تأتى أعمال مريم ناعوم دائما، وهى تحمل وصفتها الدرامية سابقة التجهيز، بحيث تقبع فى منطقة آمنة، بعيدا عن صياغات المغامرة الدرامية غير المحسوبة، التى ربما تطيح بالشخصيات، أو الأحداث، إلى متاهات ضبابية، تفتقد ملامحها ودلالاتها، فهى تبدأ أولا من نص أدبى جيد، يمنحها مساحة واسعة ومضمونة، تتحرك فوقها بسهولة، ودون محاولات تفجير الخيال، الذى يصبح مجرد تنويعة باهتة أحيانا، مقيدا تحت ظلال النص الدرامى معظم الوقت «ذات لصنع الله إبراهيم، والتزمت تماما بالنص الأدبى، مع التعديل البسيط فى السياق الزمنى لبعض الأحداث - سجن النسا لفتحية العسال، التى نزعت عنها التجربة السياسية، وجعلتها مجرد مجموعة من الجرائم التى نشرت بالصحف» وتعتمد ثانيا على مجموعة من الشباب، لكتابة حوار العمل «هالة زغندى - سجن النسا»، أو المشاركة فى كتابة السيناريو، ووضع أسمائهم على تيتر النهاية، الذى لا يراه أحد، وببنط يحتاج إلى زرقاء اليمامة لقراءته، بينما يظل اسمها وحدها متصدرا التيتر الأول، مع أنه زمان.. أيام الاحترام والتقاليد الفنية، كان يكتب اسم كاتب الحوار بنفس طريقة كتابة اسم السيناريست. وهذا العام.. تقدم لنا مريم ناعوم «تحت السيطرة»، المأخوذ عن رواية «ربع جرام» لعصام يوسف دون أن تشير إلى ذلك، بل كتبت فى تيتر النهاية، إنها قصتها هى والمؤلف، والعمل يدور حول عالم المدمنين، الذى قدم مئات المرات فى السينما والتليفزيون، أيام هوجة الإدمان، بمعنى أن القضية المطروحة قد استنفدت أغراضها الدرامية من زمان، ومع ذلك.. تعيد مريم ناعوم طرح القضية من خلال مسلسل طويل عريض، تنتهى الحدوتة - وكعادة المؤلفة - فى الحلقات العشر الأولى، بحيث تصبح بقية الحلقات مجرد تنويعات متكررة، فلابد أن نرى فى كل حلقة المدمنين وهم يضربون، وبالتفاصيل المملة، التى تكاد تكون تعليمية أكثر منها تحذيرية، وتتكرر حوادث بيع أثاث شقق المدمنين، وسرقة الأموال، والذهاب إلى تجار المخدرات، بحيث تكاد تلك المشاهد أن تتطابق تماما.. فهل عجز الخيال عن التحليق فى فضاء درامى جديد، أم أن النص سابق التجهيز لم يقدم لها غير تلك الأبجدية الرتيبة؟! يتبقى فقط الأداء المدهش لنيللى كريم، وظافر العابدين ومحمد فراج وأحمد وفيق.. والمحاولات الجادة للصاعدة جميلة عوض. •