القليل من المعلمات تبقى صورتهن ومواقفهن عالقة فى أذهان الطلاب والطالبات لسنوات طويلة، حتى بعد أن يتركوا الدراسة ويصبحوا آباء وأمهات لجيل جديد..من هؤلاء المعلمات الأمهات والمربيات «ماما لبنى» التى تقوم بهذا الدور باقتدار وحب على مدار سنوات عمرها التى تقترب الآن من مشارف الستين. فكانت نعم الأم والمربية فى المنزل ل«خمسة بنات وولد» ونعم المعلمة والأم لتلاميذ المرحلة الابتدائية بمدرسة العاشر من رمضان فى قرية برطس بالجيزة، التى تعمل بها منذ 39 عاما، عامرة بالحنان والجد والإجتهاد، وأصبح هناك أجيال يتحملون المسئولية ويشغلون مناصب كبيرة ومازالوا يحملون قدرا كبيرا من الحب والتقدير لمعلمتهم الأولى «ماما لبنى» . تقول «ماما لبنى» :«الطلبة حبايبى اتربوا على إيدى ويعتبرونى أما لهم ومن سبقوهم أسستهم دراسيا، وكبروا ووصلوا لأعلى المناصب وأنا فخورة بهم، منهم محامين وأطباء ومهندسين وإعلاميين، وكل لما يشوفونى ويقابلونى فى الشارع ياخدونى بالأحضان، ويقولولى مش محتاجة أى حاجة يا ماما لبنى؟، وقتها بأحس إنى ما ضيعتش تعبى وعمرى هدر».. وبمشاعر تفيض حنانا وعين تحبس دموع ذكريات الأيام تقول: «بدأت التدريس عام 1980 وأتذكر الآن كل الأيام الجميلة التى عشتها خلال هذا العمر الطويل من العمل، ساعدت خلالها كل أبنائى الذين أصبحوا الآن رجالا يشار إليهم بالبنان فى المجتمع، كنت دائما ما أجلس معهم وأصادقهم واستمع لمشاكلهم حتى مع أسرهم، وكانوا يشعرون معى أنى أم لهم، كنت المعلمة الوحيدة التى يسمع نصائحها الطلاب بحب وثقة لما بينى وبينهم من مودة ومشاعر أمومة وليس دورى كمعلمة فقط، وعندما كان يواجه أى منهم مشكلة كبيرة لا يترددون فى الحضور إلى منزلى ويجدون بالطبع ترحيبا حارا منى ومن الأسرة». أضافت: «غالبية المشاكل التى كانت تواجه الطلبة ويحتاجون لمساعدتى فيها، ترتبط بالدراسة وكيفية الارتقاء بمستواهم التعليمى، ومشاكلهم مع أصدقائهم ومع مدرسين زملاء وأكبر مشكلة شخصية لأحدهم واجهتها كانت فى مساعدة طالبة فى التخلص من تعودها على السرقة، وتم كل ذلك فى الخفاء دون أن يشعر أحد، وأصبحت هذه لطالبة بعد ذلك من المتفوقين دراسيا. وتشير ما ما لبنى إلى أن شهر مارس سنويا يمثل لها الكثير، وتعتبره عيدا لتكريمها لأنه يحمل فى طياته فرحة تنتظرها كل أم من أبنائها، الذين يغدقون عليها بالهدايا لإدخال السعادة عليها مثل كل الأمهات، وتقول إنها تتلقى الهدايا من أبنائها على مدار الشهر، وتقدرها جميعا بداية من الوردة حتى الهدايا الغالية القيمة وتحتفظ بها كذكرى جميلة منهم .. وعن أغرب الهدايا التى تلقتها من طالبة تقول ماما لبنى مبتسمة «قلم روج» وأنا سيدة على مشارف الستين، وكان ذلك منذ عامين وبالطبع لا أستعمل ذلك الآن، وأتذكر أيضا أن أحد أبنائى من الطلاب أهدانى «فلاشة» وأنا لا أفهم فى التكنولوجيا ولا أستعملها، وهذا لا يمنع أن تكون كل الهدايا غالية على قلبى».