مع صباح كل يوم جديد، يذهب «على» لمحل الورد مشروعه الخاص، يتسلم الورود المقطوفة لتوها، ويبدأ فى تنسيقها بالمحل. فى فتارين العرض ورفوفه يرسم لوحة فنية، تفوح منها رائحة «الحياة»، فبمجرد مرورك بجانبه يأخذك إلى عالم آخر تشيع فيه أجواء البهجة والهدوء. «مجلة صباح الخير» التقت «على» للتعرف على كواليس حياة بائع ورد، بداية من شروق الشمس وحتى المساء. حكى «على»: أبيع كل جديد و«فريش». بائع الورد يبيع «روح» مرتبطة بمدة زمنية. الورد سلعة رقيقة وسرعان ما تفسد، لذلك أعانى بعض الأحيان من كثرة الفاقد، خصوصا أن أغلب بضاعتى أعتمد على الورد ذى القطفة الأولى، ولا أبيع لزبائنى وردًا مر عليه أكثر من يوم حفاظًا على سمعتى. وتابع: أعمل فى بيع الورود منذ صغرى، ورثت المهنة أبًا عن جد، وأحبها لأقصى درجة، ولا أستطيع أن أمارس غيرها فى الحياة، فهى مهنتى وهوايتى فى آن واحد. ويقول: أهم ما يُميِّز العمل فى بيع الورود الراحة النفسية التى تشعر بها خلال ساعات العمل، فأنا أعمل فى شىء جميل، صحيح بيع الورود مهنة شاقة، إلا أن «الشقا» فيها «شقا» ممتع ولذيذ، لأنها معتمدة على تقدير وتذوق الجمال. وللورد لغة خاصة يمكن من خلاله التعبير عن مشاعر كثيرة كامنة بداخلنا دون كلام، فهو يصل بين القلوب والعقول أيضًا، كما أنه يمحو الاختلافات ويتجاوز الخلافات بين الناس.. الورد شىء حقيقى وطبيعى، والمشاعر التى يعبر عنها صادقة وحقيقية. يقول على: مهما كانت صعوبة وتسلط شخصية ما فيستطيع الورد تسهيل التعامل معها، وعندما تقع مشكلة بين زوج وزوجته، فإنه يستطيع أن يتجاوز هذا الخلاف ببوكيه، دون أن يتحدث بكلمة واحدة. فالأثر النفسى للورد كبير ويستطيع أن يفعل ما لا يقدر على فعله أحد حتى فى الأحداث الجادة مثل المناقشات العلمية، فوجوده يعطى نوعًا من الترحيب ودفء الاستقبال، كما أن الورد داخل قاعات الأفراح وأماكن الاحتفال بشكل عام يضفى نوعًا من البهجة والمرح، ففى الورد طاقة تنتقل إلى الآخرين. يكمل على: على الرغم من أننى أعمل فى بيع الورود منذ صغرى، فإنه لو أهدانى شخص ما وردة سيكون لها طابع خاص. وعن كيفية تنسيق البوكيهات بأشكال جديدة وعصرية، أشار على إلى أن شكل البوكيه يجب أن يخطفنا منذ الوهلة الأولى، وهذا يتطلب الحس والذوق العالى لأن هناك أنواعًا معينة من الورود يتم تنسيقها بشكل معين، وورودا أخرى بألوان مختلفة تحتاج إلى طريقة خاصة لوضعها فى البوكيه وتنسيقها بشروط خاصة، ويتقن بائع الورود هذه التفاصيل بكثرة الممارسة والتعرف على المناسبة وشخصية الزبون، وكل بنى آدم له مناسباته الخاصة، وله ذوقه الخاص ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع، لذلك يجب أن أراعى عند تكوين البوكيه ذوق المشترى مع مراعاة طبيعة المناسبة، سواء صلحًا بين زوج وزوجته أو هدية للأم أو بوكيه صداقة، وهذا يختلف عن بوكيه لإحدى المناقشات العلمية والمؤتمرات. هناك ألوان للورود تعطى إيحاءات ومشاعر معينة، فمثلا الورد الأبيض يوحى بالراحة والطمأنينة والأصفر يوحى بالغيرة، والأحمر يعبر عن الحب، واللون الموف يتناسب أكثر مع الأحزان ومناسبات العزاء، وتجهيز طلبية لسفارة أو بنك أو شركة أراعى ألوانا معينة تتناسب مع لون الشعار، ولكن أغلب الألوان المستخدمة عندى هى الأبيض والأصفر. وعن أكثر أنواع الورود التى يقبل الناس على شرائها، يقول على: الورد البلدى يتربع على عرش قائمة البيع، لأنه أكثر الأنواع رائحة جذابة وزكية، كما أنه يظل فترة طويلة محتفظًا برونقه ورائحته، يليه الزنبق، الذى يقبل الكثيرون عليه نظرا لرائحته لإضافة عطر طبيعى ولمسة خاصة للمكان. أما ورد الجورى والليليوم فله زبونه الخاص ويتم الطلب عليه بصورة كبيرة لوضعه داخل المكاتب، حيث إنه يمكن أن يظل بحالة جيدة لمدة 20 يومًا، إضافة إلى «عصفور الجنة» الذى يضفى إطلالة خاصة لألوانه الكثيرة المتناسقة فى وردة واحدة. وعن روتين العناية اليومية فنصح على المشترين بأن يضعوا الورد فى إناء به ماء مع تغييره يوميًا والقص من أسفل الورد قدر 1 سم، أو إضافة ماء مع قليل من الكلور بنسبة 4 سم على لتر ماء دون الحاجة إلى تغيير الماء، حيث إن الكلور يحمى من تكوين بكتيريا داخل زهرية الورد، وذلك للحفاظ على زهو الورد ورونقه والحفاظ عليه لفترة طويلة. وعن سبب اختلاف أسعار الورد وتباينها من محل لآخر، قال على: يتوقف ذلك على نوع الورد المعروض، وإن كان فرزًا أول أو ثانيًا أو ثالثًا أو حتى رابعًا. ونوه على عن تشابه محلات الورد فيما تعرضه من أنواع، وللأسف هناك من يتعمد البيع بأسعار مبالغ فيها، ما يعطى فكرة سلبية لدى المشترين، كما أنه يتسبب فى مشاكل لبعض محلات الورد فى تقدير قيمة الضرائب المستحقة. أكثر المشاكل التى تواجه بائع الورد هى كثرة الهادر لأن الورد من السلع سريعة التلف، وحسبما قال على: لا يمكن أن أبيع «ورد ذبلان أو مجهد» وهو ما يتسبب لى فى الخسارة. وأضاف على: هناك مواسم يعمل فيها محل الورد بشكل جيد، مثل عيد الأم وعيد الربيع وعيد الحب، أزمة كورونا كانت من أصعب الفترات، فحركة البيع كانت راكدة والهادر منه كان كثيرًا، إضافة إلى أن الصيف من المواسم غير المحببة نظرا لأن الورد يفسد سريعًا بسبب ارتفاع الحرارة. وجه على رسالة للمبتدئين فى شراء الورد، ونصحهم بالتجول داخل المحلات قبل الشراء والسؤال عن أسماء الورود ومعرفة ظروف حياة كل نوع لإبقائه أطول فترة نضرًا وزاهى اللون وفواح الرائحة.