فى قصور فاخرة، وفى غرفة على السطح يشاركنى فيها الدجاج.. رأس مال ضخم ورثته عن أبى وأضعته..ثم استرددته.. ثم فقدته.. إنه يوسف وهبى.. الذى عاش بين الغنى والفقر..مغامرات مع النساء تفوق حد الخيال حسب تعبيره الدقيق فى مذكراته (عشت ألف عام).. «نساء راغبات فى خلق علاقة مع ذوى الشهرة.. وفضوليات متعطشات للتذوق والتجربة»
على صفحات (عشت ألف عام) يمنح يوسف وهبى جمهوره ومحبيه اعترافات أكثر من ساخنة.. ويفتح صندوقه المغلق على أسراره.. يمنح الرقيب إجازة.. ويكتب متقمصًا شخصية الفنانين الأجانب، متحررًا من الخوف والنقد والتربُّص.. خاصة وهو يحكى عن علاقاته العاطفية التى بدأت بقبلة بريئة.. من جارته الطفلة «برلنتى» التى شاركته بطولة مسرحية (روميو وجولييت).. والتى كانت تكبره بعامين! وتبادلت معه الرسائل الغرامية! وأصبح فتى التاسعة من عمره مسحورًا عاشقًا ولهًا..لا ينام الليل من كثرة التفكير فى (برلنتى).. التى اختفت لأيام.. كان يتعذب فيها.. ويعانى مرارة الحرمان.. لم يكن يعلم أن النهاية تقترب.. بعد اكتشاف أبيها قصة ارتباطها به.. ووصلت الحكاية بكل تفاصيلها إلى أبيه.. الذى عاقبه بالضرب. أما الحبيبة الصغيرة فوصلته أخبار من مربيته «رقية» أنها حاولت الانتحار على طريقة المشهد الختامى فى مسرحية (روميو وجولييت) .. أحاطت فراشها بالورد.. ولكن تم إنقاذ حياتها فى آخر لحظة، واختفت من حياته بعد أن انتقل والدها الموظف الكبير، إلى وظيفة أعلى فى مديرية المنيا.. وبعد سنوات قليلة والفتاة فى سن الرابعة عشرة.. تم زواجها من قريب لها.. لتغلق معها صفحات أول قصة حب. ويبدأ فصل جديد.. فى غراميات عميد المسرح العربى، ولكن فصل أكثر إثارة... خاصة أن بطلة القصة.. (طنط نفيسة) صديقة أمه.. التى أجبرتها ظروفها العائلية أن تنزل ضيفة على بيتهم.. فى حى المنيرة.. وتقيم معه فى حجرته.. ينام هو على الكنبة «الأسطمبولية»، وهى على فراشه، ورغم أنه حاول أن يكون مؤدبًا مع «طنط نفيسة» التى كانت فى عمر أمه.. كانت هى على المقابل، مفتونة بهذا الصبى.. فارع الطول.. الذى يبدو أكبر من عمره، وبدأت تلقى بشباكها عليه، فى الصباح حذرته من ذكر شىء مما جرى بينهما! ووضعت فى جيبه خمسين قرشًا.. تملكه شعور الزهو بالرجولة المبكرة.. بعد أن تكررت اللقاءات مع «طنط نفيسة» التى بدأت تغدق عليه بالمنح المالية والهدايا.. ولكن على ما يبدو أن الأم التى كانت متحمسة لوجودها فى البيت، بدأت تساورها الشكوك أن هناك أشياء غامضة.. وبدأت تطارده بنظرات الريبة والشك! وتلاحظ الاهتمام المبالغ فيه من صديقتها بابنها, وفى أحد الأيام عاد متلهفًا إلى البيت، للقاء «طنط نفيسة» فبادرته أمه أنها رحلت.. وفهم من حديثها أنها سعيدة بهذا الرحيل وأنها التى رتّبت له.. واختفت من حياته... لتلحق ببرلنتى.. حبه الأول العذرى. وتبدأ تفاصيل صفحة جديدة.. لها ملامح «الميلودراما» التى كان متخصصًا فى تقديمها على المسرح بعد أن أصبح نجمًا شهيرًا تصفق له الجماهير كل ليلة.. وتكتب عنه الجرائد وتنشر صوره المجلات الملونة.. يحكى هو: «إنه عاد يومًا من المدرسة، ليجد فتاة فى مثل عمره.. تجلس مع والدته. (حسب وصفه) رائعة الحسن، لها ضفائر كستنائية طويلة، وعينان عسليتان. قدمتها أمه له أنها أخته تهانى.. ابنة عمه (ع. ب. س) وأنها ضيفة عليهم.. بعد التحاقها بالمدرسة الثانوية!. كانت تهانى رغم صغر سنها تكاد تكون كاملة النضج، ولأنها من بنات الريف.. كان الخجل يغلب عليها.. بعد مرور الوقت.. زال هذا الخجل وأصبحت كأنها فرد من البيت.. يصطحبها هو وشقيقه إلى دور العرض السينمائى.. ورغم كل محاولاته أن تبقى علاقته مع تهانى فى حدود الأخوّة.. والصداقة البريئة! سقط فى حبها.. ووقعت هى فى غرامه.. واعترفت له بحبها عبر الرسائل الملتهبة.. بعبارات الشوق واللهفة عليه، إلى أن ذهب بالسيارة ليستقبل شيخه فى البلد (سليم الطحاوى) المشهود له بين أهل القرية بالكرامات. وبمجرد أن وقف أمامه هو وتهانى.. انفجر فيه الشيخ معاتبًا بقسوة: «مش عيب ياولد يا ضلالى.. دى أختك.. وانتى يابنت يا قليلة الحيا.. انتو تستاهلوا الحرق». أمام التزام الشيخ بكتم سره أمام والده وعد الشيخ الطحاوى بالتوبة النصوحة.. وكان جادًا فى توبته. فى هذه الأيام تراجعت صحة تهانى.. وأصابتها الحمى وامتنعت عن تناول الطعام.. مما دفع والده أن يخاطب أباها فى البلد.. ويحكى له عن تدهور صحة ابنته.. يهرول الأب إلى القاهرة.. ويصطحب ابنته معه إلى بلدته للاستجمام.. حتى تسترد عافيتها.. لكنها لم تعود. ترحل تهانى.. وبعد شهر.. تصله أخبار خطبتها إلى ابن خالتها، ويحتفظ برسائلها فى مخبأ سرى.. تمنحه بعض الونس حين يريد أن يتذكرها.. ولكن هذه الرسائل ضاعت مع الزمن. وانشغاله بعلاقات غرامية جديدة دائمًا تكون سببًا فى حل الكوارث عليه. هذه المرة يصطحبنا معه فى رحلته العائلية فى الصيف إلى «استطبول» مصطحبًا معه (كيوبيد) الذى يورطه فى الأزمات العاطفية! حتى خارج الحدود! يحكى أن فى هذه الرحلة وقع فى غرام خيرية التى وصف رقتها بأنها أشبه بإناء من البورسلين، صبه صانع ماهر.. وتطور الغزل البرئ وأقنعها أن يستأجرا (جندول) يمنحهما بعض الحرية والانفراد.. وبسبب انشغالهما فى سرقة هذه اللحظات من الزمن اصطدم «الجندول» بباخرة.. وانقلب وسقطا فى قاع البحر.. تطارده صرخات خيرية. عندما استيقظ وجد نفسه على سرير ضيق أمامه شرطيان بلغة غريبة عرف أنها الرومانية.. وشاع الخبر فى قصر الشيخ «على البندراوى» من كبار العلماء ومضيفهم فى اسطنبول.. وانتهت الرحلة.. بفضيحة وقائمة طويلة من العقوبات.. فرضها والده عليه.. وتختفى خيرية من حياته لتلحق ب «ببرلنتى وطنط نفيسة وتهانى».. وتستمر الرحلة.. رحلة يوسف وهبى والنساء.. ولكن فى أجواء تجاوزت مرحلة الطفولة والشباب!.