يطرح شم النسيم العديد من التساؤلات فى ذهن البعض، منها سر ارتباط عيد شم النسيم بعيد القيامة المسيحى؟ وسبب تغيير العيدين من عام لآخر؟ وعلى أى أساس يتم تحديد الموعد؟ وما سبب تسميته بهذا الاسم؟ فى بداية الربيع، كان المصريون القدماء يحتفلون بشم النسيم، كأحد الأعياد التى شكلت أساس العقيدة القديمة التى آمنت بتجدد الحياة الأبدية بعد الموت. وكما أن الربيع رمز لظهور النباتات والزروع بعد فترة طويلة من الموت والركود، ومنذ عصر الدولة الفرعونية القديمة، والمصرى يعتبر أن شم النسيم هو اليوم الذى بدأ فيه الخلق والحياة على الأرض. شوم إن نسيم وكلمة «شم النسيم» هى كلمة قبطية «مصرية»، وتعنى: «بستان الزروع».. «شوم» تعنى «بستان»، و«نسيم» تعنى «الزروع».. وحرف «إن» بينهما للربط مثل of فى الإنجليزية.. فتصير الكلمة «شوم إن نسيم» بمعنى «بستان الزروع».. وقد تطوَّر نطق الكلمة مع الزمن فصارت «شم النسيم». وأشار القس «فلوباتير عزير» إلى أن شم النسيم أصله فرعونى، «علشان فيه ناس كتير بتفتكر إنه من ضمن الأعياد المسيحية لارتباطه بميعاد عيد القيامة»، بينما يرجع سبب ارتباط عيد شم النسيم الفرعونى بعيد القيامة المجيد، إلى القرن الرابع الميلادى بعد انتشار المسيحية وتحول الديانة الرسمية فى مصر إليها، حيث واجه المصريون مشكلة فى الاحتفال بهذا العيد «شم النسيم»، إذ أنه كان يقع دائمًا داخل موسم الصوم الكبير المقدس الذى يسبق عيد القيامة المجيد.. وهى الفترة التى تتميَّز بالنُسك الشديد والعبادة العميقة، مع الامتناع طبعًا عن جميع الأطعمة التى من أصل حيوانى، فكانت هناك صعوبة خلال فترة الصوم فى الاحتفال بعيد الربيع، بما فيه من انطلاق وأفراح ومأكولات، ولهذا أجمعت الكنيسة الشرقية منذ قديم الزمان على تأخير الاحتفال بشم النسيم إلى بعد عيد القيامة مباشرة، حتى يمكن للمصريين الاحتفال به وتناول الأطعمة الخاصة بهذا اليوم. هكذا تزامن الاحتفال الفرعونى القديم الذى يعنى تجدد الحياة مع الاحتفال بقيامة المسيح باعتبار قيامته هى فترة تجديد حياة البشر، وهكذا أصبح عيد شم النسيم هو اليوم التالى لعيد القيامة المجيد، والذى يأتى دائمًا يوم أحد، فيكون عيد شم النسيم يوم الاثنين التالى له. يوم الاثنين أما بخصوص تحديد موعد عيد القيام -أضاف القس «فلوباتير»: فهذا له حساب فلكى طويل، يُسمى «حساب الإبقبطى»، وهى كلمة معناها: «عُمر القمر فى بداية شهر توت القبطى من كل عام»، حيث تم وضع هذا الحساب فى القرن الثالث الميلادى، بواسطة الفلكى المصرى «بطليموس الفرماوى» «من بلدة فرما بين بورسعيد والعريش» فى عهد البابا ديميتريوس الكرّام «البابا البطريرك رقم 12 بين عامى 189 - 232 م»، وقد نُسِب هذا الحساب للأب البطريرك، فدُعِيَ «حساب الكرمة»، كما يحدد هذا الحساب موعد الاحتفال بعيد القيامة المسيحى، بحيث يكون موحدًا فى جميع أنحاء العالم. وبالفعل وافق على العمل به جميع أساقفة روما وأنطاكية وأورشليم فى ذلك الوقت، بناء على ما كتبه لهم البابا ديميتريوس الكرّام فى هذا الشأن، والتزمت به جميع الكنائس المسيحية حتى عام 1528 م، وفى هذا الحساب يُراعى أن يكون الاحتفال بعيد القيامه موافقًا للشروط التالية: أن يكون يوم أحد؛ لأن قيامه كان يوم أحد، وأن يأتى بعد الاعتدال الربيعى «21 مارس»، وأن يكون بعد فصح اليهود.. لأن القيامة جاءت بعد الفصح اليهودى، وحيث أن الفصح يكون فى يوم 14 من الشهر العبرى الأول من السنة العبرية «القمرية».. فلابد أن يأتى الاحتفال بعيد القيامة بعد اكتمال القمر فى النصف الثانى من الشهر العبرى القمرى. كما أوضح: إن الفصح اليهودى مرتبط بالحصاد، عملًا بقول الرب لموسى النبى، والحصاد عند اليهود دائمًا ما يقع بين شهرى إبريل ومايو «وهى شهور شمسية»، لذلك كان المطلوب تأليف دورة، هى مزيج من الدورة الشمسية والدورة القمرية، ليقع عيد القيامه بين شهرى إبريل ومايو.. فلا يقع قبل الأسبوع الأول من أبريل، أو يتأخر عن الأسبوع الأول من شهر مايو، حيث أن الغرض من حساب الأبقطى هو تحديد يوم عيد القيامة تبعًا للفصح اليهودى، وإن الحساب فى مُجمله هو عبارة عن دورة تتكون من تسعة عشر عامًا وتتكرر.. وعلى أساس هذا الحساب لا يأتى عيد القيامة قبل 4 إبريل ولا بعد 8 مايو.. الذى على أساسه يتحدد موعد عيد شم النسيم تاليًا له.•