يحتل الفنان نذير نبعه مكانة بارزة فى الفن التشكيلى السورى، فهو أحد رموزه وعلى يديه تخرجت أجيال من الفنانين. كان فنه تعبيرا عن وطنه وآخر لوحة رسمها أطلق عليها «سوريا». لم يقتصر فنه على وطنه فقط بل عبر عن هموم أمته العربية، بعد نكسة 1967 رسم لوحات «الفدائى» و«مدرسة بحر البقر» و«الشهيد». وبعد قصف أمريكا لبغداد أنجز مجموعة من اللوحات أطلق عليها «المدن المحروقة». حصل الفنان نذير نبعه (1938 - 2016) على منحة دراسية بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة عام 1959 وكما يقول فقد تتلمذ علىِّ الفنانين الكبار فى الكلية «حسين بيكار» و«عبدالعزيز درويش« و«حامد ندا» و«عبدالهادى الجزار»، وكما يقول لم يكونوا مجرد أساتذة بل أصدقاء، كانت فترة دراسته بالقاهرة مرحلة خصبة فى تكوينه الفنى فيما بعد، كان مشروع تخرجه عام 1964 عن عمال المحاجر وحصل على درجة امتياز. بعد تخرجه يعود لسوريا ليعمل مدرسا للرسم، لكنه سرعان ما يلتحق بكلية الفنون ليدرس للطلبة ويصبح أحد أساتذتها. فى 1971 يسافر نذير نبعه إلى باريس ليقضى بها أربعة أعوام فى منحة دراسية، ويلتحق بمدرسة الفنون هناك، ويقول عن هذه السنوات «إنه ذهب إلى باريس محاورا وليس مستقبلا، لقد أتيح له مواجهة الغرب وجها لوجه»، وقد أثرت هذه الدراسة تجربته الفنية. بعد عودته من باريس يبدأ مرحلة مهمة من إبداعه أطلق عليها اسم «الدمشقيات» فى تلك اللوحات عبر عن عشقه لبيئته المحلية، وقد صور فيها التراث السورى بتفاصيله الجميلة، كما استوحى من الأساطير التى أبدعها أجداده مستلهما منها فنا أصيلا بنكهة محلية، وقد وصفت أعماله بالواقعية السحرية. كانت المرأة الدمشقية بثيابها وإكسسواراتها هى موضوع لوحاته، وقد قدمها فى أشكال مختلفة وبها مسحة خيالية وحولها مفردات لأشكال من بيئته الشرقية، فى الدمشقيات يملأ مساحات لوحاته بتفاصيل كثيرة ولايترك فى لوحته فراغا، لقد استوحى ذلك من تصميمات السجاد الشرقية والتكوينات الهندسية فى الرخام والمؤلفات الزخرفية، وهو هنا يعبر عن نفسه كفنان شرقى. إنه يرى هذه الأشياء المحببة إلى قلبه تحتل لوحاته، وهو يهتم بالخط أو الرسم أكبر من اللون ليعبر عن رؤيته فى تلك اللوحات كما حَمَّلها بعضا من رموز التاريخ والحضارات القديمة. لقد تعلم نذير نبعه من الفن الفرعونى والأشورى العراقى وبالمدارس الفنية العالمية، ولكنه عبر عن دمشق بلغته السورية، لقد تأثر بكل ما سبق ولكنه لم يكن مقلدا، كانت له لغته التشكيلية الخاصة والمتفردة. منذ نهاية الخمسينيات أقام الكثير من المعارض حتى رحيله، كما ساهم فى مجال الرسم الصحفى ورسوم الأطفال والكتابة فى الفنون الجميلة. •