعة؛ فإنها قد تخفى وراء كل هذا النشاط والإتقان ألمًا نفسيًا لا تصرح به حتى تصل فى بعض الأحيان لمراحل من الاكتئاب. كثير من الدراسات اهتمت بالحالة النفسية للنساء مع تردد كثير من الأسئلة فى مجتمعاتنا على رأسها «هل صحيح أن الست نكدية بطبيعتها؟! أم أن المرأة عمومًا أكثر عرضة للاكتئاب وتغيرات المزاج مقارنة بالرجال؟!» وما هى الأسباب التى تؤدى لوقوع المرأة فى مراحل الاكتئاب؟! هل هو ضغط المجتمع!؟ أم أنه مرتبط بطبيعتها الأنثوية؟! وهل لأسلوب تربيتها فى مجتمعاتنا علاقة؟!
الأمومة سبب الإكتئاب
تقرير بمجلة سايكولوجى توداى psychology today للبروفيسور روب ويتلى تحدَّث عن قرار منظمة الصحة العالمية اختيار مرض الاكتئاب مرض عام 2017 بهدف رفع مستوى الوعى به وكيف أنه أحد أسباب الإعاقة فى جميع دول العالم بتأثيره المدمر على حياة المصاب. وأشارت الأبحاث إلى أن انتشار الاكتئاب أقل كثيرًا بين الرجال عن النساء، وأن حدة الأعراض أخف لدى الرجال. وعرض التقرير دراسة أخرى تؤكد أن النساء أكثر اعترافًا من الرجال بتعرضهم للاكتئاب فلا تظهر كثيرًا أعراض اكتئاب الرجال بالمقارنة بالنساء خاصة أن وسائل الرجال فى التنفيس عن اكتئابهم تؤثر على امتصاص بعض الأعراض، بينما يميل النساء إلى التصرف داخليًا كالشعور بالعجز أو انعدام القيمة والفراغ. وفى دراسة أخرى فى صحيفة «ديلى ميل البريطانية» أن النساء اللواتى يعملن أكثر من 55 ساعة فى الأسبوع، أكثر عرضة للاكتئاب، مقارنة بالنساء اللاتى يعملن مدة تتراوح من 35 إلى 40 ساعة فى الأسبوع. وكشفت الدراسة، أن الرجال الذين يعملون لساعات طويلة، لم يصابوا بالاكتئاب، لكنهم كانوا أكثر عرضة للمشاكل إذا عملوا فى عطلات نهاية الأسبوع. ويعرف مرض الاكتئاب بأنه اضطراب المزاج الذى يسبب شعورًا متواصلًا بالحزن، وفقدان المتعة، والاهتمام بالأمور المعتادة، ونقص التركيز. وقد يكون مصحوبًا بالشعور بالذنب، وعدم الأهمية، ونقص تقدير الذات. وحسب موقع وزارة الصحة المصرية الإليكترونى، يصيب الاكتئاب النساء بنسبة أكبر من الرجال، وتصل حالات الإصابة به إلى الضعف بين النساء مقارنة بالرجال؛ مع الإشارة إلى نسب الإصابة فى النساء بما يسمى اكتئابًا. خلال السطور القادمة نحاول أن نصل لأسباب تأثر المرأة وتعرضها للاكتئاب أكثر من الرجال، مع محاولة الوصول لروشتة نفسية تحمى النساء من هذا المرض. ضعف الرجالة!! تؤكد الدكتورة شهيرة سامى استشارى الطب النفسى أن نسبة الاكتئاب عند المرأة بالمقارنة بالرجل 2 إلى 1 بمعنى أن أعداد النساء المكتئبات ضعف الرجال، وتُرجع ذلك لعدة أسباب فتقول: أولًا إلى اختلاف الهرمونات مما يؤدى إلى تقلب أكثر فى مزاج المرأة وتغيراتها النفسية، فقبل الدورة الشهرية بأيام تكون فترة عصيبة نفسيًا،كذلك الحمل والولادة وتغير مستوى الهرمونات فى جسمها يؤثر على الحالة النفسية. تكمل: «مع اقتراب سن انقطاع الدورة الشهرية تحدث تغيرات حادة فى مزاج ونفسية المرأة، كلها عوامل تزيد من نسب تعرضها للاكتئاب». وتضيف الدكتورة شهيرة سامى: «ولكن نلاحظ أن كل تلك العوامل لا تمنع المرأة من القيام بواجباتها فتظهر أقوى من الرجال، حتى مع مشاعرها بالأزمات النفسية، إضافة إلى أن غريزة الأمومة القوية تدفعها حتى وإن كانت مرهقة نفسيًا أو مكتئبة إلى أن تتفاعل وتقوم بأدوارها.
أنوثة المرأة سبب الاكتئاب
اكتئاب موسمى حسب الدراسات، فإن المرأة أكثر إصابة بالاكتئاب الموسمى مقارنة بالرجال أيضًا، والأسباب كما شرحتها الدكتورة منى أبوطيرة، أستاذ علم نفس بكلية الآداب جامعة عين شمس «حساسيتها الزائدة الناتجة من التغيرات الهرمونية بما يصاحبها من أعراض: اضطراب النوم (الأرق) تأثرا بتغير مادة الميلاتونين، فضلا عن تذبذب الحالة الانفعالية، مما يدفعها أحيانًا إلى الغضب والثورة لأقل الأسباب، وكذلك يبدو تفكيرها مشوشا غير منظم، ينعكس فى أخذ قرارات غير منطقية فى بعض الأوقات، وهذه الأعراض تظهر فى بداية تغير الفصول، وتصيب فى الأغلب الشخصية الاكتئابية، ما يحتاج إلى التدخل الطبى للمساعدة فى مواجهة الضغوط التى تتعرض لها النساء أثناء تغير الفصول، وحسب د. منى فإن نسبة كبيرة من السيدات لا يدركن ما يحدث ما قد يؤدى إلى تدهور الحالة إلى ما هو أبعد من أعراض موسمية». السبب فى التنشئة أما الدكتورة نيرة شوشة مدرس علم النفس الاجتماعى بجامعة القاهرة فترى أن السبب فى زيادة نسب الاكتئاب لدى النساء راجع لأسلوب التربية والتنشئة فتقول: «طبيعة تنشئة الستات بتختلف كتير عن تنشئة الرجال، فالستات بتتربى أنها تكون انفعالية وحساسة ورقيقة وهشة وتعبر عن مشاعرها وانفعالاتها، مقابل أن الرجل يتربى على أن يكون قوى ويتحكم فى مشاعره وتصل أحيانًا لحد كبتها». تكمل: بالتالى يكون لدى الستات درجة مرتفعة من القابلية للإيحاء والتأثر بما يحدث حولهن. لذلك من الممكن أن حدثًا بسيطًا يترك أثرًا عميقًا فى نفسية المرأة، وهو ما يتوقف بشكل كبير على طريقة التربية. نوبات العمل مشكلة خطيرة تقابل السيدات العاملات فى نظر الدكتورة نيرة شوشة وتجعلهن أكثر عرضة للاكتئاب توضحها قائلة: «نوبة العمل الثانية، فالست مطلوب منها تكون «شاطرة فى شغلها» ومحققة ذاتها، وكمان توصل لمناصب عليا لو كانت طموحة، ومطلوب منها فى نفس الوقت أن تقوم بدورها الأساسى كزوجة وأم، فبالتالى المرأة العاملة يومها مليء بالمهام التي تقوم بها بمفردها بينما يتوقع المجتمع من الرجل أنه عائل الأسرة والحامى والقوى وكل الصفات ذات الفعالية والكفاءة».. وتضيف: «طبعا مطلوب من الست إضافة إلى كل تلك المهام الحفاظ على مظهرها وعلى شكلها؟! تخيلى كل هذه المهام على عاتق الست»!!! وتنصح الدكتورة نيرة شوشة كل امرأة بعدة نصائح للوقاية من الاكتئاب فتقول: «أولًا لا بُد تعمل يوم لنفسها، ونسميه يوم تجديد الطاقة..ولو كان صعبًا فعلى الأقل يكون فيه وقت من اليوم مخصص تمارس فيه هوايتها، أو تشوف صحابها، أو تقوم بشىء تحبه مهما كان بسيطًا». ثانيًا، لا بُد من توزيع المهام، فبدل ما الست يكون عليها كل المهام لازم تبدأ تتناقش مع شريك الحياة فى مشاركة المسئوليات ولا مانع أن الست تبدأ بالأمور السهلة، فتشرك زوجها فى كل ما يتعلق بالبيت والأولاد لأن طالما هى تبرر عدم اشراكه «جاى تعبان مش هتقل عليه»، فهو سيشعر أنه ليس هناك أزمات، أو أنها سوبر وومن وطالما مش بتشتكى «يبقى الأمن مستتب»!! ثالثًا، فى حالة ما إذا الست شعرت بأنها غير قادرة على تنظيم حياتها أو بضغط نفسى أو محتاجة لمساندة يجب فورًا اللجوء لمتخصص، لا يجب الانتظار حتى تتفاقم الحالة فأحيانًا نكون فى حاجة إلى من يسمعنا فقط حتى لا نصل للانفجار».