أستذكر ما أصاب مصر من فيروس كئيب فى 1967 أودى بحياة ألوف الشهداء ودمر بنية تحتية وخرب مدنا بأكملها اضطر أهالينا هجرة بيوتهم والتغريب لمدة سبع سنوات.. ومنا من أقعدته الصدمة ومن خر سجداً وشكراً لله لهذه المصيبة، وأغلبنا فى الحيرة والغم خاصة وأنها مواكبة لحرب نفسية وشائعات سخرت لها الإمكانيات.
ولم تمض ساعات على هذه المحنة، إلا وانطلقت شعلة الأمل من ضمائرنا جميعاً بضرورة المواجهة وقهر هذا الفيروس، بل إعادته لموطنه وحصره هناك..فانتفض المصريون وفى منظومة خلية النحل، ودارت فوراً عجلة لإعداد لنصر آت داست معها بؤر خفافيش ظلامية. وكانت من الدروس المستفادة ومفتاح السر الجندى المقاتل الذى يذود عن أرضه وناسه بروحه…
فكان الآلاف من خريجى الجامعات والمعاهد على موعد بدء من 6 يناير 1968 للتجميع للتدريب وللتأهيل لرفع قدراتنا القتالية مع كل شباب مصر من عمال ومزارعين فى منظومة متكاملة، وكل ترك أهله وعمله ودراساته، وانخرط الجميع فى عمل دؤوب شاق ومستمر؛ ليكون للوطن درعه وسيفه بأعلى كفاءة قتالية بعناصرها المكتملة وساند كل ذلك شعب عظيم وداعم وبما تحقق معه الغطاء الاجتماعى المناسب لمقاتلينا التاركين لأعمالهم ولعيالهم...فكان هذا المقاتل له الجاهزية الكاملة للتدريب والتقدم والاشتباك، وهو ما كان يجرى يومياً من عمليات على الجبهة قبل الاقتحام الساحق لخط بارليف أسطورة دفاعات العصر...فكان الجميع- قادة وجنودا- يعمل ويجاهد تحت كل الضغوط والظروف لسحق هذا الفيروس، فهو واجبنا نحن والذى اجتمعنا له وتم إعدادنا لأشرس معاركه.. فالكل يتقدم مهما كانت تضحيات زملاء وإخوة لنا شهداء ومصابين..فهذا الفيروس قدرنا ولا حل إلا بقهره، فلم يتساءل مقاتلنا الهمام عما يواجه من مخاطر فهو الذى تم تأهيله على أعلى مستوى ويثق فى دولته وقيادته.. فكان نداء الواجب هو ضميره.. وأن هذا واجبه وعمله مهما كانت التضحيات فلا انتظار فهذه العزيمة والقدرة والصبر تحقق النصر..وفى المقابل فلنا معركة شرسة على أرض وطننا الآن مع هذا الفيروس الذى أراد احتلالنا.. فمصر بتاريخها وناسها وإمكانياتها ومقاتليها المؤهلين تحقق سحقاً تاماً لهذا الفيروس مهما كان تضحيات قواتها والتى لها كل الدعم منا جميعاً، فهم ذوى التأهيل والتدريب العال ولما هو متوافر من إمكانيات لن يكونوا فقط يؤدون واجبهم الحتمى، بل يصبحون حائط الصد ضد هذا الفيروس وسيكون قهره على أيديهم هنا فى وطننا مهما كانت تضحيات الشهداء الأبطال.. وذلك رغماً عما يواجهه كل شعب مصر من حملات مغرضة ومنسقة مع قوى خارجية، حيث يجتمع خفافيش كورونا لتقويض المنطقة كلها وتظل مصر هى الهدف – كما فى السابق - لفرض سيطرة وتقسيمات على منطقتنا.. فنرى الجماعة الظلامية التى تتاجر بالدين قد انحطت لأدنى مستوى لتكون تحت إمرة من يمول ومن ينّظر لتقسيم بلادنا، وتتحرك فى مصر مستغلة أوجاع مواطنينا .. فنرى تأليب الأهالى إبان عملية دفن «شهيدة شبرا البهو» وفى ذات الوقت تحرك عناصر لخيانة أمانة وعهد المهنة وبترديد أقاويل ودعاوة مختلفة تستثمر للتغرير ببعض العناصر فيتعرون أمامنا ويتلحفون بالجبن والفرار من أرض الميدان ويستثمرون مع غيرهم مصائب القوم سعياً ووهماً إحياءً للظلامية بعد ممات، ويكون عش الخفافيش فى انهيار فتتخلص منطقتنا بما سبق وخطط له فى الأربعينيات بتخليق الجماعة وما تم إعداده مع مطلع القرن ليكون شرق أوسطنا كله محكوماً بالظلامية لصالح الغير.. فكان البرق الصاعق من القاهرة نذيراً ومبشراً بالتنوير.