«النوم والتغذية والرياضة يمثلون مثلث الصحة.. لو كنت تمارس الرياضة وحريصًا على التغذية السليمة لكنك تهمل النوم السليم، لن تؤتى تلك المجهودات بثمارها، كما أن الصلة بين السمنة والنوم وثيقة، لأن السهر لما بعد ال 12 ليلًا يؤثر على هرمون الجريلين المسئول عن الإحساس بالجوع ويزيد من إفرازه، وفى هذا التوقيت يكون معدل الحرق ضعيفًا للغاية». وتقول نهى إيهاب، أول كوتش متخصص فى علم النوم على مستوى مصر والشرق الأوسط: النوم الصحى يساعد على تجنب العديد من المشاكل التى لا يدرك الكثيرون سببها مثل الاكتئاب والتوتر والزهايمر وفقدان الذاكرة المؤقت والحفاظ على القلب والمناعة. وأشارت إلى أن النوم يعتمد على هرمون (الميلاتونين)، ويوجد العديد من العادات المنتشرة تؤثر على إفرازه، فى حالة إذا ما تم إفراز الهرمون بشكل طبيعى، يستيقظ الجسم نشيطًا وجيد المزاج وعالى التركيز، ولا يحتاج إلى الكافيين، كثير من الناس يطرح على نفسه، لماذا نستيقظ فى الصباح وننام ليلًا؟ ولا يجد إجابة، نجد أن العلم الحديث كشف أن الإنسان يعتمد فى استيقاظه عندما يلتقط العصب البصرى للإنسان الضوء الأزرق فى السماء صباحًا، فيبدأ المخ فى إفراز هرمونات الاستيقاظ «serotonin & cortisol»، وعند هطول الظلام يلتقط العصب البصرى زوال الضوء الأزرق ويبدأ المخ بالاستعداد للنوم. وهنا نستطيع أن نفهم لماذا نجد كل تلك التحذيرات حول استخدام الهاتف قبل النوم، فالشاشات الإلكترونية بشكل عام تفرز ضوءًا أزرق تجعل المخ يفرز هرمون النوم بكميات ضئيلة جدًا، لاعتقاده بأن وقت النوم لم يحن بعد، إضافة إلى أن التفاعل مع ما نشاهده على الهاتف يفرز هرمونات الخوف أو القلق أو السعادة، فيترك المخ غير مهيأ للنوم، مما يتسبب فى عدم تمكن الشخص من الدخول فى مراحل النوم العميقة. قالت خبيرة علم النوم: إن النوم مكون من دورات متماثلة، كل دورة 90 دقيقة وتحمل أربع مراحل، ولكل مرحلة صفة، فالمراحل الأربع لكل دورة تتكرر على مدى نومنا، المرحلتان الأوليان هما النوم الخفيف والأخيرتان عميق، وتستغرق الأولى من 5 ل10 دقائق، بعض الأشخاص يواجهون إحساسًا بالسقوط ثم شدة عصبية للجسم فى تلك المرحلة وهو علامة على الإجهاد والإرهاق، وهنا يجب التقليل من الإجهاد والتوتر. والمرحلة الثانية 45 دقيقة وفيها ننفصل عن العالم الخارجى وينخفض معدل التنفس والضغط، وفى المرحلة الثالثة ندخل فى النوم العميق، فيقل معدل التنفس والضغط أكثر وتنخفض الحرارة، فى تلك المرحلة يتم توزيع البروتين على العضلات وتلك هى العلاقة بين النوم والرياضة، كما تُفرز هرمونات النمو وهى مهمة لنمو الأطفال، أما لدى الكبار فتنظم الدهون فى الجسم، وهنا تتضح العلاقة بين النوم والسمنة. «المرحلة الرابعة تسمى REM أى حركة العين السريعة وتحدث بها معظم الأحلام»، وتتكون من 20 ل 25 % من وقت دورة النوم، وفيها تحدث ثلاثة أمور، أولًا يزيد النشاط العقلى بشكل كبير وتفرز هرمونات لتنشيط الجهة الأمامية من المخ، مما يهيئ المخ لاتخاذ القرارات وتخزين المعلومات والإبداع، ثانيًا تنتقل المعلومات من الذاكرة قصيرة المدى إلى طويلة المدى، لذا ننصح دائمًا الطلبة بالاهتمام بالنوم قبل الامتحانات، وثالثًا يحتفظ الجسم بالطاقة لليوم التالى». وتقول نهى: إن بعض الأشخاص يمرون بالمراحل الأربع فى دورة النوم نتيجة لاستقرار هرمون النوم لديهم، وبالتالى ينالون كل فوائد النوم الصحى، أما أصحاب النوم الخفيف فتكون دورة نومهم من المرحلتين الأوليين فقط؛ وهو الفارق بين الكم والجودة، فى حين يمكن أن ينام الشخص 6 ساعات نومًا صحيًا ويستيقظ نشيطًا ومنتبهًا، ينام آخر أكثر من 10 ساعات ويستيقظ مجهدًا وكسولًا. كائن ليلى! تعترض نهى على ثقافة بعض الأشخاص الذين يصفون أنفسهم ب«أنا كائن ليلى»، لأنهم يكسرون السنة الكونية فى النوم ليلًا، ويحرم الشخص من الاستفادة بالليل والنهار، بالتالى يضيع اليوم فى الاستيقاظ المتأخر. وفقًا لأطباء المخ والأعصاب أفضل وقت للنوم يبدأ من العاشرة مساءً، وأفضل وقت للاستيقاظ هو السادسة صباحًا، وأى ساعة نوم قبل منتصف الليل قيمتها تعادل ساعتين، والكمية المثالية من النوم من 6 ل 9 ساعات؛ لكن لا يمكن أن يعود الشخص نفسه على المواعيد المثالية فى يوم وليلة، بل تؤخذ الأمور بالتدريج. وحذرت نهى من كثرة تناول المنبهات،حيث يعمل الكافيين على إيقاف إشارات النوم لدى المخ، وهو ما لا ينهى الإجهاد، وإنما يجعل الشخص فاقد الشعور به، لذا يصيبنا إجهاد مضاعف بعد خروج الكافيين من الجسم. وتقول إن الاستخدام السليم للكافيين يكون بمعدل كوبين يوميًا كحد أقصى، ولا يمكن أن يزيد الكوب على 200 مل، ولأن الكافيين يخرج من الجسم بعد 6 أو 8 ساعات، فلا يجب تناوله بعد الواحدة ظهرًا حتى لا يؤثر على النوم؛ البعض لديه اعتقاد خاطئ بأن الشاى الأخضر خالٍ من الكافيين مع أن الكافيين فيه أعلى من الشاي العادى. وأوضحت خبيرة علم النوم أن من أخطر مشاكل النوم هو المشى خلاله، وهو ما يصيب الأطفال بشكل أكثر من البالغين، وأشارت إلى أن أول ما يجب فعله هو تأمين البيئة حول الطفل، ثم البحث عن سبب المشكلة، يمكن أن يكون مفتقدًا للحب أو الأمان، وفى حال تفاقم المشكلة يجب التوجه إلى طبيب المخ والأعصاب. وعن «الكوابيس» تقول نهى إن الأحلام غالبًا ما تكون عبارة عن رسائل من المخ تنبهك إلى ما تحتاجه، مثلًا يحلم شخص ببيت أسرته حيث نشأ وعاش طفولته وشعر بالأمان، وهى علامة على احتياجه للبعد عن القلق والتوتر؛ أما الكوابيس فهي عبارة عن إنذار شديد اللهجة من المخ لكى تعيره انتباهك. وتتطرق نهى إلى مشكلة تسمى شلل النوم أو «الجاثوم» والذى لطالما نسجنا حوله الأساطير وقصص الرعب وفسرناه بشكل أسطورى قائلة: «يحدث الجاثوم خلال مرحلة ال REM، آخر مرحلة من دورة النوم، وفيها يفقد الجسم القدرة على الحركة حتى لا يتجاوب مع الأحلام ويؤذى نفسه؛ وأحيانًا يحدث عدم تزامن»، تُفتَح العين قبل أن يدرك المخ استيقاظ الجسم وبالتالى لا يعطيه القدرة على الحركة، وتحدث «هلاوس» لبضع دقائق حتى ينتبه المخ ويستيقظ الجسم بشكل كامل. وتشير إلى أن المتهم الأساسى المسبب لهذا الاضطراب هو الإجهاد، أما لو قلل الشخص من الإجهاد وما زال يتعرض للجاثوم فيجب أن يستشير طبيب أعصاب». 2