أحمد أمين عرفات «يا ورد مين يشتريك وللحبيب يهديك.. يهدي إليك الأمل والهوى والقبل» هكذا تغني محمد عبد الوهاب، في أوائل الأربعينيات من القرن الماضي من ألحانه وكلمات بشارة الخوري في فيلم «يوم سعيد»، هذه الأغنية التي لخصت دور الورود ورسالتها بين الأحباء، وكيف أنها أفضل رسول يحمل معه الأمل والهوى والقبلات لمن تصله. وبرغم مرور كل هذا السنوات عليها، مازالت هذه الأغنية تشنف آذاننا، ولا يزال السؤال الذي طرحته يتردد عن نوعية من يشترون الورود، وهل اختلفوا عما كانت عليه الحال في السابق؟ حاولنا الوصول للإجابة عن هذا السؤال فذهبنا إلى أحد محلات بيع الزهور لنسأل «ياورد مين يشتريك». وسط الورود بكل أنواعها وأشكالها ورائحتها التي تفوح في كل أرجاء المكان، جلسنا مع فوزي محمد «بائع ورد» كما يحلو له أن يناديه الناس متفاخرا بأنه يكفيه أن يرتبط اسمه بالورد برغم أنه خريج كلية التجارة، والذي بدأ حديثه معنا قائلا: في الربيع كل ما نتمناه في الورد نجده فيه، لأنه موسمه الرئيسي، حيث تعمل أشجاره بكامل طاقتها وتكون في أحسن حالاتها، فلا يقتصر الأمر فقط على زهاء الألوان كالموف والأبيض والأحمر وغيرها، أو على تعدد الأنواع مثل الورد البلدي والقرنفل والجربيرا والليلي عصفور الجنة بلونيه الأورنج و الأزرق وغيرها، بل تكون رائحته في قمة فواحانها، حيث تخفت وتضعف طوال السنة، وبالتالي فهو الموسم الوحيد الذي تجد فيه رائحة للورد، وخصوصا الورد البلدي، والفل والياسمين وكل الورود التي تفوح رائحتها، لذلك يكون الإقبال عليها كبيرا نظرا لاشتياق الناس لها ولكي يتمتعوا بها قبل أن تفقد رونقها بمرور موسم الربيع. وعن مدى تزايد نسبة الإقبال على شراء الورد في الربيع دون باقي السنة، أشار بأنها بالطبع تزيد لوجود أكثر من مناسبة فيه، فعلاوة على عيد الربيع نفسه، هناك عيد الأم حيث أصبح الدخول على الأم، بوردة هو أجمل تعبير عن الحب بجانب الهدية. وبالنسبة لأهم أنواع الورد التي يزداد الطلب عليها قال: الورد البلدي بالطبع هو ملك الورود فى مصر، والكل يطلبه مهما كان المستوي المادي، فالبسطاء يمكنهم شراءه فالورده منه بحوالى 2 جنية، بينما الفئات القادرة ماديا "الكلاس" فهي تطلب الورد شبه البلدى الذي تبدأ أسعاره من 5 جنيهات للوردة، وقد تصل إلى 140 جنيها على حسب طولها وحجم كأسها. في أثناء ذلك دخلت فتاة تسأل عن التوليب، فسألناها لماذا تحديدا هذا النوع؟ فقالت لأنني أحب شكله جدا ولذلك جئت أسأل عنه، وبعد مغادرتها المحل واصل بائع الورد حديثه لنا فقال: التوليب واليليام أيضا من الورود المطلوبة لجمال شكلها، والتوليب تحديدا يتم طلبه بكثرة في حفلات الزفاف، حيث تمسك به العروس، فهو بالنسبة لباقي الورود يعتبر النسمة الرقيقة، ونحن نأتي به من أوروبا وتحديدا جوهانسبرج، ويعد من من الزهور القليلة والنادرة ولها قيمتها عند بعض الناس وخصوصا الأوساط الراقية، لذلك نقوم باستيراده، ويصل سعر زهرته عندما يكون متوفرا 10 جنيهات وأحيانا إلى نحو 30 جنيها. وعن أغلى أنواع الورد قال: هناك العديد ولكن تأتي زهرة الأوركيد في مقدمتها ويندرج تحتها حوالى 3 آلاف، وتزرع بكثرة فى العديد من دول العالم ولكن أشهرهم جوهانسبرج، وتعد أغلى أنواع الورود، فالزهرة يتراوح سعرها من 150 إلى 200 جنيه، ويأتي غلو سعرها بسبب أنها تعيش لفترة تصل إلى نحو شهر, يليها زهرة الليلي التي تبدأ من 15 جنيها للزهرة وحتى 75 جنيها. هل هناك نوعية تحرص على شراء الورد بصفة مستمرة؟ أجاب فوزي: هذه الأيام أصبح هناك إقبال عما كانت عليه الحال من قبل، فأنا أعمل في هذه المهنة منذ 15 سنة وقد ورثتها عن أبي، وأرى أن الكثيرين الآن لديهم ثقافة حب الورد، وقد أسهم النت وصفحات التواصل في ذلك، فالورد أصبح لغة مشتركة بينهم في مناسباتهم، لكن لم يكتفوا بذلك بل تحول الأمر إلى شراء بالفعل، وهناك أشخاص لا يمكن أن يمر أسبوع دون شرائه،حيث يستخدمونه بشكل أساسي في ديكور المنزل، وتلعب ألوان حوائط المنزل والديكور دورا في فرض أنواع معينة من الزهور، والأكثر اقتنائا لهذا السبب هو الأوركيد و التوليب، ويكثر الطلب في الأجواء الحارة، لأن الورد لا يتحمل هذه الموجات، وهناك من يشتريه تفاؤلا، فمثلا لدي شخص منذ أن أهدى حبيبته أول وردة وقبلتها منه وهو يأتي لشراء الورد لها، حيث تفاءل به وحتى بعد الزواج يأتي لشراء الورد لها، بالطبع ليس كل أسبوع كما كان وقت الخطوبة والحب ولكن في المناسبات. مع دخول سيدة تبدو من كلامها أنها خليجية، تطلب وردا لإرسالة لإحدى صديقاتها بسبب مرضها، سألناها عن المناسبات الأكثر طلبا للورد فيها، والأنواع التي تناسبها فقال: هناك حالات المرض ونختار لها الألوان البيضاء الهادئة مثل البينك اللايت والأحمرات الهادئة وليست الفاقعة مثل الأورنج، هذا بالنسبة للألوان لكن الأنواع فهي كثيرة ومنها الورد البلدى، وهناك الطلبة والطالبات الذين يأتون لشراء ورده لكي يهديها للطرف الآخر ليعلن له عن بدء حبه له، بجانب الذين يشترونه لحفلات الزفاف أو لتهنئة أحد بسبب نجاحه في عمله أو ترقيته، وهناك من يشتريه سعيا لإنهاء خلاف أو خصومة مع غيره. وعن مدي إلمام المشترين بأنواع الورود وأسعارها يقول: هناك زبائن لا تكون لديها الخبرة بالورد، فيكون دوري مساعدتها في اختيار ما يلزم من أنواع وألوان حسب المناسبة التي يريدون الورد لها، وكثيرون أيضا ليس لديهم علم بأسعارها، وعموما الورد في مجملة ليس مكلفا فهناك منه الذي يتماشى مع البسطاء ومحدودي الدخل فمن الحالات التي تتكرر مجئ شاب بصحبة خطيبته، وإذا به يفاجأ بأنها تحاول شراء أنواع تفوق طاقته المادية، وعندما أجده ينظر لي أو يغمز بعينه، أتدخل لإقناعها بما يتناسب وحالته المادية، وهناك أيضا من يشترون بأغلى الأسعار كنوع من التفاخر. وما هو أغلى بوكيه ورد قمت ببيعه؟ أجاب: هذا البوكيه وصل سعره ل 500 جنيه وكان منذ عدة سنوات واشتراه زوج كان قادما من خارج مصر، وأراد أن يفاجئ به زوجته التي لم يرها لفترة طويلة، وقد غلب عليه الورد المستورد شبيه البلدي. وعما إذا كان هناك من يرفض الورد أجاب ضاحكا: حدث هذا بالفعل، عندما جاء لنا رجل منفصلا عن زوجته وأراد أن يصالحها بالورد، وعندما وصلها وعرفت أنه منه رفضت استلامه، بل حدث ما هو أطرف من ذلك عندما جاء لي رجل وزوجته لشراء بوكيه ورد لتقديمه هدية في إحدى المناسبات، ولكنهما تشاجرا معا بسبب الاختلاف على الألوان وخرجا دون أن يشتريا ولم يذهبا إلى المناسبة برغم محاولات تهدئة الخلاف.