السفير مخلص قطب الأمين العام للمجلس القومى لحقوق الإنسان نمتاز فى المحروسة بامتلاك أكبر أعداد من مكبرات الصوت ذات الأعيرة المختلفة لتسليح مآذن دور عبادة، تنتشر وتنمو كعش الغراب فى أى أرض أو حديقة وتخرق القانون وتقذف دعوات تفريخ أطفال وتجمع شباب فتزيد كتائب طاعة الجهالة «لنباهى بهم الأمم».. يدعم ذلك مجتمع يزيد خلقه ولا يزيد طعامه ونتخفى وراء مسلمات دينية وأقوال لتخفف من همومنا وتزداد اتكاليتنا وتصبح مصر ساحة مفتوحة للإسلام السياسى والظلامية وقاعدة انطلاق لكيان سنى يسقط حواجز الأوطان، يقابله بالضرورة كيانات أخرى دينية / إثنية / عرقية، وبالتأكيد ستكون هناك مباركات بلاد (الكفر / الديمقراطيات) باعتبار ذلك يصب فى رؤيتها ومصالحها.. وعندما ننتفض للإصلاح الدينى نرى فورًا شاشات إعلامنا تقدم الداعين شبابًا وشيوخًا بملابس الديمقراطيات فنكون بذلك مجددين لخطابنا الدينى!!! ونكون بذلك تجنبنا حوارات مهمة حول زى المسلم والداعية.. فلا نختلف على طول جلباب أو قفطان أو حلق شارب وتهذيب لحية...إلخ وهى أساسيات المسلم.. واللافت أن إعلامنا- بالوعى وبدونه – يحقق هذه الأهداف بمقولة أننا نسابق المتأسلمين بضرورة دعم وزيادة برامج دينية فى كل مناسبة، أو حتى بدون مناسبة.. ونستضيف شخصيات ذات صلة لإتاحة الإسلام الوسطى فى مواجهة التطرف.. فنساهم نحن - بالفطنة أو بغيرها – وبأيدينا فى تحقيق الأهداف الظلامية ...إلخ.. وهنا يثار تساؤل حول فكرة إحياء الدعاة وإتاحة مساحات فى وسائل إعلامنا وقنوات التليفزيون وفى توقيتات متزامنة بمن فيهم من خر يشكره ويحمده على كارثة ونكسة 67 واحتلال إسرائيل ل 3/1 مصر وقضائها على مدن وقرى وما لزم من تهجير أكثر من مليون مواطن من دورهم فضلًا عن سقوط حوالى المائة ألف شهيد وتشريد أسرهم.. فالذى سجد لله شاكرًا لكل هذا الدمار والخراب للوطن وأهل مصر، باعتبار أن الله أسقط الشيوعيين وأنقذ البلد، فهل مصر.. الوطن يعنى شيئًا عند هذا وهؤلاء ؟!!.. وإن كنا نعترف أن الرئيس الراحل أنور السادات هو من فتح الأبواب والأبواق لهؤلاء بفكره ونظرته هو وحساباته الشخصية الداخلية والإقليمية فى وقتها، بمقولة أن استنساخ إسلام وسطى وإتاحته هو الحل لمواجهة التطرف، فامتلك هؤلاء ناصية أمورنا وإعلامنا وتدخلوا لفرض شكل وأسلوب تعامل مستنبط من جاهلية وقاموا بعمليات ممنهجة لأسلمة معيشتنا وبرامجنا التعليمية، والتى يجب أن تكون محشوة بآيات وأحاديث سواء كانت مناهج علوم أو دراسات . إلخ وعلى التلميذ الحفظ مسلمًا كان أو مسيحيًا .. وإن كان السادات قد وعى ذلك متأخرًا وقبل اغتياله بأيديهم - وفقًا لما أكدته السيدة حرمه -، فإن ما خلفه فى مصر من خراب عقول وفكر يحتاج لثورة ثقافية لتكون المعرفة والعلم قاطرة تنمية وتقدم مجتمعنا.. وأصبح هناك خلط متعمد بين المعتقد والقانون والافتئات عليه بأن تكون الشريعة هى أم القوانين ويصبح تطبيق القانون وفقًا للهوى لأهداف القوى الظلامية.. وإذا كنا جميعًا نتفق على ضرورة احترام قيم العدالة والحق وتعزيز الفضائل وتدعو لها جميع الأديان، فالقوانين تحددها وتؤكدها بل وتحميها بإجراءات قانونية ملزمة لنا جميعًا حاكمًا ومحكومًا ويصبح إعلاء قيمة القانون واحترامه وتطبيقه هو الفرض والواجب ويتوارى دون ذلك أية أعراف وعادات ودعاوى.. ومن هذا المنطلق فلا الأزهر أو الكاتدرائية لهما شأن فى سن القوانين والنظام فى الدولة. فالمؤسسات ذات الصلة هى المعنية...ومن الطبيعى أن يكون من الأصوب دائمًا الاستئناس بالآراء القيمة لمثقفين وعلماء دين وأهل علم فيما قد يطرح من أفكار لقوانين.. بما يتيح لأهل الاختصاص رؤى واسعة نتاج هذا الحوار، تجعل ما قد يطرحونه من مشروعات قوانين أقرب للتوافق المجتمعى ويسهل الأمر على الجهات المناط لها وفقًا للدستور استطلاع رأيها، ثم تكون الصياغة والتدبيك للجهات المعنية قبل طرحه على مجلس النواب ممثل الشعب لإقراره .. ومن هنا نستغرب أن جهة ذات صبغة دينية تعكس المفهوم العقلانى للعمل التشريعى، وتقوم هى بتقديم مشروع قانون بادعاءات عمل مشاورات مسبقة حوله.. إلخ بما قد يفسر بأنه افتئات على دولة القانون ودولة المؤسسات.. المهم ألا ينسينا جميعًا ما سبق خطر القنبلة الداعشية (الانفجار السكانى).. فعندما كانت مصر دولة المعرفة فى العالم أجمع بشعبها الأقل من مليون نسمة، هى الآن فى وضعية خطيرة فسكانها الذين فاقوا ال 120 مليونًا يعيشون على نفس الأرض، على نفس الموارد، لأجدادنا العظماء منذ آلاف السنين .. فرغيف الخبز وقتها لفرد واحد يتقاسمه الآن 120 فردًا.. وبالضرورة يتوارى العلم وتتوارى المعرفة حيث التطاحن والتشاحن على رزق قليل لا يترك لنا مجالًا للفكر والتفكر.. فالدولة تتقهقر ومؤسساتها لا تصد فتلتهم الجهالة والظلامية أجيالنا وشبابنا ليكون عدة نشر لإسلامهم بتغييب الوطن وحق المواطنة.