أقَدّر بدايةً حالة المَلل والتكرار فيما يخص «كورونا»، ولكنها العنصر الكاشف لتخلف نسَق مجتمعى هابط. ونتفق أن هذا الفيروس كشف أيضًا النواقص فى العالم المتقدم، ولكن الوعى العام ومستويات التقدم الثقافى فى مجتمعاته يجعله أكثر تفهمًا لهذا الخطر وطرُق العلاج والوقاية، بما يجعل من منظمات العمل الأهلى والأحزاب هناك عنصرًا مساعدًا ومتناغمًا يعمل مع أجهزة الدولة، ليس فقط لدرء هذا الخطر بل للوقاية منه مستقبلًا، فضلًا عن دور حيوى فى مساندة الضحايا. وفى وطننا يعمل المسئولون بجهد وعلم لمحاولة حصر انتشار هذا الوباء تمهيدًا لاجتثاثه ويتخذون القرارات وما يلزم من إجراءات فى هذا الاتجاه، وهو العمل المشكور والمشهود، إلّا أننا نلاحظ أن هذا العمل الكبير لا يكتمل لقصور فى أداء التنفيذيين المناط لهم الأمر والمتابعة الميدانية، لإحكام السيطرة لمنع انتشار هذا الفيروس، فنرى ترددًا فى إحكام غَلق دُور العبادة أو الانتظار لرفع الأمر لجهة أعلى أو جهة أمنية أو لرأى دينى، ضربًا بقرار رئاسة مجلس الوزراء الذى يُحتم الغَلق، فهو القرار الواجب التنفيذ وعلى جميع الجهات الإدارية أمنية ومحليات تنفيذه وبلا تردد ويعلو عن أى قرارات تتخذ على مستوى المحافظات والمحليات لإزالة مخالفة.. إلخ. يتوازَى مع هذا غياب وتخفّى منظمات العمل المدنى بجميع أشكالها بحجة البقاء بالمنزل، وهو الالتزام الواجب الآن، وينضم لهم اختفاء الأحزاب بكوادرها، إلّا لمن يظهر على شاشة الإعلام ليتجمل أو يكتب فى صحيفته طارحًا أمجادًا.. وتصبح المحصلة النهائية فقدان أثر هذه الأحزاب والمنظمات.. وهم الذين سيجلجلون بأعلى الأصوات- عند انحسار الوباء- إظهارًا لبطولاتهم ومواجهاتهم الميدانية على العدو باعتبارهم- ودومًا- طليعة إطلاق الأبواق ومتشاركين مع أصحابها.. فإذا كان مطلوبًا العمل، فهو الآن، ونكون بالفعل مساندين لجهود تُبذل من كل مؤسّساتنا للقضاء على هذا الخطر بما فيها جهود البحث العلمى لاستنباط طرُق وقاية وعلاج لهذا الفيروس.. فمطلوب من كل حزب أو منظمة غير حكومية أن تعتبر ما يجرى لمواجهة هذا الوباء هو واجب عليها أن تؤديه، باعتبار أن مشروطية نجاح وتقييم هذه الكيانات بمدى تجاوبها مع الجماهير وعملها على الأرض لمساعدة المؤسّسات فى أداء أدوارها، فيكونون الظهير الداعم لعملها. وهو التحدى المطلوب لإثبات فعاليتها وتواجدها الميدانى مع المواطنين بدلًا من التخفى وراء شعارات وميكروفونات بحديث أجوف عن نظريات سياسية وديمقراطيات وحقوق مغلفة برداء دين، فى رسالة هى للخارج أساسًا وبإمكانيات توظيفهم، فينسون أن الخارج مشغول بهمومه ويعرف إمكانياتهم وأداءهم ومشغول بهمومه.. فضلًا عن فضح هذه القدرات المزعومة فى أحداث يناير 2011م وما تلاها من اضطرابات استمرت لعامَين حتى ثورة يونيو 2013م وتصويب الأوضاع. ولكن تظل بعض هذه الجماعات تحاول أن تنشط وتدعو داعميها بأمل السعى المشترك للاستحواذ على مصر.. ويكون الطرح استبعاد تدخُّل أو دعم سياسى خارجى، فهى عمليات باءت بالفشل وأسقطتها مصر، فيتم الإعداد لطرح أفكار البُعد الإنسانى وحماية التراث العالمى.. إلخ، باعتبار أن مصر وحدها وعلى أرضها إرث ثلث هذا التراث، فتروج أحاديث غطاء دولى بمشروعية تدخُّل لحماية التراث الإنسانى.. إلخ، ويكون الإعداد لهذه الجماعات والجماعة الأم - رُغْمًا عن عقائدها بشأن المصاخيط - بالعمل واستغلال الأزمات للتحضير والتمهيد لأمل تدخُّل خارجى يدعمها ويثبتها على أرض مصر.. وبالتأكيد، أن الدولة المصرية بمؤسّساتها الراسخة متوافر لها ٍالمعارف والعلم والخبرات والإمكانيات لإجهاض مجرد فكرة تدخُّل... وتظل بعض الجماعات المتلحفة بالظلامية وبدعاة جهالة تدعو للنجدة من بَحر الفناء... وفى إطار زخم هبوط هذه الجماعات والتنظيمات.. إلخ، نستغرب أداء إعلام فى تناول أحداث وأوجاع تؤلمنا ونعيش فيها.. فتكون مناسبة للبعض لحصد شهرة كاذبة بإطلاق لمواقف حتى وإن كانت على حساب شعب موحّد فى وطنه منذ عهد مينا.