2014 الأربعاء 19 مارس.. يعلن المتحدث الإعلامى باسم رئاسة الجمهورية المصرية أن الرئيس المصرى المستشار عدلى منصور أصدر قرارا جمهوريا يقضى بمنح الجنسية المصرية للمخرج الباكستانى محمد خان باعتباره من مواليد العاصمة المصرية القاهرة يوم 26 أكتوبر 1942 هذا وفقا للمادة الخامسة من القانون رقم 26 والصادر سنة 1975 وهو قرار شعبى قد حسمه المصريون منذ سنوات من القرار الجمهورى بمنح محمد خان الجنسية المصرية، لم نعتبر خان قط إلا مصريا، عاش مصريا أبدع فنا مصريا معجونا بآلام وأحلام المجتمع بطبقاته وأخص بالذكر منها الكادحة البسيطة الحالمة، مبدع لم يتعال بفكره على المتفرج وقدم لهم أفكاره بمنتهى البساطة بعيدا عن التنظير والتقعير، خان عقلية المبدع العبقرى روح وقلب شاب.. بابتسامة طفل، معادلة لكيان فنان عشق مصر فعشقه المصريون. • 26 أكتوبر 1942 لأم مصرية وأب باكستانى ولد طفل قُدر له أن يكون واحداً ممن حفروا اسمهم بحروف من نور فى تاريخ السنيما المصرية لمس أوجاع المجتمع واقترب من نقاط الضعف بمنتهى الرقة والإنسانية والعزوبة. كاميرا محمد خان التى تجعلك واحدا من هؤلاء الشخوص على الشاشة، أنت الأب أو الزوج، أنت تلك المرأة الكادحة الحالمة أو تلك الفتاة البسيطة الراضية بقسمة الله ونصيبه. فى عام 1956 سافر الشاب إلى إنجلترا لدراسة الهندسة المعمارية فالتقى بالصدفة بشاب سويسرى يدرس السينما هناك وذهب معه إلى مدرسة الفنون، فقرر أن يترك الهندسة وأن يلتحق بمعهد السينما فى لندن. بجانب ما درسه بدأ بمشاهدة الأفلام ومتابعة ودراسة كل التيارات السينمائية الجديدة لتكوين حصيلته الخاصة ومرجعيته فقد شاهد أفلام الموجة الفرنسية الجديدة، والتشيكية والهولندية والأمريكية، وتابع جيلاً كاملاً من عباقرة الإخراج، دراسة ثاقبة وحصيلة شكلت مدرسة خان وثقافته ومرجعيته المميزة التى لا يشبهه فيها أحد، عاش محمد خان فترة طويلة في إنجلترا، بلغت سبع سنوات، حيث أنهى دراسته فى معهد السينما عام 1963 بعدها عاد إلى القاهرة وعمل فى الشركة العامة للإنتاج السينمائى العربى، تحت إدارة المخرج صلاح أبو سيف ولم يستمر فى هذا القسم أكثر من عام واحد، سافر بعدها إلى لبنان ليعمل مساعداً للإخراج مع يوسف معلوف ووديع فارس وكوستا وفاروق عجرمة، وبعد عامين هناك، سافر مرة أخرى إلى إنجلترا، حيث هزته هناك أحداث حرب 1967، أنشأ دار نشر وأصدر كتابين، الأول عن السينما المصرية والثانى عن السينما التشيكية، وكان يكتب مقالات عن السينما، وفى عام 1977 عاد إلى مصر وأخرج فيلماً قصيراً. ومن هنا يعود خان إلى القاهرة ليبدأ مشواره بفيلم ضربة شمس عام 1978 وهو التجربة الروائية الأولى الذى حصل على جائزة تقديرية ذهبية عن الإخراج الأول من مهرجان الإسكندرية السينمائى الدولى الأول، وجائزة العمل الأول من جمعية الفيلم، وجائزة الدولة التقديرية. «جماعة أفلام الصُحبة» مجموعة مبدعين جمعتهم صداقتهم والهم الثقافى المجتمعى وكيفية آراء الحياة الفنية فى مجتمعهم كل بتخصصه فاتفقوا ضمنيا على تأسيس «جماعة الصُحبة» التى كونها خان مع مجموعة من كبار القيم الفنية لجيلهم القدير بشير الديك و«الأستاذ» عاطف الطيب الذى كان هو وخان من رواد المدرسة الواقعية فى جيلهما، ومدير التصوير العبقرى رفيق الكفاح سعيد شيمى والمونتيرة نادية شكرى والمخرج الكبير داود عبدالسيد وخيرى بشارة. «موعد على العشاء» تلك التحفة الفنية الخالدة التى أنتجت عام 1982 الذى تدور أحداثه حول نفوذ زوج وامرأة تحلم بالرومانسية وتسعى للحصول على الطلاق وتقع المرأة فى حب إنسان بسيط يقتله طليقها فتسعى للانتقام منه وقتله بموعد على العشاء، تلك الشخصية التى صرح خان فى أكثر من مناسبة ولقاء أنها الأقرب إلى قلبه من ضمن بطلاته التى جسدتها بمنتهى النضج الراحلة سعاد حسنى. «الحريف» الحريف من إنتاج العام 1983 يناقش الفيلم طبيعة الشخصية المصرية ومزاجيتها الشديدة التى تتنازع طوال الوقت مع الموهبة، ويستعرض ذلك من خلال نماذج من الطبقة المصرية العادية الباحثة عن لقمة العيش وكيف تجبرهم الظروف مع مرور الزمن على التخلى عن أحلامهم. «زوجة رجل مهم» واحد من من أهم أفلامه محمد خان بطولة أحمد زكى وميرفت أمين وسيناريو أستاذ رءوف توفيق تم إنتاجه عام 1988 وقدم رصداً للتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية إذ رصد الكثير من الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلاقة الحساسة جدا بين السلطة والفرد، السلطة وتعنتها وشرورها أحيانا متمثلة فى الزوج المتسلط وعلى النقيض الزوجة الرومانسية المصدومة فيما آلت إلى ه حياته فيدخلنا محمد خان فى تفاصيل تلك العلاقة المتوترة المركبة بمنتهى السلاسة. • «أحلام هند وكاميليا» قصة وسيناريو لمحمد خان وحدوتة شديدة الصدق والإنسانية تكاد تنطق من واقعيتها ومشاهدها التى تعيشها نساء من تلك الطبقة وأحلامهن المتحطمة على صخرة الواقع القاسية ودخل إلى عالم الخادمات وقصصهن ومشاعرهن وأحلامهن، قدم الفيلم حياة سيدتان ورجل تعانيان من الفقر الشديد، فهند أرملة شابة، تعمل خادمة، تحلم بالزواج من رجل ينتشلها من الفقر فتلتقى بعيد «أحمد زكى» النصاب الذى يحبها، لكنه ويورطها فى مشكلات عدة، ويدخل السجن بعدها، أما كاميليا «نجلاء فتحى» فصديقة هند وتشاركها بؤس الحياة وصعوبتها ولكنها تحاول أن تتمرد على هذه الحياة طوال الوقت وتتحايل، ورغم أن الفيلم يبدو سرداً لحياة الفقراء، فإننا نقفز هنا وهناك مع كاميليا بكاميرا محمد خان فنستشعر مرارة بؤسها أحيانا وفرحتها بأقل القليل أحيانا أخرى. 21 فيلما قدمهما خان طوال تاريخه شارك فى كتابة 12 فيلما منهما، كان أبرزها أيام السادات وزوجة رجل مهم، خرج ولم يعد، مستر كاراتيه وكان آخرها بداية هذا العام بفيلم «قبل زحمة الصيف». • فى بداية الألفية الجديدة قدم خان واحدا من أهم أفلام السيرة الذاتية لرؤساء مصر وهو فيلم «أيام السادات» عام 2001 الذى أحدث نقلة نوعية فى تاريخ أفلام السير الذاتية، ثم فيلم «كليفتى» عام 2004 فيلم كليفتى كان بمثابة خطوة مختلفة فى مغامرات خان الفنية التى أصبح يراهن فيها على الشباب ويستعين بوجوه جديدة ومواهب شابة تحايلا منه على أحكام سوق السنيما وشباك التذاكر والتكلفة الإنتاجية، لم يحقق «كليفتى» جماهيرية أو نجاحا كبيرين لتكون الخطوة الثانية هى «بنات وسط البلد». • «بنات وسط البلد» بطولة منة شلبى وهند صبرى وخالد أبوالنجا لنشاهد صخب وسط البلد وجنونها وتناقضها من خلال فتاتين تعمل إحداهما فى أحد محال الكوافير والأخرى بائعة فى أحد محال وسط البلد من خلال مواقف تتعرض لها هاتان الفتاتان. • «فى شقة مصر الجديدة» ورحلة إنسانية مع نجوى الفتاة التى تتنقل فى رحلة من المنيا إلى القاهرة للبحث عن «أبلة تهانى» مدرسة الموسيقى التى كانت سر تعلقها بها فذهبت إلىها فى شقتها بمصر الجديدة لتجد بدلا منها «يحيى» الذى يبدأ معها رحلتها فى البحث عن «أبلة تهانى» من خلال رسائلها.. فيلم «فتاة المصنع» الذى كان استكمالا لرحلة رهانات محمد خان على الفكرة الجيدة والاختيار الجيد لفنانيه حتى لو كانوا وجوها جديدة اختار ياسمين رئيس لتقدم معه «فتاة المصنع» بمشاركة هانى عادل مستكملا كذلك محاولاته لإنصاف تلك الطبقة الكادحة التى لا تتذوق حتى حلاوة أحلامها التى يغلب عليها الواقع مرارة لنشاهد «فتاة المصنع» العاملة التى تتعلق بالمهندس ويرفض الزواج منها بسبب الفروق الاجتماعية ولكونه مهندسا وهى عاملة فى مصنع، لتقف هى صامدة بكبرياء أمامه وأمام تعنت أهلها وشكهم الدائم فى سلوكها.. وأخيرا فيلم «قبل زحمة الصيف» لينتهى به مشوار محمد خان. • صباح 26 يوليو 2016 لنفاجأ بخبر وفاة أحد فرسان هذا الزمان النبلاء الذى خاض معركة إصلاحية صلاحه الوحيد فيها هو حلمه فقط لا غير لم يبخل بفنه ولا مجهوده على أحد، لم يتأخر عن التواجد فى مهرجان فنى مصرى على عكس الكثيرين، استعان بوجوه شابة أصبحت نجوما دون وضع اعتبار لحسابات الوقت وشباك التذاكر، سعى لإنصاف المرأة والفقراء كعادة النبلاء.. رحم الله محمد خان.•