كتب: أحمد عبدالحافظ مع عرض حلقة اكتشاف الخيانة فى مسلسل «لأعلى سعر» بطولة الفنانة نيللى كريم والفنانة زينة فى رمضان الماضى، انفجرت مواقع التواصل الاجتماعى بملايين الأسئلة، حول التقنية التى كشفت بها الزوجة المغدورة خيانة زوجها، وربما طبقتها آلاف السيدات اللائى تشككن فى سلوكيات أزواجهن، لكن هل أزعجت حلقات المسلسل السيدات فقط؟!.. رغم صخب مجموعات السيدات اللائى تبادلن الطريقة على صفحات فيس بوك، باعتبارها اكتشافاً مبتكراً، فمجموعات الرجال كانت أكثر تطورا فى تبادل طرق التجسس على الزوجات! صحيح أن مجتمعاتنا الشرقية لا ترى فى شكوك الزوج وتجسسه على زوجته عيبا، بل إن البعض يعتبر نقص هذا الأمر تقصيراً من الزوج، ففى الوقت الذى تشتكى زوجات من محاولات الأزواج مراقبتهن والتعرف على تفاصيل يومها سواء أثناء وجوده فى المنزل أو خارجه، لاتنزعج أخريات من ذلك، بل يرونه غيرة محمودة من الزوج ودليل على أنه لايزال يحب زوجته، بحسب الدكتور محمد رخا أستاذ الطب النفسى واستشارى العلاقات الزوجية. ويعدد الدكتور رخا الدوافع التى تجعل الرجل يتجسس على زوجته فبعضها قد يكون مرضيا، بعض الأشخاص يصابون بأمراض نفسية تجعلهم يصابون بضلالات قد يكون أحدها أن زوجته تخونه، فيكون ذلك سببا فى مراقبته لها طوال الوقت. ويقول ( حسام - م ) 35 سنة -مدرس لغة عربية بمدرسة إعدادية للبنات، إن مراقبة الأزواج لزوجاتهم أصبحت أكثر سهولة، بفضل التكنولوجيا واندماج النساء مع الهواتف الذكية، التى يمكن تتبعها من خلال خصائص فى برامج النقل الخاصة مثل «أوبر»، والتى تسمح بمشاركة المواقع والرحلات التى يتم تنفيذها بين مجموعة أصدقاء أو بين الزوج وزوجته.. لكن تكنولوجيا الاتصالات لاتتوقف عن ابتكار استخدامات جديدة بحسب احتياجات المستخدمين، بحسب (يارا - أ) -40 سنة- مديرة مركز ثقافى، تقول: زوجى كان يراقب تحركاتى من خلال «ترو كولر» التى تسمح بالتعرف على صاحب رقم الهاتف وموقعه، لكن هذه الخاصية تم إلغاؤها لأنها تنتهك خصوصية المستخدمين، مع ذلك أستمرت غيرته وإصراره على أن أشاركه موقعى عبر برنامج الخرائط وإلا فأنا فى مشكلة كبيرة. يارا قالت إن التزامها بتعليمات زوجها الدقيقة، لم يشف غيرته المرضية، وإنها فى وقت ما شعرت بأنها تحتاج إلى كسر هذا الحصار، إلى الدرجة التى دفعتها لإفساد هاتفها الذكى «الملعون» على حد تعبيرها.. يارا خاضت معركة أعصاب طويلة الأمد مع زوجها، فكما أن التكنولوجيا تتيح له وسيلة جديدة للتجسس عليها، تتيح لها كل يوم طرقاً جديدة لحجب محادثاتها مع الصديقات ولم تكف يوما عن استخدام هذه الوسائل مثل المحادثات السرية التى تمحى تلقائيا فور انتهائها على واتس آب وفيسبوك وماسينجر. ويوضح الدكتور رخا أن بعض الأشخاص يشكون ببعضهم وهو ما نسميه فى الطب النفسى «بارانويا» وهى شخصيات تتشكك فى كل من حوله، فيتابع ويراقب زوجته لأنه يشك فى أنها تخونه أو أنها تدبر له شرا ما، وإذا كان مديرا فدائما ما يتشكك فى زملائه أنهم يدبرون ضده مؤامرة وأن الموظفين فى إدارته لا يتحايلون عليه كى لا ينفذا المطلوب منهم، وهذه الحالات لا تتوقف عن الشك فى أى موقف لا يتقبله نفسيا.. يارا تعتقد أن سبب غيرة زوجها المرضية، لا يعود لكونه يشك فى سلوكها، إنما بغرض السيطرة، والتسلط حتى على المساحات الضئيلة التى تتشاركها مع أهلها وأصدقائها.. قالت:«كان يتجسس على مشكلات صديقاتى وأسرارهن التى يحكينها لى على الماسينجر والفيسبوك، ويدلى برأيه ويمنعنى عنهن إذا لم يعجبه سلوك إحداهن أو جرأتها فى التعامل مع حياتها، كان يخشى أنى سأقلدهن يوما ما».. يرجع الدكتور رخا حالات الشك والغيرة المرضية إلى عاملين الأول: التربية، فقد يكون الزوج قد تربى على بعض هذه السلوكيات، فدائما ما يفتش الأب فى أغراض أبنائه ويتجسس على تليفوناتهم، فيخرج الأبناء حاملين نفس هذه الأعباء النفسية. والعامل الآخر هو التعليم المعتمد على الحفظ، فتفقد الأطفال القدرة على أن يحكموا على المواقف بشكل عقلانى ومنطقى، ويكون حكمهم انفعالياً وعاطفياً، والشخصيات التى تعانى هذه الحالة تزداد أزمتها إذا كانت تعانى من الفراغ وعدم ملء وقتها بأنشطة مفيدة مثل ممارسة هواية أو التطوع ببعض الوقت لنشاط ثقافى أو خيرى. ويضيف الدكتور رخا عاملا آخر لمراقبة الزوج لزوجته بعيدا عن العوامل النفسية، فبعض الأزواج يلجأون لمثل هذه الأساليب كخطوة استباقية لتشتيت انتباه الزوجة لأنه فى الغالب يكون على علاقة بأخرى أو لديه زوجة أخرى، ويكون متعدد العلاقات، فمثل هذه الشخصيات تلجأ لهذه الطريقة كخطوة استباقية. (أحمد. م ) ينتمى لهذه النوعية الأخيرة التى تحدث عنها دكتور رخا، فهو حظى بعشرات العلاقات مع سيدات متزوجات قبل زواجه وبعده، مع ذلك فهو لا يقبل أن يحدث معه المثل، زوجته التى تصغره بخمسة عشر عاما، دخلت إلى الجامعة وفى يدها دبلته، كان يذهب معها إلى محاضراتها، يفاجئها بين الحين والآخر، ويصادق زملاءها من الإناث والذكور، ويسمح لها بالتعرف إلى من يختاره هو منهم، هو ليس ضد علاقة الزمالة كما قال لنا، لكنه يرفض أن تنفتح العلاقة وتصير صداقة، فهو ليس مقتنعا بالصداقة بين الرجال والنساء. وبمنتهى الفخر يحكى أحمد أنه كان يستخدم برنامجاً لتسجيل مكالمات زوجته، ويراجع رسائل فيس بوك، وكل برامج الاتصال على هاتفها ، بل إنه استخدم فى أوقات برنامج الحماية ضد السرقة على هاتفها كميكروفون للتجسس عليها مرات قليلة. قبل ثورة التكنولوجيا كانت لوسائل التجسس على الزوجات شكل آخر، فيتذكر (مصطفى - ع) مدير إدارة سابق بالضرائب، أنه قبل ظهور التكنولوجيا الحديثة كانت أشهر طريقة يراقب الرجل بها زوجته على طريقة الأفلام العربى القديمة ،أن يخبرها أنه مضطر للسفر فى مأمورية عمل. ويبدأ فى مراقبة المنزل وزوجته وتحركاتها من تلتقى وماذا تفعل، ولكن لم تكن هذه الوسيلة الوحيدة فدائما كان يفضل الأزواج طلب عدة تليفون إضافية من السنترال ليرفع السماعة الأخرى ويتنصت على مضمون مكالماتها مع صديقاتها وأهلها. أما (ولاء - ح) ربة منزل فتحكى أنه حتى نهاية التسعينيات وقبل انتشار المحمول، كان الرجل يقلق من تصرفات زوجته ويشعر أنها تخفى عنه شيئاً ما، وكان لا يتردد فى تفتيش حقيبة يدها ومحفظتها، بحثا عن رقم تليفون أو ملحوظة فى النوتة أو سجل التليفونات، ويسألها عن أرقام تليفونات مسجلة بأسماء لا يعرفها وليسوا من الأقارب. وعندما ظهرت خاصية تسجيل المكالمات وإظهار رقم الطالب، وزر إعادة الاتصال بآخر رقم، كان ذلك الأمر ثورة أوقعت زوجات كثيرات فى مشكلات، وكانت النساء تتحايل على ذلك، بالاتصال بأى رقم عشوائى بعد كل مكاملة، ليكون ذلك الرقم هو آخر رقم تم تسجيله على ذاكرة التليفون الأرضى. ولاء تؤكد أن هذا السلوك رغم أنه يبدو خاطئاً، إلا أن الزوجات اللائى يعشن مع أزواج مرضى بالشك كن يلجأن لهذه الحيل لحماية حياتهن الزوجية، وأوضحت :«الارتباط بالأزواج الذين يعانون من الشك والغيرة المرضية يدفع الزوجة للجنون، فتلجأ إلى إخفاء بعض التفاصيل الصغيرة عن الزوج، لأنها قد تثير شكوكه أو غيرته مما يتسبب فى الشجار والخلاف الذى قد ينتهى بالانفصال». •