نزيف مستمر من الخسائر تشهده الشركة القابضة للغزل والنسيج بعدما جرى الإعلان عن نتائج أعمال السنة الماضية وتحقيق خسائر بلغت 2.7 مليار جنيه وسط حالة من الغموض بشأن خطط التطوير المستقبلية. وتبلغ الخسائر المتراكمة أكثر من 30 مليار جنيه قبل الإعلان عن نتائج الأعمال بسبب الديون التاريخية سواء لبنك الاستثمار القومى أو الحكومة او غيرها من المؤسسات واضطرار الدولة لدفع مليارى جنيه تقريبا لتغطية الفارق بين الإيرادات والمصروفات ومنح العاملين الأجور. وكانت وزارة الاستثمار قد وقعت عقدا مع شركة «وارنر إنترناشيونال» الأمريكية التى تعمل فى مجال تقديم الاستشارات إضافة إلى كتب «صحارى» للاستشارات من أجل تقديم خطة تطوير ل 25 شركة تابعة لها تحقق خسائر كبيرة. وذلك مقابل مليون دولار. وتحاول وزارة قطاع الأعمال استعجال شركة «وارنر» من أجل تقديم الدراسة وخطة الإصلاح قبل نهاية العام الجارى للبدء فى التنفيذ. ويتخوف الكثير من الشركات من اتجاه الدولة إلى الخصخصة وبيع الأصول والاستغناء عن العمالة المتواجدة فى الشركات والمصانع خاصة بعد التعاقد مع مكتب الاستشارات الأمريكى «وارنر». • خطوط حمراء اعتبر مجدى طلبة عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج أن هناك خطوطا حمراء لا يمكن الاقتراب منها مثل الاستغناء عن العمالة أو خصخصة الشركات وذلك كان واضحا من خلال الاجتماع الذى جرى عقده مع وزارة قطاع الأعمال. وأشار طلبة إلى أن مكتب «وارنر» هو فرصة لوجود رأى استشارى فنى من شركة عالمية للإصلاح الحقيقى ووضع استراتيجية فيها بعض القرارات القاسية لأن استمرار الوضع على ما هو عليه غير مقبول. ويرى طلبة أن الشركات التابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج تعرضت لظلم كبير بسبب عدم تطويرها وتحديثها منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضى فى الوقت الذى كانت فيه من القلاع الصناعية الكبرى فى مصر. واستكمل طلبة حديثه بأن الشركات لم يطرأ عليها أى تحديث إدارى أو تكنولوجى أو عن طريق المعدات فى العهود السابقة وهو ما تدفع ثمنه الآن من خسائر فادحة ومتراكمة. وأضاف طلبة أنه من المحتمل أن يجرى ضم بعض الشركات أو إتاحة استغلال بعض قطع الأراضى لصالح الدولة عن طريق الشركات القابضة الأخرى بحيث يجرى تحسين وتطوير الآلات والمعدات مما يحقق نوعا من التنافسية بين المنتجات المصرية والمستوردة. ونفى طلبة أن يدفع العمال ضريبة التطوير من خلال استقدام آلات تتسبب فى خفض عدد العمالة حيث إن العناصر البشرية المدربة دائما يجرى الاحتياج لها دائما ولا يمكن الاستغناء عنها لأنه كلما زاد التطور ارتفعت حلقات الصناعة وإذا ما حدث التطوير وفقا لما هو مخطط له فإن الشركات ستحتاج إلى الكثير من العمالة الكبيرة تفوق بكثير الموجودة حاليا. واختتم طلبة حديثه بأنه مع عمليات التطوير للشركات التابعة لقطاع الأعمال فان ذلك سيسهم فى تقديم الكثير من المواد الخام للقطاع الخاص بحيث سيرشد إنفاق النقد الأجنبى فى عمليات استيراد المواد الخام والوقت الطويل الذى تقطعه فى شحنها وتفريغها ونقلها للمصانع لأنه سيوفر المال والمدة المستغرقة لاستيرادها. • متابعة تشريعية كشف محمد الزينى وكيل لجنة الصناعة بمجلس النواب عن أن الشركة القابضة للغزل والنسيج تحتاج إلى حلول غير تقليدية وأفكار من خارج الصندوق من أجل التخلص من مسلسل الخسائر المستمر منذ سنوات طويلة. وأكد الزينى أن الشركة تدفع رواتب تبلغ 719 مليون جنيه، بينما ما تحصل عليه من إيرادات يساوى تقريبا 725 مليون جنيه، وبالتالى فنحن لم نحسب أى مقابل مادى للحصول على الخامات ومستلزمات الإنتاج وما تستحقه الشركات المؤدية لخدمات مثل الكهرباء والمياه والغاز الطبيعى والتليفونات وغيرها التى تبلغ الكثير من الأرقام. واعترف الزينى أن الإصلاح يجب أن تكون له ضريبة بحيث تغطى إيرادات الشركة من المبيعات إجمالى ما تنفقه على رواتب العاملين ومستلزمات الإنتاج، وذلك كى يمكنها أن تعود إلى الحياة من جديد. وأضاف الزينى أن الديون المتراكمة وفوائدها تعيق أى إدارة تأتى لإدارة الشركة ويجب التخلص منها عن طريق طرح أفكار جديدة تسهم فى تطوير هذه المنشآت الصناعية الكبرى. وفى نفس السياق حرص النائب نضال السعيد عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب على إيضاح الصورة بشأن خسائر الشركة القابضة للغزل والنسيج حيث أكد أن هناك متابعة من نواب الشعب من أجل تقليص الخسائر ومتابعة ما ستطرحه شركة «وارنر» من خطة لإيقاف نزيف الأموال المهدرة. وأشار السعيد إلى أن الخسائر الكبيرة التى حققتها الشركة فى العام الماضى ترجع إلى المخزون الراكد أو البطىء فى حركة بيعه كذلك تحمل الدولة إلى ما يقرب من مليارى جنيه أجور سنوية للعاملين فى الشركة فضلا عن الديون التاريخية التى تذهب الإيرادات التى تحققها لخدمته. وأضاف السعيد أنه من المنتظر ظهور توصيات شركة «وارنر» إلى النور فى شهر فبراير من العام القادم بشأن إيجاد حلول عملية لتطوير الشركات التابعة من أجل إنقاذ صناعة مهمة تمثل لمصر الكثير. وقال السعيد إن هناك متابعة لأداء الشركات من خلال المعلومات التى تقدمها وفقا للمعايير المحاسبية المصرية السليمة والمعتمدة من أجل تقديم بيانات تعبر عن الموقف بدقة على أرض الواقع حتى يكون متاحا للشركة الأمريكية التى تعد خطة التطوير أن تمنح توصيات يمكن تطبيقها دون أى معوقات. واستكمل السعيد حديثه أن لجنة الصناعة بمجلس النواب من خلال جلستها مع رئيس الشركة القابضة جرى التأكيد على ضرورة تقييم المخزون ماليا حتى يمكن التصرف فيها ووضعه ضمن الخطة. وأشار السعيد إلى أن ضرورة التزام كل شركة تابعة بوضع خطة للتسويق مثلما يجرى فى وضع خطط للإنتاج بحيث يجرى بيع المخزون سريعا ولا ينتظر فى المخازن لفترات طويلة. • دائرة مفرغة علق الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة أن جميع محاولات التطوير السابقة للشركة القابضة للغزل والنسيج باءت بالفشل ومع كل إدارة تتولى المسئولية تستمر الخسائر فى الزيادة فى ظل إغفال تطوير الشركات والعمالة. وقال إبراهيم إن أغلب خطوط إنتاج الشركات التابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج بحاجة إلى إعادة هيكلة وتحديث من أجل مواصلة العمل وظهور منتج جيد إلى النور. وتطرق إبراهيم إلى الأزمات التى عاشتها الشركة بسبب تقاعس الإدارات المختلفة التى تولت مسئوليتها والاستمرار فيها لسنوات دون أى تفكير فى التطوير وعدم محاسبة أى منهم خلال المدد التى قضوها بلا عمل يساهم فى رفع كفاءة الإنتاج. وشدد إبراهيم على ضرورة وضع جدول زمنى لكل مسئول يتولى المسئولية داخل شركات قطاع الأعمال بحيث يجرى محاسبته بعد ذلك لأن الاستمرار فى تغيير الأسماء وتعيين كبار السن الذين تجاوزت أعمارهم الثمانين عاما دون منح الشباب أى فرصة فى تولى الإدارة سيساهم فى إعاقة أى خطة للتطوير. وأبدى إبراهيم دهشته من الفترة الطويلة التى حصلت عليها شركة «وارنر» الأمريكية من أجل وضع خطة وتوصيات من أجل التطوير التى من المفترض تقديمها فى شهر فبراير من العام المقبل وهو ما يدفع البعض للتساؤل عن المدة التى سيجرى تنفيذ الخطة خلالها. وأكد إبراهيم أن المنتجات المستوردة أغرقت السوق المصرية بسبب معدل التنافسية العالية فى الوقت الذى تعانى فيه المصانع المصرية من معوقات كبيرة تقلل من فرصة منافستها وهذا الطريق يهدر الكثير من النقد الأجنبى فى عمليات الاستيراد. وطالب إبراهيم بضرورة محاسبة كل مسئول ساهم فى تدهور أحوال الشركات التابعة لقطاع الأعمال أو حقق استفادة من ورائها أو ساهم فى استفادة الغير من ورائه دون وجه حق من أجل إجراء عمليات إصلاح حقيقية. •