غضب شديد انتاب العاملين فى مجال الجزارة بعدما ارتفعت أسعار اللحوم فى الفترة الأخيرة وهو ما استدعى غلقهم للمحال بسبب عدم قدرتهم على مواجهة المستهلك وصعوبة البيع فى الوقت الذى عانوا فيه من تجاهل شديد من جانب المسئولين خاصة بعد عدم حضور أى مسئول للغرفة التجارية لمناقشتهم ووضع حلول سريعة عقب وصول اللحوم إلى سعر 120 جنيهًا فى بعض المناطق. كان عدد كبير من الجزارين قد أغلق أبواب محالهم بسبب عدم القدرة على بيع كيلو اللحمة الذى تجاوز 100 جنيه فى الوقت الذى أصبحوا فيه فى مرمى نيران المواطنين، بسبب اتهامهم بالجشع دون أن يعلم المستهلك أن السبب الرئيسى ليس هم وإنما ارتفاع أسعار الماشية الحية فى الأسواق نتيجة الارتفاع الكبير فى أسعار العلف والتضخم الشديد الذى ضرب العملة المصرية. • تجاهل وغضب حضرت «صباح الخير» أمام اتحاد الغرف التجارية بالقاهرة الأسبوع الماضى لتجد الجزارين فى حالة غضب بعدما غاب المسئولون المقرر لقاؤهم من جانب الحكومة وهو ما دفعهم للصياح أمام الغرفة التجارية عن سبب غياب المسئولين وقرروا الذهاب إليهم من أجل معرفة مصيرهم لاسيما أن الأسعار فى ارتفاع مستمر وعدم القدرة على البيع بهذه الأسعار. وأهم ما زاد من مخاوف الجزارين هو أن سعر اللحوم لا يتوقف عند رقم معين بل يرتفع كل أسبوع وهو ما يعنى أن المواطن الذى يصل دخله اليومى إلى 70 أو 80 جنيهًا لن يستطيع شراء مستلزماته من اللحوم فقط وهو ما يضعهم فى مواجهة مستمرة مع المستهلك. وأبدى عدد من الجزارين غضبهم من ارتفاع كيلو اللحم الحى من 38 جنيهًا إلى 43 جنيهًا أى أنه بعد أن يصل إلى الجزار مرورا بالنقل إلى المجزر ثم غلق محال التجار سيتجاوز سعره 80 جنيهًا على أقل تقدير ومن ثم فإن التاجر لا يمكن أن يبيعه إلا بعد أن يتجاوز 105 جنيهات كى يحقق بعض الربح ويدفع أجور العاملين معه وفاتورة الكهرباء والإيجار والخدمات الأخرى وهو ما دفع بعضهم لغلق المحال حتى يرى حلولا جدية فى الوقت الذى حذر بعضهم من انقراض الثروة الحيوانية المصرية التى تتميز بالجودة العالية نتيجة عدم القدرة على توفير الأعلاف اللازمة سواء لأسباب تتعلق بالرقعة الزراعية أو ارتفاع أسعار الأعلاف التى يجرى استيرادها من الخارج نتيجة الأزمات التى تحدث جراء صعوبة توفير النقد الأجنبى حاليا. وقرر عدد من الجزارين الذهاب إلى وزارة الزراعة لمقابلة المسئولين بعدما وجد أصحاب المحال أنهم لم يجدوا إجابة عن أسئلتهم بشأن إيقاف نزيف أسعار اللحوم المستمر بعد نهاية عيد الأضحى. • أزمة الجزارين تحدثت «صباح الخير» مع عدد من الجزارين أمام الاتحاد العام للغرف التجارية فأكد «عماد زنجر» أحد الجزارين المتضررين من ارتفاع أسعار اللحوم أن إيجار المحل والمصاريف يقتطع شهريا ثمانية آلاف جنيه من الجزار والمطلوب أن يبيع منتجه بسعر رخيص ليجد إقبالا من المستهلكين. وأضاف عماد أن الجزار يجد صعوبة فى الحصول على أمواله نتيجة ضعف الإقبال على اللحوم وهو ما يعنى طول مدة دورة رأس المال وتعرضه لخسائر نتيجة صعوبة الوفاء بالتزاماته الشهرية. وأشار عماد إلى ضرورة تفعيل عدة قرارات مهمة للحفاظ على الثروة الحيوانية وتنميتها، ومن أهمها منح ذبح إناث الماشية وغلق محال الجزارة ثلاثة أيام فى الأسبوع كى يخفف من الضغط على سحب الماشية من السوق. وطالب «على أحمد محمود» صاحب محل جزارة بحى 6 أكتوبر جميع محال الجزارة بغلق أبوابها على الفور لحين وضع حد لأزمة اللحوم فى الوقت الذى يبيع فيه كيلو اللحم بسعر 105 جنيهات فى حين أنه يصل إليه بسعر 80 جنيها وبالتالى لا يمكن أن يبيعه بأقل من هذا السعر ولكن تكمن المشكلة فى ضعف الإقبال وعدم قدرة المواطن العادى على الحصول على احتياجاته من اللحوم لأن ثمنها لا يتناسب مع مستوى دخله. وأضاف «علي» إن المواطن فى داخله عندما يسمع سعر الكيلو أنه وصل إلي 105 جنيهات يعتقد أن الجزار «حرامي» ويحصل على أموال لا يستحقها ولذلك أعلنا عن موقفنا بأننا سنغلق المحال لأن الموقف أصبح فوق الاحتمال. وطالب «محمد مدبولي» صاحب محلات جزارة بمدينة نصر الحكومة بأن تتحد مع الفلاح والمربى من أجل وضع منظومة لتنمية الثروة الحيوانية وذلك من خلال وزارة الزراعة بحيث توفر له الأعلاف اللازمة لتنمية الماشية. وأوضح مدبولى أن وزارة الزراعة إذا ما قامت بزراعة مساحة كبيرة من الأراضى الزراعية بالأعلاف فإنها ستساهم فى رفع مستوى الثروة الحيوانية فى مصر كما أنها إذا قامت بتوزيع الأعلاف والماشية على الفلاح من أجل التربية ثم تستلم منه الحيوان فى صورته النهائية فإنها بذلك سترفع من كفاءة الثروة الحيوانية وعددها وستقل الأسعار. واستكمل مدبولى حديثه بأن الجزار حين يغلق ثلاثة أيام فإنه سيقوم خلالها بالعمل فى اتجاه آخر وهو مساعدة الفلاحين فى تنمية ثروتهم الحيوانية والمتابعة معهم باستمرار بحيث يساهم فى زيادة رؤوس الماشية فى الأسواق. واعتبر «مصطفى صابر» جزار بمنطقة الجيارة بمصر القديمة أن الأزمة الحقيقية للحوم هى ارتفاع سعرها فى الوقت الذى تشير أغلب المؤشرات داخل الأسواق إلى أن سعرها سيرتفع ولن يقف فى حدود 105 جنيهات إلى 120 جنيهًا بل سيقفز إلى 150 جنيهًا إذا استمر الوضع على ما هو عليه دون تغيير. وأضاف «صابر» إنه أغلق محله منذ أسبوعين بسبب الاستمرار فى ارتفاع الأسعار دون حدود حتى وصل الأمر إلى زيادة أسبوعية بمقدار خمسة جنيهات وهو ما تسبب فى عدم قدرة المواطن على الشراء. وأكد «صابر» أن العامل من المستحيل أن يحصل على نصف كيلو لحمة مقابل أن يدفع أجره اليومى فكيف سيلبى احتياجاته هو وأسرته وفى المقابل يجرى ذبح الماشية البتلو لأنها تلبى احتياجات الأغنياء وهو ما يقلل من المعروض من اللحوم ويرفع الأسعار تلقائيا. • حلول عاجلة أكد محمد وهبة رئيس شعبة القصابين باتحاد الغرف التجارية أن أزمة اللحوم بحاجة إلى حلول عاجلة لاسيما أن عددًا من الجزارين ذهب إلى وزارة الزراعة واستقبلونا وأكدوا أنهم سيتجهون إلى زراعة مساحات كبيرة من الأعلاف تغطى السوق المحلية ولكن نحن بحاجة إلى رؤية الحلول على أرض الواقع. وأضاف وهبة إن الجزار فى النهاية هو مواطن فهل ارتفاع أسعار السكر والسلع الأساسية يصيب عامة الشعب دون الجزارين؟ .. الجزار هو مواطن فى النهاية وعندما يرتفع سعر سلعة فإنه يتضرر تماما مثل المواطن العادى فى الوقت الذى يتعرض فيه الجزار لوابل من الانتقادات من وسائل الإعلام بسبب ارتفاع الأسعار. واستبعد وهبة فكرة أن يكون الاحتكار هو السبب الرئيسى فى الأزمة لأنه لا يمكن أن يجرى السيطرة على 4000 قرية يجرى بيع الماشية فيها كما أنه يجب وضع أسس مهمة تجرم الذبح خارج المجازر الذى يجرى عن طريق الفلاحين فى القرى وهو ما ينتج عنه الحصول على لحم بسعر رخيص ولكن فى النهاية هذا الأمر يتم بعيدا عن رقابة الدولة سواء البيطرية أو الإشرافية ويجب ملاحقتهم رغم صعوبته لاسيما أن الماشية التى يجرى ذبحها من الإناث، أى قتل للثروة الحيوانية. اعتبر عادل أبوتيج نقيب الجزارين أن محال الجزارة تخسر باستمرار بسبب الارتفاع الكبير فى الأسعار وأن الوقت الحالى بحاجة للبحث على حلول مع الحكومة من خلال التحدث مع المسئولين الذين لهم علاقة بالأزمة. وأشار أبوتيج إلى ضرورة البحث عن حلول جذرية للأزمة وليست مؤقتة من أجل خفض أسعار اللحوم لاسيما أن الجزار لا يمكن أن يستمر فى سلسلة من الخسائر المستمرة نتيجة ضعف الإقبال. •