حيثما عصر الكتابة والنقوش على الجدران، تمتد جذور صناعة الغزل والنسيج، التى برزت وتطورت فى عهد الرومان.. النقابى العمالى حمدى حسين - أحد الذين تربّوا فى مصانع الغزل والنسيج بالمحلة والدلتا. يا عم حمدى - إيدك شقيانة بعرق السنين - دى حكاية طويلة بطلها التاريخ، يقول: «النساء الريفيات فى غيطان قرى وعزب ونجوع مركز المحلة الكبرى، يجمعن لوزة القطن بعد تفتّح زهرها فى جلالبيبهن، ثم فى أجولة تنقل بواسطة الجرارات الزراعية (قبل عقود كانت تنقل عبر قطار الدلتا تشهد عليه قضبانه فى المحالج حتى اليوم». يضيف عم حمدى: «تنقل الأجولة إلى محالج القطن ثم يعاد نقلها بعد الحلج إلى مصانع غزل المحلة، لتمر عبر مراحل الغزل المتعددة بحرفية فائقة من الصنايعية الغزالين والذين يحولون شعيرات القطن إلى خيوط من الغزل الرفيع والمتوسط والسميك بدرجات ونمر متفاوتة، وتتحول الخيوط إلى «بكرات الغزل»، التى يتم تحضيرها عبر مراحل متعددة، مثل التجهيز بالألوان والصبغات الكيميائية، والتبييض والبوش، قبل نقله عبر البكر لتغذية المواكيك و(البترى)، أو عبر مطاوى الغزل الضخمة والمتوسطة حسب نوع النسيج».. يؤكد عم حمدى، أن للنسيج أنواع مختلفة، مثل الأقمشة الرجالى والحريمى، السادة والمنقوشة والمطبوعة، وكذلك الفوط والبشاكير بأنواعها وزخارفها المتعددة، والمفروشات الفخمة والمتوسطة، ويستطرد: «بعد المرحلة السابقة تنتقل المنسوجات إلى أيدى عاملات وعمّال الفحص (الاختبار) الذين يستطيعون بالنظر وباللمس معرفة جودة الأقمشة وبالتالى إمكانية تداولها فى السوق المحلى أو تصديرها للخارج.. وأخيرًا تأتى مرحلة التفصيل، لتخرج البدلة أو الفستان أو الترنج أو ملابس الأطفال؛ بل حتى الأزياء العسكرية لجيش مصر العظيم». يثمّن عم حمدى، صناعة الغزل والنسيج فى مصر، موضحًا أن عمّال هذه المهنة مهرّة يتفننون فى تدوير ماكينة الغزل بعناية ولضم أطراف الشعيرات لتحويلها إلى خيوط من الغزل ، ومشيرًا إلى أن فترة عمله مشرفًا بقسم الكاروهات، بشركة الغزل والنسيج فى المحلة الكبرى، كانت أفضل فترات حياته. يجيد عم حمدى - بحرفية تامة فن تحليل الغزل، ولما لا ، فهو يعمل بها منذ 20 عامًا، ويقوم بها مهندسون مختصون بالرسم والزخرفة على القماش.