حالة من الجدل أثارتها مبادرة الدكتور كمال الهلباوى، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، القيادى الإخوانى المنشق، لتشكيل مجلس حكماء يتكون من شخصيات مصرية وعربية ودولية مشهود لها بالنزاهة، لقيادة وساطة تاريخية تنهى الأزمة مع الإخوان وتؤسس لمصالحة وطنية لا تستثنى أحدًا؛ إلّا أهل العنف والإرهاب. توقيت عرض مبادرة الهلباوى، يطرح العديد من التساؤلات، كما أنها فجّرت مخاوف حقوقية، بينها الخوف من هبوط التصنيف الدولى للمجلس القومى لحقوق الإنسان من الفئة أ إلى ب. قامات حقوقية عن أسباب تأخر تشكيل المجلس الجديد، وأهم ما يميز القانون الجديد، ودور المجلس القومى لحقوق الإنسان الذى يقوم به حاليًا خلال مرحلة تسيير الأعمال، يقول محمد الغول، وكيل لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، إن اللجنة تسلمت ترشيحات كثيرة لقامات مصرية من المجتمع المدنى والهيئات المختلفة والجامعات. يضيف الغول: «القانون ينص على أن اللجنة العامة للبرلمان تعد صاحبة الحق الأصيل فى تشكيل مجلس قومى حقوق الإنسان، ولن تكون اللجنة بديلًا لعمل المجلس، لكنها مكملة لعمله.. فقومى حقوق الإنسان هيئة مستقلة وكل قراراته ستكون محل احترام من كل الدوائر المعنية بحقوق الإنسان فى العالم، لأنه ليس جهة تنفيذ، إلى جانب أنه يحمل صفة المصداقية، لأنه لا يتبع أى وزارة حكومية ويحصل على معونات من دول خارجية للقيام بعمله على أكمل وجه».ينص قانون تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان- على أن أمواله هى أموال عامة وتتكون موارده من الاعتمادات التى تخصص له فى الموازنة العامة للدولة، والهبات والمنح والإعانات التى يقرر المجلس قبولها طبقًا للقوانين والإجراءات المنظّمة لذلك، وفى حالة تقديمها من جهة أجنبية يلزم لقبولها موافقة مجلس النواب؛ ما لم يترتب عليها التزامات متبادلة، فضلًا عن إنشاء حساب خاص لحصيلة هذه الموارد فى أحد البنوك الخاضعة لرقابة البنك المركزى المصرى. يؤكد الغول أن البرلمان تأخر كثيرًا فى تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان، ما تسبب فى إهدار أمور عديدة، مطالبًا بسرعة تشكيله؛ للخلاص من الوجوه القديمة التى تسىء إليه بتصريحاتها. تقصير برلمانى مصطفى بكرى، عضو اللجنة التشريعية والدستورية، قال إنه يجب على البرلمان إعلان أسماء التشكيل الجديد للمجلس القومى لحقوق الإنسان فى أسرع وقت، لإبعاء كل العناصر التى لها وجهات نظر معادية للدولة المصرية. يستكمل بكرى: «لا يجب أبدًا أن نتصالح مع من تلوثت أيديهم بالدماء.. هؤلاء ليسوا حزبًا أو تنظيمًا سياسيًا، فكيف نتصالح مع القتلة والإرهابيين؟ وعن أى مصالحة نتحدث فى ظل منشآت دولة دُمّرت وشهداء سقطوا.. فالمصالحة حاليًا تعطى مؤشرًا بأن الدولة وصلت إلى حالة من الضعف الشديد». يشير بكرى إلى أن الإخوان جبناء وضعفاء وقتلة، والمصالحة فى هذه الظروف خيانة لدم الشهداء، لذا يجب تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان بأقصى سرعة ممكنة، موضحًا أن ملف حقوق الإنسان من الملفات الشائكة، فلا بد من اختيار شخصيات تعمل من منطلق مصلحة الوطن بالدرجة الأولى. تصنيف عالمى منال ماهر الجميل، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، قالت إن تشكيل مجلس قومى لحقوق الإنسان، أمر فى منتهى الأهمية ويؤثر على تصنيف مصر العالمى. توضح الجميل أن القانون الجديد يعطى المجلس حق إبداء الرأى فى مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عمله، ودراسة الادّعاءات بوجود بعض الانتهاكات، وكذلك تقديم ما يلزم من توصيات للجهات المختصة بالدولة، ووضع خطة عمل قومية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان فى مصر، واقتراح وسائل تحقيق هذه الخطة. وعن أهم مواد القانون الجديد، تضيف الجميل: «المشرّع حرص على إدخال اختصاصات جديدة للمجلس، فى مادته الثالثة، منها زيارة السجون وأماكن الاحتجاز والمؤسسات العلاجية والصحية، والاستماع إلى السجناء، للتأكد من حسن معاملتهم ومدى تمتعهم بحقوقهم، ويرفع تقريرًا إلى النائب العام ومجلس النواب مع منحه اختصاص بإبلاغ النيابة العامة عن أى انتهاكات للحريات الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق».يشترط القانون فى رئيس المجلس ونائبه وأعضائه، ألّا يكونوا أعضاءً بأى من السلطات التنفيذية أو السلطة التشريعية أو الجهات أو الهيئات القضائية. تأثير سلبى الحقوقى سعيد عبدالحافظ، يرى أن تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان، قرار سياسى له حساباته، متوقعًا أن يتم تشكيل المجلس بعد حلف اليمين الرئاسى. يؤكد عبدالحافظ، أن عدم تشكيل المجلس حتى الآن، يؤثر بالسلب على أدائه، حيث إن أنشطته تدخل فى إطار تسيير الأعمال، مستدركًا: «عدد كبير من أعضاء المجلس القومى باتوا عبئًا كبيرًا على تشكيله؛ فمنهم من استقال ومنهم من سافر ومنهم من يدلى بتصريحات تسىء للمجلس، ما يؤثر بالسلب على تصنيف المجلس وترتيبه الدولى، رغم أنه حصل على مهله لتوفيق أوضاعه وإعادة تشكيلة حتى لا يسقط من المستوى أ إلى المستوى ب». أوضح عبد الحافظ أن مجلس تسيير الأعمال لم يتصدّ للتقارير الدولية التى تصدر من المنظمات الدولية والكونجرس خلال الفترة التى سبقت الانتخابات، حيث صدر عدد من التقارير ضد مصر ولم يكن للمجلس أى دور بارز فيها، فضلًا عن دوره فى تحسين حالة حقوق الإنسان فى مصر، عبر تقديم النصائح والمشورة والخدمات الاستشارية للدولة ومؤسساتها، مشيرًا إلى أن التشكيل الجديد للمجلس يجب أن يراعى معايير التعددية الاجتماعية فى المجتمع المدنى.. يستطرد حافظ أو سعدة، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان: «الحقوقى نجاد البرعى تقدّم باستقالته بشكل رسمى والجميع مستمر فى عمله، ونقوم دائمًا بعقد اجتماعات دورية وحضور مؤتمرات داخلية وخارجية آخرها كان مؤتمر لسيادة القانون بالمغرب»، لافتًا إلى أن الاجتماع الأخير لم يتناول تصريحات الدكتور كمال الهلباوى، لأنه اعتذر عن الحضور لتلقيه العلاج فى انجلترا، موضحًا أن تصريحاته الأخيرة التى أثارت جدلًا واسعًا، وأنه تم نقلها بشكل غير دقيق، وأن كلامه كان على سبيل العموم ولم يتناول إطار المصالحة مع الإخوان. أضاف أبو سعدة أنه لا يعرف سر تأخير تشكيل المجلس حتى الآن، فربما لا يشعر مجلس النواب أن هناك عجلة فى أمر التشكيل ولديه أولوية لأمور أخرى، قائلًا إن المعايير التى نص عليها القانون فى اختيار أعضاء المجلس كافية لتحقيق عضوية أشخاص مستقلين يساهمون فى تحسين حالة حقوق الإنسان. عبدالغفار شكر، نائب المجلس القومى لحقوق الإنسان، يلفت الانتباه إلى أن المجلس شارك فى المفوضية السامية بجنيف، مستكملًا: «عقدنا فى مصر مؤتمرا دوليا عن خطاب الكراهية وورشًا لمناقشة مشروعات القوانين التى تمس حقوق الإنسان، وهناك لقاءات دائمة مع لجنة حقوق الإنسان بالمجلس، كان آخرها عند مناقشة موازنة المجلس، وتم طلب زيادة المخصصات المالية للمجلس، نظرًا لوجود مقر جديد فى التجمع الخامس». أوضح شكر أنه لا بد من سرعة تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان، مؤكدًا أن لجنه حقوق الإنسان بمجلس النواب تقوم حاليًا بأنشطة كثيرة من دور المجلس، لكنها ليست بديلًا عنه. يختتم شكر: «الدكتور على عبدالعال ورؤساء اللجان لديهم ما يقرب من 400 اسم وعليهم الاختيار منهم أو من خارج هذه الأسماء.. المهم هو أن يتم التشكيل فى أسرع وقت، لأنه أصبح لدينا قانون ويجب اختيار الأعضاء وفقًا للقانون». •