هل هناك أسوأ من أن تستيقظ من نومك لتجد نفسك تأخرت عن عملك، فتسرع دون أن تتناول إفطارك، وعندما تصل تفاجأ بأن شركتك مغلقة لأن اليوم «الجمعة» العطلة الرسمية.. كم هو شعور مؤلم ومحبط، فماذا لو كانت هذه حالة دائمة! «الزهايمر» هو مرض يصيب المخ ويتطور ليفقد الإنسان ذاكرته وقدرته على التركيز والتعلم، وقد يتطور ليحدث تغييرات فى شخصية المريض فيصبح أكثر عصبية أو قد يصاب بالهلوسة أو حالات من الجنون المؤقت. يبدأ الزهايمر بإصابة المريض بفقدان غامض للذاكرة، ويتطور سريعا، ويفقد المصابون بالزهايمر القدرة على التعرف على الأماكن أو أشخاص يحبونهم ولا يستطيع المريض الاهتمام بنفسه، والمرض ينسى الإنسان المصاب أصغر التجارب التى مرّ بها واكتسبها خلال عمره، ويرجع الفضل فى اكتشاف هذا المرض إلى الطبيب الألمانى لويس الزهايمر عام 1907، حيث أطلق اسمه على المرض عند تشريح لمريضة فى الخمسين من عمرها عقب موتها، لقد كانت تعانى من فقدان الذاكرة. فى البداية يفاجئ المصاب أهله، ومن حوله بعدم القدرة على تذكر أحداث وقعت له قبل مدة قصيرة مع ضعف فى أدائه الكلامى، وربما هذيان فى بدء الإصابة، والزهايمر ضيف ثقيل يصيب مساحة كبيرة من الذاكرة وقشرة المخ ويؤدى إلى فقدان تدريجى للذاكرة والوظائف اليومية الاعتيادية التى يقوم بها كل فرد منّا. وتسوء حالة المصاب بالزهايمر إلى فقدان التمييز وعدم معرفة الأماكن وزيادة الوساوس والهلوسة، فيمكن أن يصل الأمر إلى خروج الشخص من المنزل ولا يتذكر العنوان بسبب حدوث خلل فى الذاكرة. وفى هذا الصدد قال باحثون أمريكيون: إن بصمات مرض الزهايمر، الذى يصيب الأشخاص فى مرحلة الشيخوخة، تبدأ أولى علاماته فى التشكل عند الشباب فى سن 20 عاماً، على عكس ما كان يتصوره العلماء من أن المرض يتشكل فى مراحل متأخرة من العمر. سموم المخ وهناك علامات معينة على إمكانية الإصابة بمرض الزهايمر، تبدأ بتراكم لويحات لزجة فى الدماغ، تسمى بروتين «أميلويد»، قبل سنوات كثيرة من ظهور أعراض المرض الذى يسبب فقدان الذاكرة، ومشاكل فى الإدراك عند الشباب. وأشار العلماء إلى أن هذه هى المرة الأولى التى يتم فيها رصد ظهور بروتين «أميلويد» فى مثل هذه العقول البشرية الشابة التى لم يتجاوز عمرها 20 عاماً. وللوصول إلى نتائج الدراسة، فحص الباحثون الخلايا العصبية فى أدمغة 3 مجموعات، الأولى تكونت من 13 فرداً تتراوح أعمارهم بين 20 و 66 عاماً، بينما بلغت المجموعة الثانية 16 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 70 و 99 عاماً، فيما بلغ عدد المجموعة الثالثة 21 فرداً، أعمارهم بين 60 و 95 عاماً. ووجد العلماء أن جزيئات بروتين «أميلويد» بدأت تتراكم داخل الخلايا العصبية فى مرحلة الشباب بداية من سن 20 عاماً، واستمرت طوال العمر. وشكلت جزيئات «أميلويد» كتلاً صغيرة سامة فى الخلايا العصبية، وكانت موجودة حتى لدى الأفراد الذين بلغت أعمارهم 20 عاماً، وكانت تلك الكتل أكبر حجماً بين الأفراد الأكبر سنًّا، الذين يعانون بالفعل مرض الزهايمر. وخلص تقرير أصدره معهد الطب النفسى فى جامعة «كينجز كوليدج» فى لندن، بالتعاون مع «الاتحاد الدولى للزهايمر» فى سبتمبر 2014، إلى أن عدد الأشخاص الذين يعانون الزهايمر ارتفع بنسبة 22% خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة ليصل إلى 44 مليونًا، وأن العدد سيزداد 3 أضعاف بحلول عام 2050 ليصبح عدد المصابين بالمرض 135 مليوناً تقريباً فى العالم، بينهم 16 مليوناً فى أوروبا الغربية. خطأ فى اختيار الملابس ويمكن تقسيم الزهايمر إلى نوعين، النوع الأول «المبكر» وأعراضه تظهر مبكرة ولا تستغرق وقتا طويلا، ويصيب المريض من عمر 35 -50 عاماَ، ويظهر وراثة لدى بعض الأسر «الزهايمر العائلى» FAD الذى ينتقل عن طريق الجينات الوراثية من أحد الوالدين، حيث تتناقل الصبغيات الوراثية اللاجنسية المورثة، وهو قليل الانتشار، ولا يشكل إلا حوالى 5 - 10 % من مجموع المصابين بالزهايمر، وتتمثل أعراضه فى تكرار نفس العبارات لعدة مرات وتكرار النسيان لمواضع الأشياء وارتباك فى تذكّر أسماء الأشياء المعروفة، ونسيان طرق وممرات معتادة، وتغيرات فى السلوك الشخصى، والكسل وعدم الاهتمام بالأشياء التى كان يألفها من قبل. أما النوع الثانى فهو المتأخر وتظهر أعراضه ويصيب الأفراد الكبار نسبيا الذين هم فوق ال 60 عاما، وأهم أعراضه هى تناقص المعرفة بالأحداث الجارية، ونسيان الأحداث التى وقعت خلال فترات من حياته، كما يحدث له اضطراب فى اختيار الملابس الملائمة، ويصاحب المصاب إحساس بالكآبة والأوهام. ولا يذكر المتخصصون أسبابا محددة تؤدى إلى الإصابة بالمرض، ولكن هناك معطيات تلازم الإصابة تم اكتشافها عقب التشريح مثل: تراكم كميات كبيرة من العناصر الثقيلة فى المخ، كالألومنيوم فى منطقة «قرن آمون» المخّية، علاوة على وجود كثافة من بعض العناصر كالزئبق، والرصاص ما يؤدى إلى حدوث تقلص مستمر، حيث قام المتخصصون بتشريح المخ لعدد ممن الذين لقوا حتفهم على أثر التأكد من الإصابة بالزهايمر، فوجدت تركيزات كبيرة من الألمونيوم تصل لأربعة أضعاف وجودها الطبيعى فى خلايا المخ بصورة طبيعية. سوء تغذية ويشير المتخصصون إلى أن سوء التغذية يؤثر على المخ وينعكس سلبا على أدائه الوظيفى، فالمخ يعمل أثناء اليقظة وأثناء النوم ويستهلك طاقة الجسم رغم قلة وزنه وتتركز مغذيات المخ التى تساعد على صفاء الذهن وحسن التركيز والتذكر الجيد فى الأحماض الدهنية غير المشبعة «أوميجا 3»، وتوجد فى بعض الزيوت والأسماك التى تحافظ على سلامة الأعصاب والمكسرات أيضا والأحماض الروتينية «تبروزين»، وهى تساعد على التركيز أثناء التوتر النفسى وتتوافر فى الفول السودانى واللوز وفيتامين «ب المركب» وبه مادة «كولين»، وهى مادة موصلة للإشارات العصبية مهمة جدا فى عملية التذكرة. وتشير الدراسات الطبية إلى أن اتباع نظام غذائى يعتمد على الفواكه والخضروات والحبوب الغنية بمضادات الأكسدة، يمكن أن يساعد على تجنب الإصابة بمرض الزهايمر، كما توصلت بحوث إلى أن فيتامين»E» الموجود فى الخضروات ذات الأوراق الخضراء والكنتالوب والحبوب والجوز، يقلل أيضا من الإصابة بالمرض.. ومن جانبه يرى الدكتور شاهين رسلان، أستاذ الأمراض النفسية والعصبية، أن ظهور الزهايمر عند الشباب مرتبط بعدم قدرة الشاب على تفريغ مشاكله الشخصية والمهنية، مشبهاً العقل بجهاز «الموبايل» عندما يمتلئ بالرسائل، أو أرقام الهواتف يحدث له «تهنيج»، وأن عقل الإنسان إن لم يستطع تفريغ طاقته ومشكلاته يحدث له مثل هذا الشيء، وهو علمياً «الزهايمر»، كما يطلق عليه أيضاً «العمى الفكرى»، حيث تظهر على الشاب بعض علامات نسيان بعض الأمور الحياتية. الأغنياء مرشحون للإصابة وأضاف «رسلان» أن ظهور أعراض مرض الزهايمر عند الشباب مرتبط إلى حد كبير بمستوى المعيشة المرتفع، التى تجعل لديه طموحات زائدة على الحد، خاصة مع تطور التكنولوجيا، التى تتيح له معلومات لا يستطيع تفريغها أو توظيفها. ويرى أستاذ الأمراض النفسية والعصبية أن ما يتعرض له الشباب بما يسمى «الزهايمر» لا يحدث للشباب من ذوى الطبقة الفقيرة، لأن أحلامهم بسيطة يحاولون تحقيقها بقدر الإمكان، مؤكداً أن الزهايمر الشباب يظهر فى دول الخليج، والدول التى يعيش سكانها فى مستوى مادى مرتفع، لافتاً إلى أن 3% من ذوى المستوى الاجتماعى المرتفع من المجتمعات يعانى الشباب من مرض الزهايمر، وأضاف أن نسبة الإصابة بالمرض فى الفئة العمرية فوق سن 60 عاماً فى مصر حالياً تقدر ب5%. وتشير الإحصاءات العالمية إلى أن 1% ممن فوق عمر ال60 عاماً يعانون الزهايمر، وأن تلك النسبة تتزايد تدريجياً لتصل إلى 40% ممن هم فوق سن ال85 عاماً. وقالت الدكتورة لبنى الحديدى، رئيس قسم التغذية الإكلينيكية بالمعهد القومى للتغذية، إن مرض الزهايمر يظهر بين 56 و58 سنة، وتتضاعف كل 5 سنوات قوة الإصابة بالمرض، مشيرة إلى أن الضغط المرتفع وزيادة مادة الهوموستين فى الدم التى تتولد خلال عملية هضم البروتينات، وتناول الأطعمة عالية الدهون عوامل خطيرة تسبب الإصابة بالمرض. وأضافت «الحديدى» أن مريض الزهايمر يحتاج إلى عمل بعض التحاليل المهمة، مثل تحليل الغدة الدرقية ووظائف الكلى والكبد والدم والهوموسيتين.