تعالوا نفتكر سوا.. مشهد الخادمة المقهورة فى أفلامنا السينمائية الأبيض والأسود، والفلبينية المستضعفة فى الملون منها.. ونسأل .. هل يُقنعك- مشاهدتها اليوم- ضمن لقطات فيلم سينمائى سيُنتج عام 2035 يقوم فيها الروبوت بالدوران حول مائدة الطعام يسرفس على أصحاب البيت وضيوفهم!! أم تقنعك أكثر لقطة ضمن فيلم آخر سينتج فى نفس العام لروبوت شقيق للأول يشارك مجموعة من الأولاد لعبة التعرف على الحياة الحيوانية فى غابات الأمازون والتزحلق فوق جبال الهيمالايا، أو شن معركة لانتشال سفينة قرصان غارقة تحت مياه خليج المكسيك. على فكرة، إوعى تفتكر عزيزى القارئ أن ما مر عليك من سطور، يعبر عن خيال جامح أو جنون، أو تنبؤ لن يتحقق إلا فى الأحلام. ببساطة أقول لكم.. الذكاء الصناعى تحول فى الآونة الأخيرة إلى أفكار تدور حولها الكثير من البرامج المعلوماتية والألعاب الفردية والجماعية التى تشغل بال مئات الملايين من الأطفال والشباب وحتى الكبار.. ودخل فى تصميم أجهزة إلكترونية، فأصبحت قادرة على القيام بسلسلة متتالية من العمليات شديدة التعقيد منحت مستخدمها القدرة لتنفيذ عمليات نموذجية سواء على مستوى التعامل بين البرامج والمتعاملين معها أو فيما يتعلق بالأجهزة واللاهثين لإقتنائها. هذا التحول وضع المشاركين فى مؤتمر التقنيات فائقة التطور الذى عقد فى فيلادلفيا نهاية شهر يونيو الماضى، فى مزنق علمى ومستقبلى.. جعلهم يبحثون عن إجابة لأسئلة من نوعية.. إلى أين ستصل تطبيقات صناعة الروبوت؟؟ وما مدى قانونية ما يقوم به من أعمال وعمليات يحدد له خطواتها الإنسان؟؟ وهل سيقف الأمر عند حد معين تم الاتفاق عليه، أم سيتم تجاوز جميع الخطوط الحمراء «اللا إنسانية» التى ابتليت بها البشرية على يد الإنسان المفترض فيه العقل والمعرفة والقدرة على التمييز؟؟ أسئلة تدل على القلق والتوتر، وتبرهن على أن الغالبية العظمى من المتخصصين يضعون أيديهم على قلوبهم خشية أن يكتشفوا صبيحة أحد الأيام أن ما ظنوا أنه يخدم الإنسان تحول إلى دوائر متتالية من القتل والقتل المضاد تجرى على يد روبوتات يؤهلها ذكاؤها الصناعى فقط لطاعة الأوامر. • الروبوت الطيار الطائرات المقاتلة بلا طيار التى تدمر أهدافا وتقتل فردا أو جماعات، يتم تشغيلها من داخل مكان ما عن طريق إصدار التعليمات لبرامجها التفاعلية، التى من المتوقع أن تمتلك خلال فترة زمنية قصيرة القدرة والكفاءة على القيام بعمليات استطلاعية وتتولى تنفيذ مهام قتالية بناء على ما جمعته من معلومات، دون العودة إلى قيادتها الأرضية.. لم تعد هى المشكلة ، بل مصدر القلق الأكبر.. ليه؟؟ علشان الروبوت الطيار «ألفا» انتصر على العقيد جينو لى الطيار السابق بالقوات الجوية الأمريكية، ضمن تجارب التقمص والمحاكاة التى تجريها بشكل دورى لاختبار ذكاء كفاءة مقاتليها من النوعين البشرى والاصطناعى. • الروبوت المفخخ/ القناص سمعنا عنه لأول مرة فى اجتياح موجة شديدة من العنف مدينة دلاس بسبب قيام شرطة لويزيانا ومينيسوتا- يوم 6 يوليو الماضى - بقتل مواطنين أسودين بدم بارد.. تصدر مشاهد العنف قيام مواطن ثائر بقتل خمسة من رجال الشرطة وإصابة سبعة آخرين بإصابات متنوعة، من داخل البناية التى اختبأ بها.. ولما فشلت خطط قتله ولم تنجح سبل التفاوض معه لكى يسلم نفسه، فخخت الأجهزة الأمنية روبوتا قناصا ووجهت مساره إلى داخل المكان الذى يتحصن به الرجل وقامت بتفجيره على عدة أمتار قليلة منه فأرداه قتيلاً. وفتح باب الجدل.. ليس فقط حول مدى التطور الذى يمكن أن يصل إليه القتل عن طريق الروبوتات فائقة الذكاء، بل حول مشروعية استخدامها.. وبعد أن كان الأمر محصورا فى الأمس القريب فى إطار عدم قدرة الطائرات التى تطير بغير طيار على التمييز بين من هو إرهابى ومن هو برىء، توسع الجدل ليشمل من الذى من سلطته أن يصف الآخرين بأنهم مشتبه فيهم أو متمردون، ومن ثم يصدر أمره بتصفيتهم؟ ونحن نسأل.. هل تسير البشرية بخطى متسارعة نحو تسليم أمرها للروبوتات المدمرة؟؟ نكتفى بهذا القدر من التوجس والنكد ونبحث عن شىء من الطمأنينة. • الروبوت مراسل صحفى لأول مرة فى تاريخ تغطية المؤتمرات الانتخابية للحزبين الأمريكيين.. الديمقراطى فى مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا، والجمهورى بمدينة كليفلاند فى ولاية أوهايو، قامت روبوتات تشتغل بالإعلام بمتابعة فاعليات اللقاء الجماهيرى الذى شارك فيه المرشحان هيلارى كلنتون ودونالد ترامب بصياغة الأخبار وكتابة التقارير- ما بين 20 و 30 صفحة - وتسجيل إجابات كل منهما على أسئلة الحضور وتنقل بعض تعليقاتهما. • وراقص .. الروبوتات الراقصة دخلت موسوعة «جينيس العالمية» فى الأول من شهر أغسطس الجارى عندما تمكن فريق من الشباب الصينى من تنفيذ برنامج «ترقيص جماعى» استطاع 1007 من أصل 1040 «روبوت» تأدية رقصة جماعية بلا خطأ «نانو ثانية» لمدة دقيقة كاملة. عارفين ال 33 «روبوت» لم تكمل الدقيقة ليه؟؟ علشان تأثرت بحكم موقعها فى ساحة بموجات ترددات الراديو والهواتف الآى باد.. إلخ.. وعارفين إيه كمان؟؟ خضعت هذه المجموعة للفحص والتمحيص من جانب الشركة المصنعة فور انتهاء العرض وتسجيل الحدث. •.. وخبير جراحة فى ميدان الجراحات العلاجية التى يقوم فيها الروبوت بدور كبير منذ نحو 15 عاما.. يتوقع الخبراء أن يتطور استخدامه داخل غرف إجراء العمليات الجراحية خلال السنوات الخمس المقبلة، بحيث يصبح فى استطاعة الجراحين الأمريكيين إجراء عملية من بين كل خمس عمليات وهم جالسون خلف لوحة المفاتيح التى تقوم بتشغيل أذرع أجهزة الكمبيوتر الآلية!! وخلال نفس الفترة ستزداد أعداد الأجهزة المنتجة التى ستفتح آفاقا جديدة فى أسواق «جراحية وعلاجية» ناشئة بشرق أوروبا وجنوب شرق أسيا. «دا فينشى» اسم الروبوت الجراح.. له أربع أذرع!! واحدة للتصوير وثلاثة لإجراء الجراحة.. الأربع أذرع تتحرك فى كل الاتجاهات دون عوائق.. تدخل إلى الجسم البشرى عبر فتحات دقيقة وفق الأوامر التى يصدرها الجالس خلف لوحة المفاتيح .. وهى حتى الآن تجرى بنجاح فائق عمليات الفتق وجراحات البدانة وأورام الرحم والبروستاتا.. الجراج البشرى يا بخته، له مصلحة مزدوجة .. واحدة.. الجراحة ستنسب إليه وتسجل باسمه، ويمكن يأتى على ذكر مساعديه من الروبوتات أو لا يشير إليها.. الثانية أنه من فوق كرسيه خلف لوحة التشغيل يجلس مرتاح جسمانيا إلى حد كبير، ومن ثم يستطيع تشغيل طاقم مساعديه لفترات أطول، فهى لا تحس بالتعب وهو يتمتع بالراحة. هذا التطور له جوانبه السلبية.. ارتفاع معدل البطالة.. وعدم القدرة البشرية على ملاحقة التطوير الذى يستحدث فى التعليم والعلاج والتنمية والبيئة.. وافتقاد روح العمل الجماعى.. وزيادة مؤشرات العيش فى عالم افتراضى. • مخاوف لكن المخاوف الناجمة عنه تعد بشعة بكل المقاييس.. منها أن يصل الروبوت إلى مستوى الذكاء الصناعى الذى يمكنه من تطوير نفسه، خاصة أنها فى المرحلة الحالية تتطور بوتيرة أسرع من العقول البشرية، لأن أهدافها بعد تخطى هذه المرحلة ستكون غير متوقعة، وهنا تكمن مرحلة الخطر التى ستخرج فيها عن سيطرة البشر!! هناك كوابيس ومخاوف تؤرق العدد الأكبر من الخبراء والبسطاء فى نفس الوقت .. فاحتمالات الانفلات وفقدان السيطرة على الروبوت، تنبئ بدمار لا حد له خاصة لو كان مجال نشاطها تقديم خدماتها ووضع ذكائها فى خدمة المجتمعات فيما يتعلق بالبنية التحتية للإنتاج بصفة عامة.. وتكشف الستار عن رفض توسيع مجالاتها فى الأسواق المالية والمصرفية.. وإقبال بلا جدود لاستخدامها فى مجالات الترفيه. ولعلمكم جميعا كلا الفريقين المؤيد والمعارض لتوسيع دوائر استخدام الروبوتات هنا وهناك يخشى من لحظة تمردها ويخاف من انقلابها على عقبيها.. لأن أجزاء الثانية التالية للحظة التمرد والانقلاب تلك تجعل المتخصصين والخبراء فى حالة توتر وقلق وإحساس مسبق بالذنب!! •