ساهمت فى التفكك الأسري والإنهيار الإقتصادي والإجتماعي والأخلاقي.. هل تعلم أن سر إنتشار ظاهرة الطلاق بين الشباب بهذا الشكل المفزع , وسر التفكك الأسري والإنهيار الإقتصادي والإجتماعي والأخلاقي هو منظومة التعليم المصري الفاشلة ؟؟ ... أرجوك لا تتعجب , فمنظومة التعليم المعتمدة على الحفظ والتلقين لم تكتفي بسحل الأبناء والآباء والأمهات لتوفير مصروفات الدروس الخصوصية ليحصل الأبناء على ال 100% ليستطيعوا الإلتحاق بكليات القمة لتحقيق أحلامهم , ولكنها تسببت في مشاكل إجتماعية وأخلاقية وأسرية جسيمة , وفشل زيجات كثيرة ؛ بسبب تعميق الفجوة وإحساس الغربة , وفقدان الدفء العائلي والخبرة والتجربة الأسرية والإحساس بالمسئولية , لإنشغال الأبناء بتحصيل ال 100% التي ربما بل غالبا لايمكن تحصيلها , وإذا إبتعد الطالب عنها بنسبة ليست بالكبيرة , فلن يجد مقعده في كلية القمة التي طالما حلم بها هو أسرته , وليدخل في دوامة الجامعات الخاصة إن إستطاع , أو فليستسلم لمقعده في أي كلية " هو ونصيبه " ليخرج وتدور عليه الدوائر ويلاحقه فشل الحفظ والتلقين حتى في حياته الزوجية والأسرية ... فكانت ل " صوت الأمة " رحلة بحث في العمق الذي لم ينتبه له الجميع .. تقول " فاطمة المتولي " أم لثلاثة طلبة جامعيين ل " صوت الأمة " : ( تسببت منظومة التعليم المعتمدة على الحفظ والتلقين في تفسيخ العلاقات الأسرية والإجتماعية لأن الأب " داير في ساقية " من أجل توفير مصاريف الدروس الخصوصية ولم يعد لديه الوقت للجلوس مع زوجته وأبنائه مثلما كنا نرى رب الأسرة في الماضي يجلس في نهاية اليوم مع أسرته يتفقد ويتابع أحوالهم ويقرأ صحيفته في جو عائلي جميل يتعرف على أخبار ومشاكل أبنائه ... ويشعر الأولاد بأبوة والدهم , وكذلك الأم التي تضطر إلى العمل لتساعد الأب في توفير مصروفات دروس أبنائهم لتدخل هي الأخرى في الطاحونة , وتصبح هي الأخرى مشغولة طوال الوقت , وأبنائها أيضا في طاحونة الدروس الخصوصية التي تحرق معظم وقتهم ). وذكرت " علا الزيني " أم لطالبة بكلية الطب وقوع حالة طلاق لإبنة صديقتها "الطبيبة" من زوجها ا"لطبيب" اللذان يتمتعان بالهدوء ودماثة الخلق ولا يعيبهما سوى الهدوء الزائد عن الحد وعدم قدرتهما على التفاعل مع بعضهما لأنهما لا يحسنان سوى المذاكرة وتحصيل الدرجات والتقديرات منذ الصغر , وهو الأمر الذي أدى إلى تسرب الملل والفتور في علاقتهما , ولم يستطيعا أن يكملا حياتهما على الرغم خلقهما الرفيع ؛ مضيفة بأن إنكفاء الأسرة المصرية والطلبة على الدروس الخصوصية لتحصيل المجموع المطلوب لكليات القمة له أثر نفسي عميق في تأصيل الفجوة بين الآباء والأبناء الذين يهرولون من المدرسة للدرس للمذاكرة , وحتى عند عودتهم للمنزل يسرع الطالب للدخول إلى غرفته وإغلاق بابه عليه للمذاكرة , وفي الوقت نفسه تخشى الأم الحديث مع ولدها خوفا من تتضييع وقته الثمين , وبمرور الأيام تزداد الفجوة التي تسبب فتور المشاعر وفقد الحميمية والترابط داخل الأسرة الواحدة . ويرى " حامد عبد السلام " موظف وأب لطالبتين خريجي جامعة أن الحلقة المفرغة التي يعيش فيها الطلبة طوال العام الدراسي جعلت الطالب يعيش في فترة الدراسة ما بين المدرسة والدرس وفي الإجازة في الدروس الخصوصية والمذاكرة , فلم يعد الطالب يشعر بالإجازة , ولم يعد للبنت فرصة لتعلم أي شيئ من والدتها في شئون المنزل بما فيها الطبخ , وهو أمر يؤثر عليها داخل بيتها مع زوجها بعد ذلك , نتيجة معاناة زوجها من عدم معرفتها بالطبخ وشئون المنزل وبالتالي تنشب الخلافات الزوجية وتصبح منظومة التعليم الفاشلة مسئولة حتى عن زيادة حالات الطلاق وتفكك الأسرة الجديدة , لأنها لم تعطي فرصة للبنت للتعلم في بيت والدها , وكذلك لم تعطي للشاب فرصة متابعة الأب في طريقة إدارة البيت وتحمل المسئولية , لينتج عن تلك المنظومة في النهاية زوجة و أم شابة فاشلة , و زوج وأب شاب فاشل لا يعلم شيئا عن طبيعة الحياة والمسئولية داخل عش الزوجية ولا يقدران معنى الأسرة والترابط العائلي الذي لم يعيشاه بسبب إنشغالهما طوال حياتهما السابقة في طاحونة الدراسة والدروس الخصوصية . وأضاف "ابن أخي مدرس بكلية الطب , وكان مصرا على الزواج بطبيبة مثله ولن يقبل بأي شريكة له سوى طبيبة , وبالفعل إرتبط بالطبيبة التي يريدها , ولكن ابن أخي تربى طوال عمره في منزل تديره والدته بحنكة وتهتم بشئونه لأن أخي قضى عمره في العمل في الخليج العربي , وكانت ربة منزل وطباخة ماهرة , وجاءت زوجته على العكس منها تماما فهي لم تعرف أي شيئ عن شئون المنزل والطبخ , وإعتمدت على الطعام الدليفري , وهو أمر لم يقبل به ابن أخي الذي لم يعتد ذلك , وكان هذا الوضع محل خلاف بينهما دوما , فإما أن تطلب الدليفري أو تحاول محاولات فاشلة في الطبخ , وكان ردها أنها طبيبة وليست طباخة , فقررا الطلاق , وقرر بإصرار ألا يتزوج طبيبة ويتزوج خريجة كلية عادية لتكون ربة منزل , وإلى الآن لا زال يتأنى في إختياره , ولكن ما يقلقني أنه حتى البنات خريجي الكليات العادية السواد الأعظم منهن لا يعرف شيئا عن الطبخ وشئون المنزل ) . و يؤكد " محمد سالم " مهندس حديث التخرج على أن منظومة التعليم كرست لعزل الطالب والطالبة عن المجتمع والناس ليخرجا في النهاية بلا أي خبرات حياتية أو تجارب إجتماعية , وهو الأمر الذي يؤدي إلى تعرضهما لصدمات عديدة في مقتبل حياتهم نتيجة إنعدام الخبرة , خاصة مع وجود عالم الإنترنت والفيس بوك الذي يسرق باقي وقتهم ليصبح الأبناء فريسة لهذا العالم بكل ما يصدره من صالح وطالح , وهو أمر خطير يلقي بظلاله على المستقبل . وتقول " مها صلاح " طالبة علمي بالصف الثالث الثانوي : ( أنا معنديش وقت أتكلم مع أي حد من أسرتي لأن كل مدرس في الدرس بيتعامل معانا على إن مفيش ورانا غير مادته هو بس وطبعا هو حريص إن الطلبة بتوعه يجيبوا الدرجات النهائية عشان سمعته في السوق , فتلاقيه مكبب الدنيا فوق دماغنا في حل التمارين والحفظ ... إحنا مش لاحقين .. وطبعا الكلام دة أجازة ودراسة , مبقاش في فرق عندنا ما بين الأجازة والدراسة الأيام بقت شبه بعضها ومفيش وقت للترفيه والفسح , ولا حتى إني أعرف أخبار إخواتي اللي عايشين معايا في بيت واحد لأنهم مشغولين زي ما أنا مشغولة .. مستنية ربنا يسهل وأخلص الثانوية العامة دي على خير وأخلص وأجيب مجموع الطب اللي نفسي فيه إن شاء الله ) . وتتحسر " آمال فتحي " أم ل 4 أبناء في مراحل دراسية مختلفة على إستنزاف الدروس الخصوصية لأوقاتهم و دخولهم المادية التي كانت يتم توفيرها مع الأجيال السابقة لإدخارها للأولاد أو صرفها على مأكلهم ومشربهم وإسعادهم , وتسببها في أزمة إقتصادية طاحنة للأسرة المصرية , التي تضطر إلى اللجوء إلى أعمال إضافية ومزيد من الجهد والعناء ومزيد من الوقت المهدر في تلك الأعمال , وهو أمر يستنزف مجهود و وقت و تركيز الأب والأم اللذان لا يجدان الوقت لتربية أبنائهم ومراقبتهم , الأمر الذي يؤدي إلى العديد من المشاكل الأخلاقية والمجتمعية , وهما معذوران في ذلك لأنهما يسعيان إلى توفير مستقبل علمي ومهني لأولادهم , في نفس الوقت يتسرب إحساس الغربة بين أفراد الأسرة الواحدة والحرمان من الجلسة الدافئة و الألفة . وأشارت إلى إكتشافها تدخين ولدها السجائر وتضييع وقته على الإنترنت في غرفته بحجة المذاكرة , وهي عادات لم تستطع تغييرها في ولدها الذي لم يحصل إلا على مجموع معهد بالمصروفات . وتقول " فتحية سليمان " موظفة سابقة على المعاش و جدة ل 5 أحفاد , وأم ل 3 أبناء : ( كان زمان بنروح المدرسة الصبح ونرجع البيت بعد الظهر , ما كنش اليوم الدراسي طويل زي دلوقتي , ولا في دروس ولا حاجة لأن المدرسة كانت بتقوم بدورها على أكمل وجه ... نرجع نحل الواجب ونذاكر , ويتبقى معانا وقت للتفاعل مع الإخوة والأب والأم , وكانت أجازة الصيف 4 شهور , للمتعة والتواصل العائلي .. كانت البنت تقعد تساعد أمها وتتعلم وتسمع منها وتدخل المطبخ , والولد يروح مع أبوه شغله ويساعده وياخد نصايحه ويشوفه وهو بيتعامل ويتصرف , ودة كان بيخلق دفء عائلي وتواصل إجتماعي صحي داخل الأسرة , لكن دلوقتي تلاقي الولد والبنت بيجروا على الدروس , والأب والأم بيشقوا عشان يوفروا ثمن الدروس للعيال , وتتخرج العيال و تدور الدائرة عليهم بردة , يجروا ويشقوا عشان لقمة العيش بس بدون خبرة وبدون تجربة , ومن غير إنتماء أسري أو رابط عائلي مقدس , بسبب ظروف حياتهم وإنشغالهم بتحصيل درجات شبه نهائية , ونلاقي تفكك أسري وفشل زيجات عديدة , وحالات طلاق كثيرة جدا جدا لتصبح ظاهرة بين الشباب , بالإضافة إلى فشل في علاقة الأبناء بآبائهم وإخوانهم بداخل الأسرة الواحدة .. كل دة محصلة إيه , محصلة منظومة التعليم الفاشلة المعتمدة على الحفظ والتلقين ) . فهل سيتم إصلاح منظومة التعليم لينصلح حال المجتمع والأسر المصرية ؛ أم سيبقى الفشل يلاحق الأجيال , ومزيد من التدهور والإنحدار بالتبعية في المنظومة المجتمعية والخلقية والأسرية ؟؟؟؟