افتتاح بطولة إفريقيا للكرة الطائرة «سيدات» بالأهلي    تامر حسني يبدأ تصوير فيلم «ري ستارت» في مايو    رحلة فاطمة محمد علي من خشبة المسرح لنجومية السوشيال ميديا ب ثلاثي البهجة    التربية للطفولة المبكرة أسيوط تنظم مؤتمرها الدولي الخامس عن "الموهبة والإبداع والذكاء الأصطناعي"    أسعار الذهب فى مصر اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    بالصور.. إحلال وتجديد 3 كبارى بالبحيرة بتكلفة 11 مليون جنيه    وزير التنمية المحلية يعلن بدء تطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة    خبراء الضرائب: غموض موقف ضريبة الأرباح الرأسمالية يهدد بخسائر فادحة للبورصة    وزيرة البيئة تعقد لقاءا ثنائيا مع وزيرة الدولة الألمانية للمناخ    النواب يرسل تهنئة رئيس الجمهورية بذكرى تحرير سيناء    عاجل| مصدر أمني: استمرار الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي للوصول لصيغة اتفاق هدنة في غزة    وزير الخارجية الروسي يبحث هاتفيا مع نظيره البحريني الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتصعيد بالبحر الأحمر    ذاكرة الزمان المصرى 25أبريل….. الذكرى 42 لتحرير سيناء.    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة الجونة للإسكواش ويستعد لمواجهة حامل اللقب "على فرج"| فيديو    تحطم سيارتين انهارت عليهما شرفة عقار في الإبراهيمية بالإسكندرية    والدة الشاب المعاق ذهنيا تتظلم بعد إخلاء سبيل المتهم    الآلاف من أطباء الأسنان يُدلون بأصواتهم لاختيار النقيب العام وأعضاء المجلس    وفد جامعة المنصورة الجديدة يزور جامعة نوتنجهام ترنت بالمملكة المتحدة لتبادل الخبرات    «الصحة»: فحص 434 ألف طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    «التعليم» تستعرض خطة مواجهة الكثافات الطلابية على مدار 10 سنوات    سكاي: سن محمد صلاح قد يكون عائقًا أمام انتقاله للدوري السعودي    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 3 مايو    حصاد الزراعة.. البدء الفوري في تنفيذ أنشطة مشروع التحول المستدام لإنتاج المحاصيل    الناتو يخلق تهديدات إضافية.. الدفاع الروسية تحذر من "عواقب كارثية" لمحطة زابوريجيا النووية    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    مدينة أوروبية تستعد لحظر الآيس كريم والبيتزا بعد منتصف الليل (تعرف على السبب)    "الدفاع الروسية": "مستشارون أجانب" يشاركون مباشرة في التحضير لعمليات تخريب أوكرانية في بلادنا    إيرادات الخميس.. شباك التذاكر يحقق 3 ملايين و349 ألف جنيه    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خطيب الأوقاف: الله تعالى خص أمتنا بأكمل الشرائع وأقوم المناهج    مياه الشرقية تنفذ أنشطة ثقافية وتوعوية لطلبة مدارس أبو كبير    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    طريقة عمل ورق العنب باللحم، سهلة وبسيطة وغير مكلفة    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    سميرة أحمد ضيفة إيمان أبوطالب في «بالخط العريض» الليلة    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان حتى 2025    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    مساعدو ترامب يناقشون معاقبة الدول التي تتخلى عن الدولار    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هجاء ثم رثاء بنفس الحرارة
نشر في صباح الخير يوم 23 - 09 - 2020

أبوه صعيدى وفهم قام طلعه ظابط / ظبط على قدنا وع المزاج ظابط
فاجومى من جنسنا/ ما لوش مرا عابت/ فلاح قليل الحيا/ إذا الكلاب سابت
ولا يطاطيش للعدا/ مهما السهام صابت/ عمل حاجات معجزة وحاجات كتير خابت/ وعاش ومات وسطنا/ على طبعنا ثابت/ وان كان جرح قلبنا كل الجراح طابت/ ولا يطولوه العدا/ مهما الأمور / جابت.
أبيات نظمها الراحل أحمد فؤاد نجم فى رثاء الزعيم جمال عبدالناصر، لم تخل من ألم وحزن تملك الشاعر العامى الذى لم يسلم من السجن فى عهده، كما لم يسلم فؤاد حداد صاحب ديوان «استشهاد جمال عبدالناصر».
شخصية ناصر الجدلية امتدت إلى الأوساط الأدبية، للدرجة التى جعلت أكثر من شاعر يهاجمه ويتعرض للسجن فى عهده، ثم يرثيه بنفس الحرقة والشاعرية، ولا يوجد أدل من تعبير نجم «وإن كان جرح قلبنا كل الجراح طابت». ربما جرحت نجم وحداد وقبانى النكسة وحرب اليمن، لكن الجرح لم يعميهم عن السد العالى ورفض الخضوع وتأميم القناة.
د.صلاح السروى أستاذ الأدب المقارن والحديث بجامعة حلوان، يتوقف عند الشعراء الذين مدح بعضم عبد الناصر فى حياته، ثم نقدوه بعد مماته. «غالبية الشعراء والكتاب الذين انتقدوه فى حياته اهتزوا بشدة لوفاته، وكتبوا قصائد رثاء بالغة القوة منهم صلاح عبد الصبور ونزار قبانى الذى هجاه بعد قبول معاهدة روجرز، ثم رثاه ب «الهرم الرابع مات» و«قتلناك يا آخر الأنبياء»، ومثلهم عبدالرحمن الأبنودى وفؤاد حداد وأحمد فؤاد نجم، نجد عندهم نفس الموقفين رغم تعرض الأبنودى ونجم للسجن بل التعذيب مثل حداد».
إذًا فظاهرة هجاء ناصر ثم رثائه بنفس الحرارة، تواجدت بأمثلة عديدة على الساحة الأدبية فى جدل يفكك السروى غموضه بعدة اسباب:
أولًا :موضوعية هؤلاء الشعراء أثناء النظر إلى تجربة ثورة يوليو بشكل عام والناصرية بشكل خاص. رغم مواقفهم الشخصية مع الفترة الناصرية وما لاقوه فيها، إلا أنهم غلبوا الروح الوطنية وجنبوا الشخصنة والذاتية فنظروا إلى التجربة الناصرية بمعزل عن آلامهم الخاصة.
ثانيا: الفجيعة بمصاب الأمة برحيله، لأنه لم يكن رئيسًا عاديًا فى ظروف عادية، كان استثنائيا، قلب الواقع رأسًا على عقب محققًا ثورة اجتماعية وسياسية كبرى فى الداخل المصرى. بدأت بالإصلاح الزراعى والقضاء على الإقطاعية ثم الجلاء والموقف البطولى بتأميم قناة السويس، ثم العدوان الثلاثى 56 والوحدة وثورة التصنيع، كلها محطات كبرى غيرت الحياة فى الداخل وامتدت آثارها على الخارج أيضًا مثل موقفه مع حركات التحرر فى أفريقيا والعالم الثالث، لدرجة أننا نجد الاحتفاء بعبد الناصر فى بلدان أمريكا اللاتينية وأفريقيا بل بعض بلدان آسيا يكاد يفوق الاحتفاء به فى مصر.
مثل هذه الشخصية كان من الطبيعى أن يقف الناس إزاءها موقف المأخوذ والمؤيد والمعارض فى ذات الوقت، المؤيد يدعم بوجه عام الثورة ونشيدها للحرية والعدالة، والمعارض ينتقد بعض الإجراءات التى قد تبدو مجافية لمنطق العدالة.
ثالثا: عبدالناصر يشبه البطل التراجيدى بالمعنى الإغريقى للكلمة، شخصية نبيلة تهدف أسبابًا سامية، لكنه يخطئ وتفلت منه بعض الأشياء، ونتيجة لذلك يلقى عقابًا فادحًا مثل نكسة 67، أو حتى رحيله المشكوك فى طبيعته بالسم أم بالوفاة الطبيعية وهو أمر مازال قيد الاختلاف.
تلك الشخصية التراجيدية تدعو للتعاطف كما أوضح أرسطو فى كتابه فن الشعر، شخصية البطل النبيل تؤدى لإثارة عاطفتى الخوف والشفقة، حتى أن عبد الله السناوى شبهه ب «أخيل» أحد أبطال الميثولوجيا الإغريقية بطل شجاع خالد، لكنه يمتلك نقطة ضعف لا تذكر فى عقبه -كعبه- أُجهِزَ عليه منها.
شخصية ناصر تدعو للاحترام والإجلال فى مسعاه الحميد لكنها لا تمنع الخلاف معه فى بعض النقاط، وكان هذا هو السبب الذى دفع الشعراء للتعاطف الإنسانى مع وفاته.
رابعا: أن ناصر قدم من الإنجازات ما عجز كثيرون عن أن يأتوا به فى مدة أطول من ال 14 عامًا التى قضاها فى الحكم، لازالت إنجازاته شاهدة عليه حتى الآن، وأهمها السد العالى الذى يذكرنا مشهد الفيضانات المؤلم فى السودان بأهميته.
توافقت شخصية ناصر الساعية نحو الحرية والعدالة والنقمة على الاستعمار مع أهداف الفن، من جمال وانتصار للإنسانية، فكان موقف الكتاب تجاهه على محورين شخصى وإنسانى بشكل عام، منهم من غلب الموقف الشخصى إن كان أُضِير فى ماله أو حريته ومنهم من غلب الجانب الإنسانى وإن لم ينس الجرح الذى تعرض له فى حقبته كما أشار نجم «وإن كان جرحنا كل الجراح طابت»، كان موقفه متناقضا نسبيًا إلا إنه منصف، تعامل مع الموقف من منطلق الضمير لا من منطلق الانفعال.
امتاز عبد الناصر بحضور آسر، بطوله الفارع ونظرته الثاقبة ووجهه المعبر والملاحة المصرية السمراء جعلت الكثيرين يرونه المُخَلِص كما قالت أم كلثوم «البطل اللى جابه القدر». قوة إقناعه وحميميته الخاصة فى لقائه مع الجماهير، بل مع الكثير من الشخصيات التى كتبت عن حضوره الطاغى، فكان من الصعب على الكثيرين ألا يتعاطفوا معه ومع توجهه الوطنى النهضوى فغفروا له أخطائه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.