كتبت: هبة حسنين كان ومازال الأمر أشبه بالكابوس لآلاف من الأمهات والآباء، الذين تجمهروا أمام ديوان وزارة التربية والتعليم للمطالبة بحقوق أبنائهم، طلاب المدارس الرسمية للغات «التجريبية»، الاثنين الماضى، خلال إعلان وزير التربية والتعليم، طارق شوقى نظام التعليم بمدارس اللغات الرسمية، والذى جاء مخيبًا لآمالهم. القرار يقضى بتوحيد نظام الدراسة فى المدارس الحكومية ومثيلتها للغات؛ حتى الصف السادس الابتدائى، بحيث يدرس الطلاب من رياض الأطفال وحتى الصف السادس الابتدائى جميع المواد باللغة العربية مع تخصيص كتاب للإنجليزية، بما يعنى أن تدريس العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية لن يبدأ إلا فى المرحلة الاعدادية، وكان يبدأ من قبل فى التجريبيات والقوميات منذ الصفوف الأولى. النظام الجديد سيبدأ تطبيقه على التلاميذ الملتحقين بالصف الأول الابتدائى للعام الدراسى المقبل، ولن يسرى على التلاميذ الذين انتقلوا للصف الثانى الابتدائى وما بعده. وليس أمام ولى الأمر الذى يرغب فى أن يدرس ابنه العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية، وكتب إضافية للغة الإنجليزية، سوى المدارس الخاصة للغات أو المدارس الدولية. ورغم أن النظام الجديد يشمل أيضا عدم إجراء امتحانات للطلاب إلا بداية من الصف الرابع الابتدائى، وتطوير نظم التقويم، حتى لا تشمل فقط الامتحانات التحريرية، والتركيز على تطبيق الأنشطة التى ستطبق فى المدارس اليابانية، لتطبق فى كل المدارس الحكومية، لكن ما أحزن أولياء الأمور فقط هو توقف تدريس العلوم والرياضيات بالإنجليزية حتى السادس الابتدائى. من جانبها، قالت الدكتورة نوال شلبى، مدير مركز تطوير المناهج التعليمية بوزارة التربية والتعليم، إن المناهج سوف تتركز على تعلم الطفل للفنون، موضحة أن هناك تركيزًا على اللغة العربية باعتبارها «اللغة الأم». ليه اتعلم بنظام وأخويا يتعلم بنظام تانى ويضيع سنتين من عمره وخلال تجمهر أولياء الأمور أمام باب ديوان عام الوزارة، هتف بعضهم» مستقبل ولادنا بيضيع»، «لا.. لا للتعريب»، و«مش هنخاف مش هنطاطى إحنا كرهنا الصوت الواطى». وفى ذهول وغضب قالت أسماء، والدة الطالب محمد «إزاى ابنى يدرس فترة ابتدائى كلها بالعربى ويتصدم لما يدخل إعدادى بالإنجليزى»، وأضافت متسائلة: «إزاى ابنى يتساوى بزميله بالمدارس العامة اللى أصغر منه بسنتين هل دا تفكير صحيح؟». وكان الطفلان أحمد وسلمى من ضمن المعترضين فقالا «مش من العدل إننا نتعلم بنظام، وأخونا بنظام تانى، ويضيع سنتين من عمره، ويبقى زيه زى اللى أصغر منه بسنتين فى المدارس الحكومية». نفسى أعلم ولادى لغات بس مش هقدر على الدولى وأكد سعد جاد، ولى أمر، على رغبته فى تعليم أولاده بنظام اللغات ولكنه لا يملك المال الكافى للمدارس الخاصة للغات أوالدولية. وقالت شيماء محمد، ولية أمر، «بدل ما الوزير يجيب تابات يستغل الفلوس دى ويبنى مدارس جديدة بدل الكثافة والزيادة فى الفصول». واستنكرت ملك يوسف، ولية أمر، القرارات الجديدة وقالت «الوزير شايف إن فى ضغط كبير جدًا على التقديم فى التجريبيات لحد ما الكثافه فى الفصل الواحد وصلت ل 120 طفلًا وحاولوا يقسموا الأولاد على فترتين فالناس رفضت النظام ده لأنه كان مطلوب منهم أنهم يودوا ولادهم 3 أيام فقط فى الأسبوع». وأضافت «بدل ما سيادته يبنى مدارس تستوعب العدد الهائل ده من الطلاب ويحل مشاكلهم قرر إنه يلغى نظام بالكامل، وطبعا كانت بالنسبة لهم منفعه: من جميع النواحى، أولًا: هيوفر إنه يبينى مدارس جديدة تستوعب الكم الهائل من التقديمات. ثانيًا: هيخفف من الضغط على المدارس التجريبية لأن الناس ياما هتسحب ولادها وتحولهم لمدارس خاصة، وبالتالى الدولة هتستفيد من نسبتها من المدارس الخاصة، وفئة أخرى هتحول للمدارس الحكومية لأن مبقاش فى فرق بينها وبين النظام الجديد». وأشارت إلى أن الوزير بذلك «بيخصخص» التعليم ويقصره على فئة معينة من الأشخاص التى تستطيع دفع مصاريف المدارس الخاصة لتعليم أبنائها. وترى إن الحل يكمن فى بناء مدارس تستوعب العدد المقبل على التجريبيات وتعيين مدرسين مؤهلين وتطوير المناهج المكدسة بمعلومات هشة وضعيفة. استحملنا عشان ولادنا يتعلموا لغات وبعد 36 سنة اكتشفوا إن التجريبيات فشلت!! وعلقت سامية الطويل «أنا جدة لأحفادى الاتنين اللى المفروض هيقدموا فى أولى ابتدائى السنة الجاية وبنتى نفسيتها تدمرت بسبب القرارات الجديدة لأن كدا أولادها هيبقوا أكبر من سن زملائهم بسنتين ودا ظلم، يعنى بعد 36 سنة بقى التعليم التجريبى فاشل، الوزير هو اللى قراراته فاشلة». واعترض محمود حموده.. ولى أمر، قائلًا: «بعيدًا عن أن القرار ظالم ومجحف وموجه بالتحديد للتنكيل بالطبقة المتوسطة اللى بتحاول تصمد وسط الهم والقرف وتقدم لأولادها (تعليم معقول) لا يرقى لتعليم اللغات الحقيقى، لكنه بالتأكيد أرحم من المدارس العامة.. وده كان بيخلى التجريبى بديل وحيد بالنسبة لنا ومفيش أصلا قدامنا غيره.. وبسبب كده ضحينا بسنتين من عمر ولادنا ووافقنا (مجبرين) إنهم يدخلوا كى جى عمر ست سنوات.. ويبقوا ثمانى سنوات لما يوصلوا أولى ابتدائى.. وده خلى أى تلميذ فى نفس عمرهم يبقى سابقهم فى الدراسة بسنتين لكن كان عزاؤنا أنهم بيدرسوا لغات». وأضاف «ولادنا اللى السنة دى كانوا كى جى تو وطالعين أولى ابتدائى هيتظلموا لأن عمرهم هيكون 8 سنوات وبيدرسوا نفس اللى زملائهم بيدرسوه بست سنوات، ودا مش عدل نهائى». استشارة الأسر المصرية أولا وقال أستاذ المناهج واستراتيجيات التدريس بجامعة عين شمس، محمد أمين المفتى: القرارت الوزارية بشأن التعليم تحتاج إلى مزيد من الدراسة واستشارة المتخصصين المصريين وليس الأجانب؛ لأن أهل مكة أدرى بشعابها، فهم لايعلمون أى شيء عن نظام التعليم ببلدنا، وأكد على ضرورة عرض تلك القرارت فى شكل مقترح فى البداية على أصحاب الشأن من أولياء أمور ومعلمين وطلاب وتطرح على الرأى العام، ثم يتم تطبيقها بعد تعديلها وفقًا لما يتناسب مع جميع الفئات السابقة.واستنكر إصرار الوزير على تطبيق النظام الجديد بالرغم من الملاحظات وغضب الأهالى، كما أنه يجب أن يحاسب أمام المجتمع بأسره فى حالة فشل تلك التجربة فى المستقبل؛ لأن التعليم أمن قومى وليس «لعبة». وأضاف متسائلاً: «ما مصير الأولاد؟، ولماذا تم تعريب العلوم والرياضيات؟، وهل هناك دراسات تثبت أن إلغاء الدراسة باللغة الأجنبية سيعود بالنفع على الطالب؟». وأشار إلى أن تقسيم المدارس بحيث تصبح هناك مدارس دولية باللغة الأجنبية وأخرى قومية تدرس باللغة العربية سيخلق طبقتين من الخريجين وسيحدث طفرة تعليمية فى المجتمع فى المستقبل». وأكد على أهمية دراسة العلوم باللغة الإنجليزية لأن ذلك سيعود بالنفع على الطلاب فى المستقبل خاصة فى الجامعات والبعثات الدولية. وطالب المفتى لجنة التعليم بالبرلمان باستدعاء الوزير، وسؤاله عن تلك القرارات، التى وصفها بالمتعسفة والمحاطة بدائرة من الغموض وغير المدروسة بطرق سليمة وفقًا لدراسات وأبحاث علمية، فليس هناك ما يثبت أن الدراسة بالمدارس الرسمية للغات سوف يعود بالضرر على التعليم. مشاعر حيرة بعد 52 سنة..تعليمنا ممتاز وطلابنا أذكياء وشجعان وقالت الأستاذة بمعهد البحوث التربوية، الدكتورة نادية جمال الدين، إن خطة التطوير التى وضعها الوزير ما هى إلا «تخبيط» فليس هناك خطة مكتوبة وموضحة للكل، وأضافت قائلة: «أنا لم أفهم مما قرأته شيئًا، فلأول مرة منذ 52 عامًا أشعر بالحيرة»، ففى أمريكا يتم عمل أبحاث مطولة على جميع المناطق لدراسة أى موضوع ورؤية تأثيره على المواطنين الأمر الذى لم يحدث هنا. واستأنفت نادية قائلة «أنا لا أدعم التعليم باللغة الإنجليزية بمواد العلوم والرياضيات، ولكن منعها من المدارس الرسمية للغات يعتبر كارثة، لأن متطلبات سوق العمل تحتاج لذلك». وأشارت إلى أن التعليم فى مصر ممتاز ولكن يحتاج إلى مدرسين مدربين بشكل جيد، فكل من يطالب بتغيير المناهج لم يقدم مقترحًا لذلك، أو يثبت بالدليل والبرهان أن التعليم «فاشل»، وأكدت على أن طلاب اليوم متميزين عن طلاب الأمس بالذكاء والشجاعة فى الكلام والفهم ويعاصرون تكنولوجيا متطورة عن الماضى، ولكن ذلك لا يعنى بالضرورة أن يتم تعليم الأطفال من خلال التابلت كما قال الوزير، بل على العكس التعليم الآن يحتاج إلى تنمية مهارات جديدة، ومختلفة مثل التفكير الناقد، تعلم باللغات الأجنبية، الاهتمام بالهوايات، وأن نتعلم كيف نتعلم. •