ورد فى أنباء صحفية خلال الأسبوع الماضى خبر عن تعديل وزارى محتمل بعد عيد الأضحى، حيث أفادت الصحف أن د. حازم الببلاوى غير راض عن أداء بعض الوزراء الذين جاء ذكرهم فى الخبر. وفى أعقاب النشر بساعات قليلة نفى المتحدث باسم مجلس الوزراء هذا الخبر مؤكداً عدم صحته. ويقيناً فقد استقبل المصريون خبر تعديل الحكومة بترحاب غير خافٍ لأنهم فى الغالب غير راضين عن أدائها، حيث إنه لا يرقى إلى ما كانت جماهير 30 يونيو تتطلع إليه من حكومة جاءت بعد ثورة أطاحت بحكم الإخوان «الإرهابيين» ونجحت فى عزل رئيسهم الفاشل بعد أن أمضى سنة كانت عنواناً للإخفاق على كافة الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية، سوى نجاحه فى التحالف مع حركة حماس وجماعات الإرهاب وفتح سيناء على مصاريعها لدخول الأسلحة والإرهابيين لتكون إمارة إسلامية فى دولة الخلافة «الإخوانية». ولقد بدت بوادر عدم رضاء قوى سياسية وشعبية عن تشكيل الحكومة الذى استغرق ثلاثة عشر يوماً مما مكّن قوى الإرهاب والإخوان المناهضة لثورة الشعب من تثبيت اعتصامى «رابعة» و«النهضة» وساعدها فى ذلك استراتيجية البرادعى لتأخير وتعطيل تنفيذ فض الاعتصامين باستدعاء وسطاء دوليين لإنقاذ الجماعة ورموزها وأولهم كان المعزول «مرسى». ورغماً عن حالة عدم الرضا النسبى عن التشكيل الحكومى، فقد أعلنت كافة الحركات الشعبية والقوى والأحزاب الوطنية دعمها للحكومة باعتبارها معنية بالدرجة الأولى بإقرار الأمن واستعادة قوى الاقتصاد الوطنى، وبذلك حصلت الحكومة على دعم شعبى وسياسى لا نظير له فى تاريخ حكومات ما بعد 25 يناير، وحصلت على صلاحيات تنفيذية كاملة وتفويض من رئيس الجمهورية «المؤقت» باعتبارها قائمة على تنفيذ «خارطة المستقبل» للخروج بالوطن من الهاوية التى انحدر إليها نتيجة سنة من الحكم الإخوانى الفاشل. ثم كانت مساندة القوات المسلحة من أهم العوامل التى كانت الحكومة فى حاجة إليها لتكتمل لها كل احتمالات النجاح! ولكن أداء الحكومة لم يكن مبشراً بإمكانية تحقيقها للآمال التى عُقدت عليها! فلم تعلن الحكومة حتى اليوم رؤيتها لمصر لعبور المرحلة بعد 30 يونيو واستكمال مؤسساتها الدستورية من جانب، ولا خطة عملها وبرامجها للتعامل مع التحديات ومصادر الخطر والمهددات التى تثيرها الجماعة «المحظورة» وحلفاؤها فى الداخل والخارج من جانب آخر! ومع تطلع المصريين إلى إتمام المرحلة التأسيسية الحالية والوصول بالوطن إلى بر الأمان، وطناً خالياً من الإرهاب والعنف ويسود فيه حكم القانون ويحتكم إلى قيم المواطنة ومعايير السلام الاجتماعى، فإن الفترة الحالية غير مناسبة للعبة التعديلات الوزارية وإشغال الناس بحكايات من سيخرج من الحكومة ومن سيدخلها، ولكن المطلوب هو أن تعيد الحكومة النظر فى أسلوب أدائها وتعمل على إعادة التوازن والتناغم بين أعضائها، وتلتزم أمام الشعب بأهداف محددة وخطة عمل وبرامج تنفيذية فى مواعيد محسوبة لتحقيق ما يصبو إليه الناس من تنمية اقتصادية وعدالة اجتماعية، وقبل كل ذلك وبعده، تلتزم الثورية فى الأداء والحسم فى المواقف. وأول واجبات الحكومة مصارحة الشعب بالموقف الحالى فى أعقاب سنة من الحكم الفاشل للرئيس المعزول. وتكون المصارحة بعرض الحقائق والأرقام التى توضح الأزمة الحالية بغية تأكيد أسلوبها فى مواجهة تحديات ما بعد 30 يونيو داخلياً وخارجياً وحفز المواطنين والقوى السياسية ومنظمات المجتمع لتفهم مدى تلك التحديات وللمشاركة بأفكارهم وجهودهم فى التعامل الإيجابى مع الموقف حتى يتحقق الخروج من الأزمة بسلام. وثانى الواجبات أن توضح الحكومة موقفها من جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة فى ضوء خروجهما عن القانون وبعد حكم محكمة الأمور المستعجلة بحظر أنشطة الجماعة وكل ما يرتبط بها من مؤسسات وهيئات وكيانات. وقد كان تباطؤ الحكومة فى إعلان التزامها بتنفيذ الحكم غير مقبول سياسياً ولا شعبياً، ثم إعلان قرارها بتشكيل اللجنة التى نص عليها حكم المحكمة دون تعيين أسماء ممثلى الجهات التى نص عليها التشكيل ودون توضيح برنامج عملها وتوقيت إعلان قراراتها للشعب، كل ذلك ما زال يصب فى خانة الأداء غير الثورى للحكومة التى نطالبها بالعدول عنه فوراً إن شاءت أن تستعيد ثقة الناس بها وصبرهم عليها. ويرتبط بذلك الواجب الثانى، ضرورة أن تحدد الحكومة موقفها من الجماعة الإسلامية وأحزاب تيار الإسلام السياسى واستمرار تأييدهم لجماعة الإخوان المحظورة ومشاركتهم فى مسيراتها العدائية للثورة الشعبية، وكذلك تحديد موقفها بشأن حزب النور وأسلوبه المتردد فى الانخراط فى العملية السياسية بعد 30 يونيو، وكذا الموقف من الجماعات السلفية ومدى ضلوعها فى المخططات الإخوانية لنشر الفوضى فى البلاد. من المهم أيضاً أن توضح الحكومة موقفها من التعامل مع القوى الثورية وجماعات الشباب ومدى استعداد الدولة لاستيعاب حركة الشباب وإتاحة الفرص لهم للمشاركة الإيجابية فى تقرير أمور الوطن. وثالث واجبات الحكومة تجلية موقفها من تطبيق العدالة الانتقالية وإنهاء ما سمته «برنامج حماية المسار الديمقراطى» الذى يتناقض مع أهداف ثورة 30 يونيو ويخالف حكم القضاء بحظر أنشطة جماعة الإرهاب! ورابع الواجبات، أن الحكومة لكى تنجح وكلنا نريد نجاحها لأنه سيكون نجاحاً للوطن يجب أن تتطور لتكون حكومة ثورة شعبية تؤسس للبناء الديمقراطى المستهدف، وأن تكون فى ذات الوقت حكومة للحرب على مصادر الإرهاب والعنف، حكومة تنهض بالدور الأساس فى القضاء على الفساد الذى رعاه نظاما حكم مبارك ومرسى وأهله وعشيرته، وتؤسس للعدالة الاجتماعية ولتنمية وطنية شاملة على أساس من العلم والعدل. وأخيراً على الحكومة أن تبادر بإظهار قدرتها على مواجهة الضغوط والإملاءات الأمريكية والغربية عموماً، وتكون فاعلة فى المواجهة السياسية لكافة التدخلات الأجنبية فى الشأن المصرى والداعمة لجماعة الإرهاب! حمى الله مصر.