دخلت إلى مكتبه الأنيق البسيط بالدور الثالث فى المبنى الإدارى بمقر قناةCBC بمدينة الإنتاج الإعلامى، استقبلنى بحفاوة كبيرة تنم عن شخصيته المهذبة ورقة تعامله؛ جلست أتأمل فى صمت وإعجاب مجموعة الصور المتراصة على الحائط.. صور تسجل تاريخه الحافل بالمقابلات والإنجازات؛ وتؤرخ بدقة سجله الإعلامى المميز.. إنه الكاتب الصحفى محمد هانى مدير تحرير جريدة روزاليوسف الأسبق ورئيس شبكة قنوات سى بى سى الذى تحدث بكل صراحة عن حال الإعلام وشكل المنافسة فى الفترة القادمة مع القنوات الجديدة والحالية وعن الدور الذى تلعبه قناة سى بى سى فى خدمة المجتمع وعن الضجة الإيجابية الكبيرة التى أثارها برنامج صاحبة السعادة وخاصة حلقات صنع فى مصر وموضوعات أخرى كثيرة فى السطور القليلة القادمة. • البداية مع برنامج «صاحبة السعادة» والضجة الكبيرة التى أثارتها حلقتا «صنع فى مصر» هل هذه الفكرة كانت مجرد فكرة لمعد أم هى الخطة الاستراتيجية التى تسير عليها القناة؟! - برنامج «صاحبة السعادة» هو برنامج -من وجهة نظري- فريد من نوعه فهو يكاد يكون أحد برامج قليلة جدا فى الإعلام المصرى عموما له شخصية غير متكررة.. ما من أحد يعمل على نفس هذه المساحة.. وفكرة البرنامج كانت للفنانة إسعاد يونس.. التى مضت عليها سنون طويلة ولم تقدم برامج للتليفزيون.. وأنا شخصيا منذ عام 2005 وأنا أحاول معها أن تعيد التجربة للظهور على الشاشة ولكنها كانت ترى أن الوقت غير مناسب. • الشخصية المصرية فكرة البرنامج كانت لها دوافع كثيرة أن تقدمها ليس فقط فكرة «النوستالجيا» وهو أن نستعيد ذكريات لأشياء كثيرة مرت بحياتنا.. ولكن المفتاح الرئيسى للبرنامج هو «الشخصية المصرية» وهذا هو الدافع الذى جعلها تقدم البرنامج وهو الخيط الذى لم يفقده البرنامج على مدار عرضه.. كان الهدف هو البحث عن عمق الشخصية المصرية بطريقة مبهجة وبسيطة وحقيقية وبصرف النظر أن الشخصية المصرية تترجم إلى نجوم وبشر وأسماء أو تترجم إلى عناوين وموضوعات عامة مثل مجموعة الحلقات التى قدمتها تحت عنوان «صنع فى مصر».. هذه ليست المرة الأولى التى تقدم فيها إسعاد حلقات تبرز فيها أفكارًا عن المكون المصرى. عبقرية حلقات «صنع فى مصر» فى توقيته لأنها جاءت فى اللحظة التى يعتبر فيها الاقتصاد هو الهاجس الأعظم بالنسبة للدولة والمجتمع ولكل المشاهدين وتزايد حالات الخوف عند الكثيرين.. فى لحظة مثل هذه عندما يأتى برنامج تليفزيونى لا يرفع فقط شعار «صنع فى مصر» وإنما يقدم نموذجا موجودا بالفعل. هذه المنتجات عشنا بها ومعها سنوات طويلة واستهلكناها وكنا نشتريها وكانت لا تقل أبدا فى جودتها وفى إحساسنا بها عن أى منتج مستورد.. بحيث أصبحنا فى زمن المستورد؛ عندما قدمت إسعاد هذه الحلقة فى هذا التوقيت تحديدا كان استقبالها عند أعلى نقطة عند المشاهدين وحتى عند المسئولين.. فى رأيى أن الجميع تفاجأ برد الفعل على المنتج المصرى... نحن إذا ذكرنا بيننا وبين بعض كلمة منتج مصرى سنجد نظرات استنكار وعدم اقتناع!!.. ولكن عندما رأى الناس المنتجات وشعروا بها علمت أنه ليس مجرد شعار.. رأيى أن التوقيت هو الذى أدى إلى هذا النجاح، إضافة إلى العمق والبساطة والجرأة التى تم تقديم الفكرة بها.. اسم مثل اسم إسعاد يونس هو اسم كبير فهى لم تتحرج إطلاقا أن تجلس أمام المشاهدين فى Full cadre وأمامها كل هذه المنتجات التجارية.. النجم عادة فى زمن الإعلانات لا ينطق اسم المنتج وهى هنا لا تتكلم عن منتج تجارى وإنما منتج وطنى.. المعنى هذا وصل للمشاهد والمسئول ورجال الصناعة والعاملين فى هذا المجال فى نفس اللحظة وبنفس الشكل، كذلك أتصور أن هناك جرأة من القناة فنحن لم نتعامل مع هذه المنتجات على أنها تجارية بل وطنية بالأساس.. كل هذا السياق هو الذى أحدث هذا التأثير الممتاز. • هنا العاصمة ولا يصح أن يبقى جملة اعتراضية أو عابرة وبالفعل تحدثت معى إسعاد وأخبرتنى أنها تعد لحلقات أخرى فى هذا الإطار وتناقشنا كيف يمكن توسعة نطاق هذه الحلقات لأنه مسار مهم ومطلوب ويعطى دوافع إيجابية حقيقية قادرة على تغيير شيء.. ونحن أيضا ثمنا ما تم ولم نفضل أن يظل حبيس البرنامج فقط لذلك فإن البرنامج الرئيسى فى CBC «هنا العاصمة» للميس الحديدى تعامل مع الحلقة على أنها حدث أو خبر مهم له تأثير مثل الأحداث اليومية التى تثير عبر اليوم وتعاملت معه بمنطق صحفى وليس زملاء يجاملون بعضهم البعض.. فلميس أخذت المكون الذى اشتغلت عليه إسعاد وتحدثت مع رؤساء مجالس إدارات هذه الشركات وسألت ما الذى يعطل الصناعة والإنتاج وأجندة العمل؟! وهذا حدث أيضاً مع الفنان محمد صبحى الذى قدم حلقة عن السوريين فى مصر وكانت حلقة رائعة جمهورها الحاضر من السوريين وبعض أبطال العمل المسرحى من السوريين وقدم فى الحلقة لأول مرة عرضا مسرحيا نهايته حقيقية وليست فنية: أسرة كانت تبحث عن الجدة الموجودة فى سوريا والبرنامج تمكن أن يجلبها لأسرتها فى القاهرة وأدخل ذلك داخل العرض.. فكانت حلقة مهمة لمست قلوب المصريين والسوريين ونبهت المسئولين فى وزارة الخارجية. • هل كل هذه الأفكار السابق ذكرها هى أفكار إدارة القناة أم مقدمى البرامج أم المعدين؟! - هذا المكان به مجموعة كبيرة ليست موجودة فى أى مكان من المهنيين والصحفيين والشخصيات التى لها قيمة مهنية حقيقية وهذه هى الأصول الحقيقية التى تملكها سى بى سى وليست الأصول المادية.. وعندما تكون هناك هذه الكوكبة فيكون من الغفلة ألا تشارك فى صنع ما يظهر على الشاشة وهذا ما يحدث بالفعل.. طوال الوقت يوجد حوار سواء كانت حوارات ثنائية بين الإدارة أو كل برنامج على حدا سواء بين كل البرامج لأننا نجتمع كثيرا سواء داخل المحطة أو فى مناسبات اجتماعية ننظمها بالإضافة إلى أن أغلب الموجودين فى سى بى سى يعملون مع بعضهم البعض منذ سنوات طويلة.. فهذا التفاعل ينتج نتيجة مضاعفة. • كيف ترى فكرة النوستالجيا التى يحبها الجمهور فى «صاحبة السعادة»؟! - هذا موضوع فى غاية الأهمية والخطورة فى نفس الوقت؛ وجهة نظرى كصحفى فى المجتمع حالة النوستالجيا العنيفة الموجودة هذا نوع من أنواع إما الهروب من الواقع أو رفضه.. هذا يعنى أننا طوال الوقت نرجع إلى الوراء.. كل ما فى ذهنى ووجدانى هو الماضى وليس الحاضر ولا المستقبل.. وفى المجتمع هذه الحالة تكاد تكون قد اقتربت من مرحلة المرض أنا أسميه سلفية فنية، وسلفية اجتماعية وسلفية سياسية مثل السلفية التى سببت كثيرًا من الكوارث فى الاتجار بالدين مثل السلفية الدينية وهو أن مرجعيتنا وراءنا ونذهب لها بوجداننا ولا نجد لأنفسنا دورا وهذا نلمسه بقوة فى المجتمع حتى على مستوى التعاملات اليومية للطبقة الوسطى التائهة والتى تشعر أن تطلعاتها من الممكن أن تكون متاحة وواقعية.. هذه النوستالجيا تكون نوعًا من أنواع الوقاية النفسية تجعلك تتماسكين وتتوازنين لكن فى نفس الوقت الإغراق فيه يتحول إلى مرض ومستقبلنا يصبح وراءنا وليس أمامنا. أما بالنسبة لنا على الشاشة وبما أننا لسنا منعزلين عن المجتمع ننتبه جيدا لذلك، ونحاول عندما نتعامل مع النوستالجيا وتحديدا فى برنامج صاحبة السعادة نحاول ألا تصبح هذه الحالة مرضا أو مخدرا، فمثلا آخر حلقتين كانت حلقتى صنع فى مصر التى أثارت النوستالجيا وبعدها مباشرة حلقتا «الحلوة» و«يا واد يا تقيل» وهم النجوم الشباب فى مسلسلات رمضان.. فليس من الصدفة أن يتم عرض الحلقات بهذا الشكل فهى مقصودة وهذا الشيء كان من ترتيب إسعاد يونس وهى ترسل لى أسبوعيا على الإيميل جدولا بعرض الحلقات وهذه هى المساحة الموجودة بين الزملاء والأساتذة وتحديدا الذين يقدمون برامج أسبوعية مسجلة. • كسرت الحاجز • ترددت أنباء تشير برحيل إسعاد يونس عن قناة سى بى سى ما صحة هذه الأنباء؟؟! - لن نتركها تترك القناة.. إسعاد يونس جزء أصيل من هذه المحطة بحكم أشياء كثيرة جدا ونعتبرها عمودًا أساسيًا من أعمدة المحطة وأنا شخصيا لم يصلنى أى شيء من هذا القبيل لا منها ولا من أى أحد آخر. • فى رأيك ما هى أسباب النجاح الجماهيرى الذى حققته إسعاد يونس فى برنامج صاحبة السعادة؟! - إسعاد يونس كسرت الحاجز بين المذيع وبين الإنسان العادى فهى لديها كل شيء الشهرة والنجومية والمكانة الاجتماعية والتحقق المهنى وعندها التنوع فى المسيرة المهنية فهى من نجوم الشرق الأوسط فى عصره الذهبى الذى أحدث طفرة فى الإعلام فى وقته، كذلك هى من أوائل الناس التى قدمت برامج جريئة فى التليفزيون حيث قدمت برنامجًا بعنوان مساحة حرة منذ 15 عاما على قناة الأوربت وهو من أوائل البرامج التى تخوض فى القضايا المسكوت عنها وهو برنامج جماهيرى وقدمت فيه حالات حقيقية ... هى أيضا ممثلة مميزة ومنتجة وكاتبة صحفية وهى من وجهة نظرى هى نفسها نموذج البرنامج: هى تمتلك كل مكونات الشخصية المصرية الطبيعية السوية التى لا تهتز جراء شهرة أو مال ولا الصراع يستغرقها والتى ليس لديها انحيازات شاذة أو أغراض وقتية سطحية.. لذلك لا نستطيع أن نقول هيا بنا ننفذ برنامجًا مثله فلن نستطيع أو نبقى على البرنامج ونأتى بمقدم آخر فلن يظهر بهذه الصورة.. كذلك من عوامل النجاح أن فكرة البرنامج من اختيارها، كذلك اختارت توقيت العرض الذى تتحدث فيه مع الناس فى عام 2013 فى اللحظة التى بدأت مصر تتغير.. فلذلك خرج الحوار بشكل مختلف: طريقة الدخول لأى موضوع تناقشه أو لأى ضيف تحاوره كانت مختلفة فهى أقرب للحياة منها للتليفزيون.. نضيف إلى ذلك أن كثيرًا جدا من ضيوف إسعاد من المبدعين كان بينها وبينهم تاريخ وعلاقة إنسانية عميقة ينتج عنه حوار مختلف وحقيقى جدا وفى منتهى القوة إلى جانب الاطمئنان فالضيف ليس قادما ليؤدى مهمة وينصرف.. وهذه الأشياء يلمسها الجمهور.. إسعاد يونس انتماؤها الأصلى والحقيقى للطبقة الوسطى فلم تهبط عليها شهرة أو نجاح من السماء هى شخصية عصامية وصنعت مسيرتها بنفسها. • هل نجاح البرنامج سيدفع إدارة القناة لإنتاج برامج جديدة تقدم هذه التوليفة والمضمون القوى مع البساطة فى الوقت ذاته؟! - هناك خطأ نقع فيه كإعلاميين أنه عندما ينجح برنامج نقلده.. فى رأيى أن الإعلام تنوع: لابد أن نقدم السياسة القوية والأخبار المباشرة والبرامج الاجتماعية التى تقوم على قضايا ومشاكل وبرامج مثل صاحبة السعادة هو حالة للحياة أكثر منه برنامج.. لذلك أنا كنت من القلائل الذين يرون أن التخلى عن برامج التوك شو السياسية الإخبارية التى سئم منها الناس هو نوع من السذاجة وعكس المهنة، هل يجوز أن نصدر جورنالا بدون الصفحة الأولى لمجرد أن الناس ملت ؟! هذا غير منطقى.. الموضوع فى كيف نطرح السياسة والأخبار ليس فقط عن طريق الإمكانيات ولكن أيضا عن طريق الفكر والعمق والمسار. • آثار الدمج • ما هو التغيير الذى حدث بعد الدمج بين قناتى سى بى سى والنهار، فى وجهة نظرك خاصة بعد تردد أنباء عن الدمج بين قناة أون تى فى والقناة الجديدة وهل هذا سيكون أسلوب حياة فى الفترة القادمة؟! - إذا كان الدمج سيصير أسلوب حياة فنحن من اخترعناه لأننا لم نسر فى هذا المسار لأنه موجود، نحن فقط بدأنا.. نحاول كشبكة قنوات وهنا أتحدث عن المساهمين ومجلس الإدارة أن نكون سابقين بخطوة.. ورئيس مجلس إدارة السى بى سى هو المهندس وليد العيسوى وهو رجل لديه ذكاء وخبرة كبيرة فى صناعة الإعلام منذ سنوات ومن أهم الشخصيات فى هذه الصناعة.. نحاول أن نرى الصناعة جيدا ومسارها ومتطلبات السوق لأننا قنوات خاصة لأن الموارد التى تضخ لهذه القنوات لابد أن يكون لها عائد.. من هذا المنطلق ارتأى مجلس الإدارة أن السوق ستزيد فيها المنافسة وهذه السوق لم تعد هى السوق المصرية فقط؛ فالإعلام المصرى لابد أن يكون له موقع قدم خارج فى المنطقة العربية، لذلك جاءت فكرة التحالف الاستراتيجى مع قناة النهار وهى شبكة القنوات التى ظهرت فى نفس توقيت إطلاق سى بى سى فى 2011 ؛ طريقتهم فى التفكير قريبة من مجلس إدارة سى بى سى، وحققت نجاحا كبيرا وأخذت نصيبا جيدا من المشاهدة مثل السى بى سى.. التحالف يعظم القيمة وينتج عنه كيان أكبر بكثير له أهداف أكبر يستطيع أن يدخل على مساحات أوسع ويحقق نتائج أفضل كصناعة وكعوائد وكمنتج تليفزيونى، ولذلك تمت هذه الخطوة منذ ست شهور وأول شيء سيتم إطلاقه خلال شهر ونصف هو قناة إخبارية موحدة للشبكتين أكثر طموحا من القناتين لها خريطة وشكل مختلف تماما.. كذلك لدينا مشروع مهم وهو أحد أهم أسباب التحالف الاستراتيجى هو إطلاق قناة Panarab أى قناة لكل العرب غير محلية ولكن ينتشر أثيرها عبر العواصم العربية مثل قناة Mbc الأصلية ومثل قناة دبى.. تجدر الإشارة إلى أن هذا التحالف الاستراتيجى مفتوح ومن الممكن أن يدخل فيه شركاء آخرون سواء قنوات أو مستثمرين. • وماذا عن سلبيات الدمج أو التحالف الاستراتيجى كما أطلقت عليه؟! - المهندس وليد العيسوى تحدث معى ومع المهندس محمد الأمين المستثمر الرئيسى لسى بى سى منذ عام ونصف العام تقريبا إذ إن الموضوع مدروس جيدا .. فالدمج لم يتم فجأة أو رد فعل لشيء وقد اتخذنا الخطوة فى الوقت المناسب ونحن الآن نعمل على الإنتاج وتطوير الصناعة. • فى وجهة نظرك؛ هل تعتقد أن الإعلام يجب أن يسير نحو الدمج أى إعلام الصوت الواحد أم أننا نحتاج إلى منابر إعلامية متعددة؟! - الإعلام إذا سار بمنطق الصوت الواحد فلن يستمر ولا يمكن أن يسير من الأساس.. ولن يحدث.. كمية التنوع داخل هذا المجتمع يجب أن تجد نفسها وتجد انعكاسًا لهذا التنوع.. ولا يهمنى التنوع السياسى بقدر التنوع الثقافى وهو بالمناسبة الثروة الحقيقية فينا .. أريد أن أقول الثورة الوحيدة التى نجحت فى مصر هى ثورة الإبداع.. منذ عام 2011 حتى اللحظة هناك ثورة فى الإبداع والمبدعين فى مصر لم يستطع أحد أن يقف أمامها ولن تستطيع أى قوة إجهاض أى تيار سياسى أو تعصب دينى أو إرهاب.. فمثلا مجلة «صباح الخير» هى فكرة مبدعة تحولت إلى صحافة بكل ما أنتجته من شعراء وفنانين وصحفيين وقصاصين وكتاب سيناريو. إفراز هذا الكم من الفرق والموسيقيين والأصوات الفردية والوجوه الجديدة فى التمثيل وأسماء جديدة فى الإخراج وكتاب سيناريو وتطور رائع فى شكل ومستوى موضوعات الدراما وسينما - بكل الظروف الاقتصادية التى نمر بها- لم تتوقف فحسب بل أنتجت أعمالا رائعة.. كذلك الأعمال الأدبية والروايات التى تنشر وكتب ذات مبيعات ضخمة وروايات تتحول دراما تليفزيونية وسينمائية.. كل هذا ثورة.. كل يوم ننتج مبدعًا جديدًا.. ولو أننا لم نستغل كل هذه الطاقات الإبداعية العظيمة بأن نحدث تيارا ثم مسارا كشاشات العرض والمسارح وساحات غنائية فى الشارع و كصفحات الكتب والجرائد والمجلات؛ لأهدرنا عهدا ذهبيا. • مصداقية الإعلام • الدولة أو بعض الأجهزة السيادية بصدد إطلاق مجموعة قنوات جديدة.. هل هذا يعنى أن الدولة غير راضية عن أداء القنوات الحالية وتحديدا بعد انتقادات الرئيس المتكررة للإعلام؟! - ليس لدينا ما يثبت أن هناك أجهزة تطلق قنوات.. ما يصلنا حاليا أن الإدارة السياسية ترى الإعلام ضجيجًا بلا طحن.. بعض الزملاء من الإعلاميين يغضبون من بعض الرسائل التى تأتى على لسان الرئيس شخصيا.. لدى نظرية فى هذا الأمر أنا أرى أننى لابد أن أنظر لنفسى إذا أنا قوى وأقدم أحسن شيء فيحق لى أن أحتج ولكن إذا كنت أعلم أن هناك مشاكل كثيرة داخل المنظومة الإعلامية وفى الرسائل الإعلامية سواء فى الدقة أو فى الانحيازات وفى نوع الخطاب وأحيانا يصل الأمر إلى تسفل يحدث على الشاشة وملاسنات وبذاءات وتصفية حسابات ونفاق رخيص ومزايدات لا تنتهى.. الغضب لابد أن ينصب على ما يحدث وليس على رد فعله أو الرأى فيه. مصداقية الإعلام فى العموم تضاءلت ورضا الناس عنه تضاءل أيضا ولا يجوز التعميم والحديث عن الإعلام بشكل مطلق. المجتمع حاليا يعيش حالة هوس كاملة: هوس سياسى ودينى واجتماعى وأصبح يعيش على الفعل ورد الفعل.. فعلى رأى أستاذ هيكل نحن ننفعل ولا نفعل فى الإيجابى والسلبى. • كيف ترى شكل المنافسة مع قناة «دى إم سي» خاصة بعد استقطابها لبعض العناصر الثقيلة من سى بى سى من معدين ومذيعين ومخرجين ومديرى إنتاج؟! - أنا دائما أنظر إلى موقعى.. أنا جاهز للمنافسة.. ونحن كإدارة «سى بى سي» لدينا تصوراتنا وخططنا.. كلما كانت هناك منافسة فنظل فى أفضل وضع وعندما تغيب المنافسة هذه هى المشكلة: ولكن أتمنى من كل قلبى أن أى كيان سيظهر لا يعيد إنتاج الموجود سواء على مستوى الأشخاص أو الموضوع.. وأن يضيف بالفكر مساحة جديدة للإعلام وبالقوالب الفنية والشكل. • الحرية .. عقدة!! • كيف يتم تحقيق التواؤم والتوازن بين الإعلام الخاص ورؤية الدولة وأهدافها؟! - أن نشتغل إعلام وصحافة بحق وإذا حدث ذلك سنسير فى المسار المظبوط.. نحتاج أن نفتح باقات الأفكار وضخ أفكار جديدة وجريئة فى الأشكال التليفزيونية .. نحن نعمل على 30% فقط من الأشكال التليفزيونية وليس الأفكار.. هذه لظروف البلد فقط وليس لأى ظروف أخرى.. نحن نعمل على أشكال معينة من البرامج... ومع دخول أجيال جديدة لابد أن تكون هناك جرأة أكثر ولابد أن نتخلص من مجموعة من العقد تحديدا فى السياسة والدين.. رأيى أن الحرية بالنسبة لنا عقدة لأننا حرمنا منها.. الإنسان لابد أن يكون مؤهلا لأن يقول فى الذى يعرفه وأن يتحمل مسئولية ما يقوله.. من بين العقد الموجودة لدينا أن المعارض هو الشريف وليس من المهم من يعارض.. فيبدو كأنه هو الأجرأ والأشرف وهذا مقياس خطأ.. لا المعارضة شرف ولا أن تدعمى اتجاها حكوميا تهمة.. شجاعة أن تقول نعم أصعب من شجاعة أن تقول لا.. ولابد عندما تقولين هذا أو ذاك ألا تكون مستخدمة أو مقهورة.. السياسة أصبحت عقدة بالنسبة لنا ولكنها فى حقيقة الأمر لعبة ومصالح والشيء ونقيضه وهذا البلد أو غيره لن يقوم بالسياسة.. الثابت هو المكونات الأساسية للمجتمع وهى عاداته وتقاليده وثقافته وهذا ما يجب إصلاحه ولابد أن نبدأ. • هل تؤيد عودة وزارة الإعلام أم تأسيس الهيئة المستقلة للإعلام والصحافة؟! -أنا مع إعادة الإعلام!! • ما هى الروشتة لإعادة إحياء ماسبيرو؟! - رأيى أن ماسبيرو هو رمانة الميزان فى الإعلام المصرى ونحتاج إلى إعادة إحيائه بشكل فعلى.. هو أكبر من أن يترك بهذا الوضع .. لابد أن تكون هناك إرادة لأن يأخذ ماسبيرو المكان الذى يستحقه فى قلب الإعلام المصرى وحوله يدور الإعلام كله.. رأيى إذا توافرت هذه الإرادة سيتم تطوير هذا المبنى ولن يتردد أى مهنى فى صناعة الإعلام الخاص بأن يقوم بأى دور يطلب منه فى هذا وأن يقدم أى مساهمة بالفكر أو بالمجهود إذا طُلب.. إلى جانب أن لماسبيرو أبناءه فيهم كفاءات كبيرة جدا لم يوضعوا فى مسارهم المظبوط.. إلى جانب أن نسبة كبيرة من العاملين فى القنوات الخاصة هم من أبناء ماسبيرو وعلى الأقل عملوا فيه.. الكوادر موجودة ولكن لابد من توافر الإرادة. •