بعيدا عن قيادات الصف الأول بالإذاعة المصرية انتقلنا إلى قيادات أخرى لا تقل أهمية عن غيرها ولكنها آثرت أن تعمل فى صمت، هذا إذا ما اعتبرنا أن ليس كل الصمت استسلاما أو قبولا بالأمر الواقع كما تؤكد ابتسامته دائماً، هكذا كان لقاؤنا مع الإذاعى محمد نوار نائب رئيس الإذاعة المصرية الذى كان يهوى أن يكون ضابطا، ولكنها الأقدار كعادتها التى دفعت به بعيدا ليصبح مذيعا بإذاعة صوت العرب. ومن قبلها مراسلا إذاعيا ممارسا لهوايته الأولى، حيث عمل مراسلا إذاعيا بوزارة الداخلية، ثم إذاعيا خاصا بالرئاسة لمدة عشرين عاما شهد خلالها الكثير من المفارقات التى أسقط فيها فترة حكم الإخوان التى اعترض على استمرار عمله خلالها كمراسل إذاعى للرئيس، كما اعترض أيضا على وصفى لمبارك بالمخلوع.. وإلى نص الحوار: • من أين بدأ الإذاعى محمد نوار ؟ - بدأت فى الإدارة المركزية للأخبار فى قطاع الإذاعة - قبل أن ينشأ قطاع الأخبار - كمحرر ومراسل فى الإدارة العامة للمندوبين والإدارة العامة للأخبار الصوتية. وعملت كمندوب للإذاعة فى مطار القاهرة، ثم فى وزارة الداخلية، وفى وزارة الإعلام، ثم لاحقا فى رئاسة الجمهورية. • مراسل مطار ثم داخلية ثم رئاسة، إلى ماذا كانت تشير اختياراتك؟ - لم أختر شيئا وإنما كانت كلها محض صدفة. • ومتى اكتشفت طريقك كمذيع بالإذاعة؟ - اجتزت اختبارا للمذيعين وتم اختيارى لأكون مذيعا بصوت العرب واستمررت مراسلا للإذاعة فى وزارة الداخلية والمطار، وبعد فترة من عملى بصوت العرب اختارنى الزميل ماهر مصطفى لأكون ضمن فريق رئاسة الجمهورية الذى استمر العمل به لقرابة العشرين عاما. • وماذا قدمت فى صوت العرب من برامج؟ - قدمت برنامجًا خاصًا بوزارة الداخلية وهو مستمر حتى الآن، وكانت فكرته تقوم على المشاركة فى اجتماعات وزراء الداخلية العرب، وكانت تعقد فى تونس التى كان بها مقر مجلس وزراء الداخلية العرب، وكنت دائم الحضور والمشاركة حتى تم اختيارى كمستشار إعلامى لمجلس وزراء الداخلية العرب، واستمررت بها حوالى 5 سنوات، وبرنامج عن المطار اسمه «على باب المطار»، الذى اكتسبت منه الكثير من الخبرات والعلاقات، فلا أنسى مثلا لقائى بالرئيس الفلسطينى ياسر عرفات ورفيق الحريرى والعديد من الفنانين العرب. • ما رأيك فى أداء الإعلام الرسمى؟ - الإعلام الرسمى المصرى لديه القدرة على المساندة والإقناع ونشر الحقائق لأن المواطن قادر على اكتشاف الحقيقة. • فى أى طريق تسير الإذاعة الآن؟ - لدينا هنا ميراث تراكم منذ إنشاء الاتحاد فى السبعينيات وحتى تقريبا عهد الرئيس مبارك، وهو يعانى من سوء الاختيار على طريقة «الأقربون أولى بالمعروف»، وهذا سبب ما وصلنا إليه الآن، ولكن كان هناك بقايا من العظماء أمثال وجدى الحكيم وفاروق شوشة وأمين بسيونى وغيرهم الذين عملوا نوعًا من التوازنات والحفاظ على المبنى من السقوط، وتعلمنا منهم الكثير والحفاظ على المبنى، والإذاعة تحديدا لها تاريخ ساعدها فى الاستمرار رغم الفساد والمحسوبية وهى الآن فى مرحلة إعادة البناء من توقف التعيينات من 7 - 2011 وقرار أسامة هيكل ساعد كثيرا فى وقف انحدار المبنى. وحتى الآن اتحاد الإذاعة والتليفزيون رغم كل ما يواجهه فأنا أشكر عصام الأمير لأنه استطاع أن يحافظ على المبنى طيلة عامين دون أن يتعرض له أحد. • وماذا عن وضع المبنى تحت تصرف الرقابة الإدارية؟ - هناك أجهزة كثيرة فى الدولة يجب أن تهتم بما هو أهم.. ألا يوجد انحراف إلا فى هذا المبنى؟! فالفساد والانحراف طالا مصر بكاملها من 23 يوليو 1952، فأنا أتعجب كثيرا وأتساءل: ما هى أوجه الفساد التى تستدعى وجود أجهزة رقابية بالمبنى ؟! فأنا لا أمانع ذلك، ولكن إذا كانت فى حجمها الصحيح، وليس أن تتفرغ أجهزة أو أشخاصاً لمواجهة فساد ماسبيرو وكأن ماسبيرو هى بؤرة الفساد الوحيدة فى مصر! • وما رأيك فى أعداد العمالة الكثيرة بماسبيرو؟ - وجهات النظر كثيرة فهناك 35 ألف عامل والمبنى فى حاجة إلى 5 آلاف فقط، والباقى إلى أين يذهب؟ فأنت بهذا تخلق أزمة اجتماعية إذا سرحت كل هذه العمالة الزائدة، ولكن قد تعيد تأهيلهم وتعليمهم، وهذا هو الصواب. • إذا توليت أحد المناصب القيادية ما هى أولوياتك؟ - تطوير محطات بقطاع الإذاعة مثل محطات جنوبسيناء وتخصيص 4 أو خمس ساعات بلغات مختلفة لمخاطبة باقى الفئات هناك من السياح وغيرهم، من أغنيات وبرامج لخلق لغة حوار معتدلة توضح حقيقة أخلاقنا وأفكارنا، كذلك إجراء تطوير فى مختلف الإذاعات. • باعتبارك مذيعًا بصوت العرب هل «صوت العرب» لاتزال كاسمها؟ - هى محطة موجودة، ولكن لى بعض التحفظات عليها رغم أنى مذيع بها، ولكن من الصعب أن يكون بها 500 موظف مصرى، وأقول: «صوت العرب من القاهرة» فيجب أن أتعاون مع مذيعين من الدول العربية، وهذا لا يحملنى عبئا، ولكن سيضيف كثيرا إلى مصداقيتى. • عملك كمندوب إذاعى فى الرئاسة، ما هى مفارقاتها؟ - عملت كمندوب إذاعى فى الرئاسة ما يقرب من عشرين عاما فى تغطية زيارات الرؤساء سواء داخل أو خارج مصر وهى وظيفة ثرية جداً وملهمة، فالعمل فى الإذاعة هو إلهام فى حد ذاته لأنه يعطيك قدرة كبيرة على التخيل، ومذيع الرئيس تحديدا ينقل رسالة مهمة وجدية أزعم أننى ورئيسى وزميلى وقتها ماهر مصطفى قد غيرنا بهذا المفهوم، عندما كنا نستمع من أساتذتنا الكبار كنا نجد أنهم يتميزون بحلاوة الصوت وعمقه وتأثيره، لكنهم لم يكونوا يقدمون رسالة واضحة، وقد طورت وزميلى هذا الأمر، وكان الجديد الذى قمنا به هو تقديم رسالة حقيقية للمستمع عن جميع تحركات الرئيس وليست مجرد مادة إعلامية مجردة. فقد كنا حريصين على مشاركة المستمع معنا وإعلامه بكل لحظة وتفصيلة على الحدث، ومذيع الرئاسة وظيفة مرهقة خاصة مع الرئيس السيسى فهو دائم النشاط والحركة ويعمل بحماس شاب فى الثلاثين، بينما مبارك كان بينام بدرى! • كنت مذيعا للرئاسة طيلة 20 عاما؟ فماذا عن فترة حكم الإخوان؟ - الصدفة شاءت أن تم نقلى من الإذاعة للعمل فى قنوات النيل المتخصصة طيلة 3 سنوات وأخذت خبرة تليفزيونية لا بأس بها، وكانت هذه الفترة التى حكم فيها الإخوان فقد انقطعت من 2010 وحتى 2013 وعدت للإذاعة مع فترة حكم الرئيس عدلى منصور، وكان هذا من حسن حظى. • وماذا كنت ستفعل لو لم تدفع بك الصدفة بعيدا عن الإخوان؟ - كنت سأرفض العمل لأننى لم أكن مقتنعا بمرسى كرئيس لمصر. وبالتالى لا أستطيع أن أنقل عنه ما يتحدث به أو يعلنه، فأعتقد أننى كنت سأقاطع هذه المرحلة. • وماذا تشعر كإذاعى عندما تتعامل مع الرئيس السيسى؟ - بمجرد أن أنظر فى عين الرئيس السيسى أشعر إلى أى مدى هذا الرجل يحب مصر ويحب كل فرد فى ال90 مليونا، وأنا أستطيع بحكم طبيعة عملى طيلة ال20 عاما فى الرئاسة أن أحدد مدى صدق كل رئيس وإلى أى طريق يتجه بهذا البلد. فهو ذو عقلية فذة، فهو صادق ومحب لشعبه جدا وأمين عليه، وخلال عام ونصف العام أقام العديد من المشروعات القومية رغم الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، والعمل على إعادة علاقات مصر الدولية والأفريقية التى كانت قد انهارت فى عهد الرئيس مبارك ووصلت لأدنى مستوى، كما أنه نجح فى تنويع مصادر السلاح والاستغناء عن الأمريكان، وكان هذا الأمر بالغ الصعوبة، ولكنه اتخذ هذا القرار ونفذه. • من الرئيس الذى كنت تتمنى العمل معه على مدار حكام مصر؟ - أنا عملت فى عهد الرئيس مبارك ثم الرئيس عدلى منصور، وكنت أتمنى أن أكون مذيع الرئيس السادات، لأقول له: من أين أتتك هذه العبقرية؟! فكل الخطوات التى قام بها طيلة 11 عامًا غير مسبوقة، وكان من الصعب أن يفعل أحد مثلما فعل هو، من بطل للحرب والسلام. • لو لم تكن مذيعا. ماذا تود أن تكون؟ - كنت اتمنى أن أكون ضابطا.•