تباينت ردود أفعال المنتجين لمواد البناء نحو قرار وقف إصدار تراخيص البناء أو توسعاتها أو تعليتها أو تعديلها للمساكن الخاصة، وإيقاف استكمال المبانى الجارى تنفيذها لمدة 6 شهور، بمحافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية وعواصمالمحافظات والمدن الكبرى. ورغم أن القرار استثنى المشروعات القومية، المخطط لها من قبل الحكومة وأعمال البناء فى المدن الجديدة ومشروعات الإسكان التابعة للدولة، رأى بعض المنتجين أن من الأفضل تخفيض إنتاجهم، ورأى بعضهم الفرصة سانحة للتخلص من بعض العمال. فى المقابل رأى خبراء أن قرار تخفيض الإنتاج وراءه أهداف أخرى. تخفيض الإنتاج بدلا من تسريح العمالة محمد حنفى مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، يرى أن هذا القرار صدر فى وقت تكبدت فيه صناعة البناء والقطاع العقارى خسارة فادحة، أثر انتشار وباء كورونا وما تبعه من صدور قرار حظر التجوال وتقف النشاط فى الكثير من المصانع، بالإضافة إلى توقف الحركة التصديرية للأسمنت ومواد البناء للأسواق الخارجية. «قرار وقف البناء والتراخيص، تسبب فى خفض الطلب على حديد التسليح إلى ما يقرب من النصف، وبالتالى اضطرت المصانع إلى وقف نشاطها أو تخفيض طاقتها الإنتاجية، بدلا من اللجوء إلى تسريح نسبة من العمالة أو تخفيض رواتبهم». يوضح حنفى أن نصف كمية حديد التسليح المنتجة بمصر تستخدم للمبانى الأهلية والقطاع الخاص، بينما يستخدم النصف الآخر للمشروعات القومية، كالسدود والطرق والأنفاق والكبارى، وكذلك المدن الجديدة التى يتم بناؤها، فهى أيضا ضمن التعاقدات الحكومية التى نفذتها بعض الشركات، لذلك خفضت المصانع الإنتاج للنصف أو أقل، بما يكفى لتلبية هذه الاحتياجات. هذا التأثير شمل أيضا مختلف المواد المستخدمة فى الصناعات الإنشائية، سواء الأسمنت أو الطوب أو الزجاج والسيراميك، وغيرها. وقال أحمد حسنين رئيس مجلس إدارة شركة النهضة للصناعات، أن الأسمنت من المواد غير القابلة للتخزين، لذا اضطرت المصانع لتخفيض إنتاجها لأقل ما يمكن. سيرفع أسعار العقارات المهندس فتح الله فوزى، نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، يضيف مشكلة أخرى ستترتب على القرار: «رغم الحاجة إلى تنظيم تراخيص البناء ومنع المخالفات، لكن القرار أضر بآليات العرض والطلب للقطاع العقارى فى ظل تباطؤ إتاحة الوحدات المعروضة، مما سيرفع أسعار تلك الوحدات على المدى البعيد. أضاف فوزى أن هناك عدم وضوح فى نطاق تطبيق القرار الإدارى، الذى نص على أن نطاق التطبيق مقصور على عواصمالمحافظات والمدن الكبرى، وهذا التصنيف غير موجود فى قانون الإدارة المحلية، كما أنه ليس هناك تعريف محدد له، مما سيؤدى إلى اختلاف تفسير منفذى القرار على نطاق تطبيقه، ومن جهة أخرى، فهذا التوقف فى نشاط القطاع العقارى وارد تجديده مما سيؤثر على العمالة المنتظمة وغير المنتظمة، ويرفع من نسبة البطالة. زيادة المعروض هى الحل على عكس هذه الآراء قال عبدالمجيد جادو، خبير التقييم العقارى ورئيس مركز العروبة للاستشارات الهندسية،إن هناك إيجابيات لذلك القرار، معتبرا أنه خطوة لبداية إعادة النظر فى العشوائية المفرطة التى نشاهدها حولنا فى مختلف المدن الرئيسية، وزخم المبانى فى ضواحى القاهرة والإسكندرية والجيزة، والمبانى التراثية التى تم التحايل عليها وهدمها وبناء مبانى ضخمة بدلا منها، مما غير النسق الحضارى بتلك المناطق، بالإضافة إلى الشوارع التى تحولت إلى جراجات عامة نتيجة لهذه التغيرات. ويرد على من يرون أن هذا القرار قد أضر بصناعة البناء، قائلا إن المدن الجديدة مازالت قائمة ويتم بناء غيرها، فلما لا نستغل الطاقة الإنتاجية فى هذه المشروعات؟!، فالمجتمعات الجديدة لم يتم وقف تراخيصها، وكذلك الأعمال والمشروعات الضخمة بالعاصمة الإدارية الجديدة، وكذلك هيئة المجتمعات العمرانية والمشروعات التابعة لها، فالاتجاه إلى زيادة المعروض هو الحل، وفرصة مازالت قائمة، فالاتجاه التكنولوجى الجديد يتطلب تخطيطا ومستوى معماريا متميزا يعتمد على الهدوء والتوازن، وهو ما يهدف إليه قرار وقف تراخيص البناء !!.