ساعات طويلة يقضيها الجميع أمام شاشة الموبايل الذكى بين تصفح مواقع السوشيال ميديا ومشاهدة فيديوهات وغيرها، وتحول هذا الإدمان من الشباب والأطفال إلى الأمهات أيضاً فأصبحت الكثير منهن لا يستطعن مفارقة هذا الجهاز الصغير الذى استحوذ على عقولهن وقلوبهن. تقف فى المطبخ على حوض الأطباق لغسل الخضروات التى اشترتها من السوق، فلا تستطيع أن تنتظر ساعات قليلة أخرى حتى تنتهى من إعداد وجبة الغداء، فتحضر هاتفها وتختار حلقة المسلسل التركى الذى تتابعه، وتثبت الموبايل على طرف حامل الأطباق، وتبدأ فى متابعة المسلسل وهى تؤدى عملها فى المطبخ. تقول نرمين بكر إنها غير راضية تمامًا عن هذا الوضع، فبعدما كانت تقضى ساعات يومها مع أطفالها، حتى وهى تقوم بطهى الطعام، مستمتعة بالاستماع لمشاكل أطفالها فى المدرسة أو النادى وخلافاتهم البسيطة مع أصدقائهم، أما الآن فهى مسلوبة الروح والعقل لدرجة أنها أحياناً تفقد القدرة على التواصل مع رضيعها أثناء إرضاعه بسبب تواصلها مع أصدقائها عبر الفيس بوك والواتس آب، «نفسى أسيطر على هذا الإدمان الذى بدأ يدمر حياتى الأسرية». أما الأربعينية نجلاء فاروق، التى كانت دائماً تشكو انشغال أولادها عنها بسبب الموبايل، فكانت تجلس بين 3 أولاد كل منهم منتبه لموبايله فقط، إلى أن قررت تحميل جميع التطبيقات التى يستخدمها أولادها، فتبدلت الأحوال. دخلت نجلاء عالم السوشيال ميديا ووجدت جميع أصدقائها من أيام الجامعة، وبدأت فى التواصل معهم، ويومًا بعد يوم وجدت نفسها تندمج فى هذا العالم، وتبدلت الأدوار وأصبحت مكان أولادها، يريدون التحدث معها وأخذ نصيحتها وهى فى عالم آخر لا تدرك أنهم يتحدثون معها إلا بعد أن تنتهى مما تفعله، وفى بعض الأحيان لا تدرك أساساً إلا بعد أن يلومها أولادها. تخيلت نجلاء بيتها يوماً دون موبايل وإنترنت، وتمنت أن تعود هذه الأيام حقاً، لتقضى يوماً مع زوجها دون اتصالات وإيميلات العمل التى لا تنتهى،وأصدقاء أبنائها والجروبات المشتركين فيها، والتى أصبحت الشخص الأهم فى حياة أبنائها. سوزان: أهملت بيتى بسبب الزقزقة والدقدقة «أنا مدمنة سوشيال ميديا من قبل الجواز والحمل، وبقضى أغلب يومى على الموبايل، خصوصاً بعد ما سبت الشغل بسبب ظروف حملى الصعبة، والمشكلة امتدت معايا لبعد الخلفة كمان ومبقتش بهتم بالبيت ولا بنتى،مثل اهتمامى بالسوشيال ميديا والمسلسلات الكورى وغيرهما». تابعت سوزان حسن قائلة: «لا أعرف شكل الحياة من غير سوشيال ميديا، لكن كلام أمى عن إهمالى فى بنتى،خلانى أحاول أعيش حتى لو يوم فى جو أسرى هادى خالى من صوت زقزقات الفيس بوك وتويتر ودقدقات الواتس آب». صديق تيتا فادية.. أخدها منا لم تكن فادية أحمد تعرف معنى السوشيال ميديا وموبايل أندرويد طوال حياتها، فكانت علاقتها بالموبايل مكالمات فقط، إلى أن خرجت للمعاش، واتفق الأحفاد أن تكون هدية عيد الام لجدتهم «تاب» لكى تسلى وقتها طوال الأسبوع، حتى تأتى إجازة نهاية الأسبوع ويقضونها معها. تحول استخدام فادية للتاب من مجرد وسيلة تسلية إلى صديق يرافقها أينما ذهبت فى المنزل، وتدريجياً سلب منها الإجازة الأسبوعية التى كانت تنتظرها لتعد لأحفادها الأكلات والحلويات اللذيذة ويوماً بعد الآخر أصبحت الجدة أسيرة لهذا الجهاز الصغير، وتتمنى كثيراً أن تستطيع مقاومته لتقضى يوماً مع أحفادها. «معرفتش إن الموبايلات ملهاش أى قيمة غير لما التاب باظ ووديته التوكيل يتصلح، ساعتها بس قدرت أعيش حياتى بشكل طبيعى زى زمان، بس أكثر من 7 شهور كنت مغيبة فيها وفاتنى كتير فى تفاصيل ومشاكل عاشها ولادى وأحفادى». •