«اللهم هجرة»..كلها هاشتاجات كثيرًا ما يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعى.. شباب فاض بهم.. يكدون ويكدحون والمردود المادى لا يؤمن لهم حياة كريمة، يحلمون بأبواب جديدة للرزق خارج مصر. يعرف هؤلاء أن السفر للخارج لم يعد عائده مثلما كان فى السبعينيات وحتى التسعينيات خاصة فى الخليج.. ومع هذا لايزال السفر ميزة.. فمع غلاء المعيشة وصعوبة الادخار من الراتب.. تبقى متع مستوى معيشى راقٍ مرتاح وآخر تعليمى للأبناء.. باختصار حياة كريمة وممتعة.. أفضل من ادخار الأموال لا يصبح لها قيمة بمرور الوقت. فى السطور القليلة القادمة تجارب بعض الشباب فى السفر والعمل والاستقرار بالخارج، ورأيهم فى العودة والادخار وتفاصيل أخرى. • من دبى إلى العالم الجديد أحمد مصطفى 32 عاما، مهندس مدنى، خريج جامعة عين شمس وحاصل على ماجيستير وليسانس من أمريكا فى تخصصه، سافر إلى دبى منذ ثمانية أعوام ويتقاضى راتبًا أكثر من 10 أضعاف ما كان يحصل عليه أثناء عمله فى مصر، لكن لا يستطيع أن يدخر مليمًا.. مستوى المعيشة فى دبى مرتفع للغاية، لكنه يعيش عيشة رغدة، ويخطط لأن يأخذ زوجته وطفلتيه للسفر إلى أمريكا أو كندا، كما فعل أصدقاؤه الذين يعملون هناك بمرتبات مرتفعة، ويسكنون فى بيوت رائعة، ويتعالجون على نفقة الدولة بنظام التأمين الصحى الشامل، ويعلمون أولادهم أحسن تعليم تتكفل به الدولة أيضا. أحمد لا ينتوى العودة إلى مصر، يرى الحياة فى مصر «شبه مستحيلة، غلاء وانخفاض فى جودة خدمات التعليم أو الرعاية الصحية». • الآباء سافروا لأرباح الغربة والأبناء للمتعة وتعليم الأبناء عمرو محمود -31 عاما- طبيب صيدلى سافر إلى الرياض منذ 7 سنوات ليحسن دخله ، بعد أن كان يعمل مندوب مبيعات طبى Medical representative.. سافر للخارج ليسلك نفس طريق والده، الذى سافر منذ 25 عامًا إلى السعودية أيضا، لكن الغاية مختلفة. عمرو تغرب من أجل حياة كريمة له ولأسرته الصغيرة المكونة من زوجته وابنيه، أما أبوه فكان غرضه أن يدخر من الأموال ما يتيح له فتح صيدلية فى مصر، ليتكسب منها بعد سنين الغربة.. عمرو قرر أن يعيش فى رغد وأن يستمتع بكل مليم يكسبه: فهو لن يدخر ولن يضع أموالاً فى البنك، أو يشترى شقة كما يفعل المغتربون، فهو يسافر إلى عواصم العالم ليتنزه هو وزوجته. عمرو يؤمن بالمبدأ السائد اليوم أن تعلم ابنك تعليما جيدا وأن توفر لهم عيشة مرتاحة وهم فيما بعد سيتمكنون من العمل والحصول على المال لأن الإنسان مهما ادخر من الأموال لن يستطع أن يلبى طلباته خاصة أن الأشياء مع تقدم الزمن أصبحت تفقد قيمتها. • المال اللى ينزه صاحبه حسام محمد 34 عاما، تخرج فى كلية الحقوق جامعة القاهرة، سافر إلى الكويت منذ 10 أعوام، جاءته فرص عمل هناك فى غير تخصصه، ليشتغل بعدة مهن خاصة بمجال العلاقات العامة، والدعاية والإعلان، فيخرج فى جلسات تصوير ويقدم عروضًا فى الأزياء وهذه المهن يتكسب منها جيدًا ولا ينتوى الرجوع إلى مصر. كل ما يستطيع ادخاره ينفقه فى الفسح واكتشاف دول أوروبية وثقافات جديدة.. فهو يرى أن الأموال خلقت لتنزه صاحبها، ولم يغفل مسئوليته تجاه عائلته فى مصر، يرسل لهم ما يساعدهم على غلاء المعيشة.. أما الزواج، فستأتى اللحظة التى سيرتبط فيها ولكنه سيأخذ زوجته لتعيش معه بالكويت، فقد اعتاد الغربة وليست لدية أى نية للرجوع الى مصر أو الاستقرار بها. • اللى جاى على قد اللى رايح ياسر عبدالجليل 25 عاما، منذ أن تخرج فى كلية التجارة بجامعة القاهرة، يضع حلمًا صوب عينيه وعكف على تحقيقه: السفر إلى أى دولة خليجية ليعمل ويكسب و«يعيش مرتاح».. واصل الليل بالنهار فى مصر لمدة عام كامل وساعده فى تحقيق غايته والداه اللذان باعا كل ما يملكان لتأمين سفر ابنهما الوحيد، التذكرة واستئجار الشقة وغيرها، واستطاع ياسر أن يسافر فى عمر ال23 إلى أبو ظبى، يتقاضى راتبًا مرتفعًا، يكفيه لإيجار الشقة وتأمين غذائه، وسداد دينه وما أنفقه والداه من أجل سفره. أما محمد حسين 37 عامًا مهندس ميكانيكا، فسافر هو زوجته إلى السعودية وتحديدًا فى الدمام .. عقدا قرانهما دون أن يكون لديهما شقة فى مصر، وقررا أن يعملا بالخارج، حتى يدخرا ما يتيح لهما اقتناء شقة محترمة، بعد عامين من الغربة؛ تبدد الحلم ليفرض الواقع كلمته: «لأن اللى جاى على قد اللى رايح». قرر الزوجان إجراء تعديل طفيف فى الخطة هو الاستقرار فى الدمام وتأمين حياة كريمة أفضل من «التحويش»، وكل ما سيأتى من أموال سينفقونه على الأولاد وعلى «الفُسح».. طبقًا لمبدأ «أنفق ما فى الجيب يأتيك ما فى الغيب»!.. وهذا ليس حال محمد وزوجته فحسب فقد أصبح توجه معظم الشباب، فمبدأ أن «تحوش» من أجل أبنائك قد عفى عليه الزمن لأن مهما ادخرت ستجد أن الأموال المدخرة «زى قلتها» لن تكفى حتى لشراء شقة لابنك. •