مراحل سريعة مرت على بعض مستخدمى ال«سوشيال ميديا»، الذين وصل حالهم إلى حد الإدمان، بحسب خبراء ومحللين نفسيين، تاركة وراءها عدداً كبيراً من الانطباعات، لم تخرج كلها عن إطار السلبية، حول مستخدميها الذين انفصلوا عن واقعهم واختاروا العيش فى عالم افتراضى، منحصرين بين مواقع التواصل الاجتماعى فقط، وأصبح الأهم فى حياتهم، هو شحن «الموبايل» و«باقة» الإنترنت. حكايات عديدة، جمعت بين 3 خبراء وأطباء نفسيين مع أسر وأهالى مدمنى ال«سوشيال ميديا»، لجأوا إليهم لإيجاد حل للأزمة، التى حاصرت أبناءهم الأطفال والمراهقين وحتى الأزواج. «مزيد»: لا توجد إحصائيات عن مدمنى «السوشيال ميديا» فى مصر لكن الأعداد كبيرة جداً ومن جميع الأعمار مواقع التواصل بقدر إيجابياتها، إلا أنها تحمل قدراً كبيراً من «الوباء» مع كثير من مستخدميها، بطريقة مفرط فيها «القعدة على الإنترنت بالساعات بقت حالة أغلبها عامة بين مستخدميه، والسوشيال ميديا أصبحت وباء فى المجتمع»، يتحدث الدكتور يسرى عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، مشيراً إلى بداية تحويل ال«سوشيال ميديا» إلى إدمان، منذ انتشار خدمة «BBM» فى هواتف ال«black berry»، والذى تعامل معه الكبار والمراهقون والصغار، وأصبح لا يفارقهم، لأنه سهل عملية التواصل بشكل كبير، بعد ال«MSN» على جهاز الكمبيوتر، فيقول: «دلوقتى وجود واتس آب وفيس بوك ومواقع التواصل كلها على الهاتف، دفع مستخدميهم كى يتواجدوا عليهم بكل سهولة وفى أى وقت، على عكس «MSN» اللى الناس كانت بتقعد عليه وقت ما يبقوا فى البيت بس، عشان كان على جهاز الكمبيوتر فقط، ومن وقتها وظاهرة مدمنى الإنترنت انتشرت فى المجتمع بشكل كبير وفى تزايد مستمر». «حالة من فقدان الثقة وعدم وجود أهداف واضحة وخجل اجتماعى»، ملخص تحليل نفسى لشخص مدمن الإنترنت يمر بمعاناة، بحسب «عبدالمحسن»، حيث اعتبر أن مدمن الإنترنت مضطرب نفسياً، ويعانى من اضطراب سلوكى أكثر منه إدماناً، ويطلق عليه طبياً «Impulse Control Disorder»، وهو ما فسره «عبدالمحسن» بأنه «عدم السيطرة فى اندفاعية تنفيذ الرغبة»، موضحاً أن إدمان الإنترنت مرض وليس ظهيراً اجتماعياً، وأسبابه: «الظروف الاقتصادية الصعبة وأى مشاكل تواجه الشخص ده يروح على الإنترنت عشان ينساها، لحد ما بقت عادة ويلاقى نفسه فيها، خصوصاً اللى مابيبقاش عندهم هدف فى الحياة، وعاملين زى مدمنين النوم، اللى بينام كتير عشان يهرب من المسئولية أو مشكلاته». علاج إدمان الإنترنت، بحسب «عبدالمحسن»، عن طريق جلسات تعديل سلوك وأدوية لعلاج تقليل القلق والتوتر: «بداية العلاج لازم تكون من رغبة مدمن الإنترنت، زى مدمن المخدرات بالضبط، عشان يقدر يستوعب جلسات تعديل السلوك، بأننا نحدد الطريقة الصح لاستخدام الإنترنت، وكمان توضيح السلبيات اللى بيتعرض ليها إذا استخدم الإنترنت بطريقة مفرط فيها، وتوجد أدوية بياخدها مدمن الإنترنت عشان تساعده على تقليل التوتر والقلق اللى بيبقى فيه دايماً، ويدفعه يقعد على النت كتير بدون الاحتكاك بالمجتمع والتواصل معهم وجهاً لوجه». 53%.. نسبة مدمنى الإنترنت فى مصر، يدلل «عبدالمحسن» على ذلك قائلاً: «مفيش أشخاص بعينهم بييجوا يتعالجوا من إدمان الإنترنت عند دكتور، توجد عيادات نفسية خاصة لعلاج مدمنى الإنترنت لكن خارج مصر، وأكتر الحالات اللى بقابلها بتكون من أهالى وأسر مدمنى الإنترنت، بييجوا استشارة عشان أوضح ليهم يتعاملوا معاه إزاى، عشان حالته ماتزدش»، وأضاف «عبدالمحسن»: «فيه حالات كتير من أولياء أمور بيشتكوا من أولادهم إنهم على طول على الإنترنت، وبنصحهم الحل الأول إنهم يخصصوا ليهم مواعيد يقعدوا عليها وبعدها يسحبوا الموبايل منهم، وتحديد نظام يمشوا عليه عشان حالتهم ماتزدش، لكن من أكتر الحالات اللى بتجيلى، شكوى زوجات من قعدة أزواجهم على الموبايل طول الوقت، ومن أغرب الحكايات كان زوج بيفضل ماسك الموبايل لحد ما ينام زى الأطفال، والحالة دى ميئوس منها». الشخص الذى يتعلق بشىء تعلقاً شديداً، لدرجة وصوله لحالة غياب تام وسط مجتمعه، وإذا ابتعد عنه يشكو من أعراض الانسحاب، هو الإدمان، سواء كان عقاقير أو مخدرات أو عادات مثل الجلوس فترات طويلة على الإنترنت، بحسب الدكتور ريمون قناص، طبيب نفسى، الذى يتلقى شكاوى من أهالى مدمنى الإنترنت بعيادته «أكتر من مدمنى المخدرات»، لاستشارته، فيقول: «أولياء أمور كتير بتعانى من ولادهم الكبار والأطفال بقعدتهم الكتير على النت، وحتى إدمان الآباء والأمهات بقعدتهم على الموبايل وحالات كتير بتيجى ليا بقوا أكتر من الناس العادية اللى بتجيلى العيادة، لكن مفيش مدمن إنترنت جالى بشخصه، وده يدل إن معندناش وعى بالأزمة والمشكلة»، يوضح «ريمون» أن بداية علاج مدمن الإنترنت هو نفسه علاج مدمن المخدرات، أولها أن يشعر بأنه شخص غير طبيعى وسط مجتمعه: «أسر الأهالى اللى بتيجى عشان عندهم شخص مدمن إنترنت، مبقدرش أديهم العلاج الصح لأن الشخص نفسه مش موجود، لكن بديهم نصائح معينة لو كان الشخص المريض طفل فممكن يستجيب لأنه لسه بيتعلم، لكن لو شخص بالغ بيبقى من الصعب علاجه فى عدم وجوده، وبطبيعة الحال أغلب المرضى النفسيين بتخاف تروح لينا، عشان خايفين الناس تقول عليهم مجانين». د. يسرى عبدالمحسن: مدمن الإنترنت مضطرب نفسياً.. ويعانى من فقدان الثقة والخجل الاجتماعى وعدم وجود أهداف واضحة «شحن الموبايل، باقة الإنترنت وسرعتها»، هى محور الاهتمامات التى تدور فى مخيلة مدمن الإنترنت فقط، مبتعداً عن حياته الاجتماعية، بحسب «ريمون»، مؤكداً أنه يعانى من اضطراب عدم التحكم فى رغباته، والسيطرة عليها عن طريق استخدامها فى حدود: «اللى بيقعدوا على السوشيال ميديا كتير بيبقوا غالباً مش عندهم هدف، بخلاف اللى شغلهم بيبقى كله عليه، وبيقعدوا أكتر من 12 ساعة مستمرة، بيعتبر وقتها طبيعة عمل لكنها فى أغلب الأحيان بتقلب بإدمان، وكل هدفهم إن النت على طول يكون موجود ومشحون أكتر من الأكل والشرب». «مش المهم بيقعد على النت ليه.. الأهم عدد الساعات قد إيه؟»، سؤال يؤكد على أهميته الدكتور محمد مزيد، طبيب نفسى، موضحاً: «كتير من الزوجات لما بيجوا يستشيروا من قعدة أزواجهم على النت حتى لو ساعتين متواصلتين بس، رغم إن الأزمة كلها فى عدد الساعات اللى بيقعدها الشخص على النت وموبايله، لأن عدد الساعات هو اللى بيحدد إذا كان الشخص مدمن سوشيال ميديا، ولا شخص عادى». يواصل «مزيد» رصد حجم كارثة المرض بالأرقام قائلاً: «صحيح لا توجد أرقام بعينها أو إحصائيات عن عدد مدمنى السوشيال ميديا فى مصر، لكن ظاهرياً الأعداد كبيرة جداً، ومن جميع الأعمار والفئات، لهروبهم من واقعهم البائس واللجوء لقعدة الإنترنت أياً كان الهدف، حتى لو كان بيلعب ألعاب طول الوقت، برضو يسمى مدمن، هؤلاء بحسب الدراسات، ويصنف من ساعة واحدة إلى ساعتين متواصلتين على الإنترنت شخص عادى، فيما أكثر من 3 ساعات يصنف مدمن سوشيال ميديا بدرجات متفاوتة»، مضيفاً «العلاج بيكون على حسب الحالة، لأن كل حالة بيبقى إدمانه بالسوشيال ميديا بنسبة، وأحياناً بلجأ لكتابة أدوية مهدئة لكن مش حل، لأن الأساس الشخص يروح للدكتور بإرادته وده مبيحصلش».