تجربة العمل من المنزل، أو حتى الحصول على إجازة لرعاية الأطفال، بعد تعليق الدراسة، أمر جديد على الكثير من السيدات اللاتى اعتدن على دوام يومى فى مقرات عملهن. فجأة وجدن أنفسهن وجهًا لوجه مع الأطفال، بل الزوج أيضًا الذى حصل هو أيضًا على إجازة لثلاثة أيام، خوفًا من الكورونا، وفى غير أيام الإجازات والمصايف بأجواء انطلاقها. عمل من المنزل ومذاكرة وسط تجمع عائلى وأجواء إجازة، فماذا حدث. .ظنت نرمين بكر أنها ستعيش أجواء هادئة مع أسرتها تستعيد فيها روح الإجازات التى تخف فيها مسئوليات الدراسة وتنظيم مواعيد الاستيقاظ والنوم والدروس، وازدادت فرحتها بعدما علمت أن زوجها المحاسب فى شركة الكهرباء سيحصل هو الآخر على إجازة 3 أيام فى الأسبوع. لكنها وجدت نفسها فى وضع أسوأ من أيام الدراسة، فالأولاد الثلاثة يستيقظون من السابعة صباحًا كما اعتادوا، ومنذ هذا الوقت ولا تنتهى طلباتهم وشقاوتهم فى كل غرف المنزل، لتجد المنزل فى نهاية اليوم وكأنه لم يرتب منذ شهور، استمر الوضع هكذا يومين. فوجئت نرمين بمكالمات من مدرسى أطفالها فى المرحلتين الإعدادية والابتدائية، يطلبون منها مساعدة أبنائها على مذاكرة بعض أجزاء المنهج حتى يكونوا مستعدين للعودة فى أى وقت، مما زاد عبئها على مدار اليوم، فالمناهج تغيرت كثيرًا وأصبحت أكثر تعقيدًا. من القرارات التى زادت من توتر نرمين وفزعها هو إلغاء السوق الأسبوعين فى قريتها بالمنوفية، وإعلان الجزارين إغلاق سوق المواشى وعدم قدرتهم على ذبح أى مواشى خلال هذه الفترة وحتى أجل غير مسمى، فاضطرت أن تستهلك من المخزون الذى أعدته خلال الفترة الماضية كاستعداد لشهر رمضان الكريم. شفت صحافة من المطبخ حصلت سمر سيد على فرصة العمل من المنزل كغيرها من السيدات العاملات لترعى أطفالها فى سن المدرسة والحضانة، وشعرت بالراحة لأنها ستقلل من الخروج للمنزل وتتجنب احتمالية الإصابة بالفيروس ووضعت لنفسها جدولاً محددًا، لتعمل فى أوقات معينة وتتواصل مع أسرتها بعدها. تستيقظ سمر من التاسعة صباحًا لتبدأ «الشفت» الخاص بها فى أحد المواقع الصحفية، لكنها فوجئت بأطفالها يستيقظون فى وقت مبكر أيضًا، فلا تستطيع الالتزام بالجدول ولا إنجاز عملها فى الوقت المحدد. تقول سمر إنه منذ أن يستيقظ الأولاد تبدأ طلباتهم من أول كوب اللبن وحتى الحلوى التى يريدونها بعد منتصف الليل، ورغم تعبها لا تستطيع أن ترفض لصغارها طلبًا، فتبدأ إعداد كيك لذيذ لسهرة أسرية سعيدة. العمل من المنزل أكثر إرهاقًا من النزول بشكل يومى، فزوج سمر يعتقد أنها ما دام بدأت العمل فى المنزل فهى فى راحة تامة، كونها تخلصت من مجهود ركوب المواصلات والتعامل مع عدد كبير من الأشخاص، لكنه لم يدرك بعد أن المذاكرة للأولاد والعمل فى المطبخ لساعات طويلة يستهلك نفس الطاقة وأكثر. سمر كانت تظن أنها فى هذه الإجازة ستكتشف الكثير من التطورات التى طرأت على صغارها خاصة ابنتها الصغيرة التى لم تتجاوز الثلاث سنوات، والتى كانت تشعر تجاهها دائمًا بالتقصير، لانشغالها بالعمل، لكنها اكتشفت أن خروجها للعمل لم يكن يشغلها عن صغارها، لأنها كانت تعود لتتفرغ لهم تفرغًا كاملًا. تجمع عائلى..لا تمارين ولا دروس هدى فرهود هى أسعد إنسانة بقرارات إيقاف الدراسة ولم شمل الأسرة المصرية من جديد، فالجدة صاحبة ال66 عامًا لا تلتقى بأبنائها وأحفادها طوال فترة الدراسة حتى أيام العطلة الأسبوعية رغم تواجدهم معا فى نفس المنزل، بسبب انشغالهم بالتمارين والدروس الخصوصية. فبعد تنفيذ هذا القرار أصبحت هذه العائلة تجتمع يوميًا فى بيت الجدة الكبير، ورغم الخوف والفزع الذى يعيشه الجميع فى مصر فإن مدينة بور سعيد آمنة ومطمئنة، حسب كلام فرهود. رغم هذه الطمأنينة فإن هدى تخاف على أسرتها وقررت عدم خروجهم جميعًا من المنزل، وقامت بالتواصل بالسوبر ماركت الذى تتعامل معه واشترت متطلبات المنزل التى ستكفى فترة الأسبوعين الإجازة، واتبعت عندما استلمت الأوردر الإجراءات الوقائية حتى تضمن أن الطلبات غير محملة بالفيروس. ارتدت هدى جوانتى طبياً عند استلامها شنط الطلبات وأفرغت جميع المحتويات فى أماكنها المخصصة وامتنعت عن وضع الألبان والجبن فى الثلاجة إلى بعد مرور 9 ساعات حتى إذا كانت هذه الأسطح عليها الفيروس لا يعيش فى الثلاجة، وكانت هذه الإجراءات نتيجة متابعتها لتعليمات منظمة الصحة العالمية. طلبت هدى من ابنتها التى تعيش فى القاهرة الانضمام لهذا الجمع العائلى وخاصة أن زوجها يعمل فى الخارج ولا يتواجد معهم، فاستجابت واستطاعت فرهود أن تحول هذه الإجازة من شعور دائم بالملل إلى تجمع عائلى أسعدهم جميعًا، واستطاعت أن توفر كل سبل التعقيم من كحول اثيلى وكلور وديتول وغيرها، وبجانب ذلك حضّرت مشروب تقوية المناعة وبدأت تتناوله الأسرة بشكل يومى. فلوس إضافية للنت.. وفض نزاعات 3 بنات فى مراحل تعليمية مختلفة استقررن فى المنزل مع والدتهن الخمسينية بعدما كانت تقضى أغلب اليوم بمفردها، ورغم قرار الإجازة الذى تمنته الأم ظنًا منها أنها ستجد من يؤنسها، لكنها وجدت نفسها بمفردها أيضًا، فالبنات طوال اليوم فى غرفهن يتواصلن مع أصدقائهن على الإنترنت ولا يجتمعن معها إلا على مائدة الغداء. قامت نهلة أحمد بعدة حيل حتى تستطيع أن تقضى مع بناتها أطول فترة، كان منها إعداد سهرة مع أحد المسلسلات التركية وحلوى خاصة أعدتها بنفسها، لكنها وجدت بناتها يجلسن وأعينهن ما زالت فى التليفون. ظنت نهلة أن هذه الإجازة ستوفر عليها مصاريف النزول اليومى للجامعات والدروس الخصوصية، لكنها وجدت نفسها تقوم بصرف أموال أكثر، فباقة الإنترنت المنزلى تنتهى قبل موعدها وتضطر لتجديدها خلال 13 يومًا فقط، •