اضطراب شديد أصاب سوق السيارات فى مصر بسبب الاتجاه لتطبيق قرار التخفيضات الجمركية على السيارات القادمة من أوروبا بناء على اتفاقية الشراكة الأوروبية، وذلك حتى تصل إلى الرقم صفر فى عام 2019، حيث ستنخفض تدريجيا بنسبة 10% كل عام، وهو ما يسهم فى الضغط على المصانع العاملة فى مصر، وذلك استجابة إلى الكثير من الضغوط التى تمارسها دول اليورو خاصة أن هناك صادرات مصرية حصلت على إعفاءات جمركية داخل الاتحاد الأوروبى منها المنتجات الزراعية. وعلمت «صباح الخير» أن أحد أكبر مصانع السيارات فى مصر الذى ينتج علامة تجارية ألمانية عريقة يرغب فى نقل استثماراته إلى الجزائر بعد المميزات الاستثمارية التى سيمنحها له البلد العربى الشقيق، وكذلك فترة السماح الضريبى، وهو ما يعكس حجم الأزمة التى يعيشها القطاع منذ فترة، لاسيما أن أغلب المصانع القائمة حاليا تقوم بتجميع السيارات والمكون المصرى الذى يدخل فيها يتم جلب مواده الخام من الخارج وهو فى الأصل مملوك أغلب أسهمه للشركات الحاصلة على توكيل العلامة التجارية. وستحصل السيارات القادمة من أوروبا على ميزة تنافسية داخل مصر أمام عمالقة آسيا خاصة كوريا الجنوبية واليابان والصين، وهو ما سيسهم فى محاولة تلك الشركات تخفيض أسعارها لمواجهة ذلك القرار والمحافظة على مبيعاتها داخل مصر فى ظل تدنى الأسعار. ويذكر أن سعر التعريفة الجمركية على السيارات ذات المحركات التى لا تتجاوز سعتها 1600 سى سى يصل إلى 40 % بينما الفئات الأعلى من ذلك فتقدر قيمة تعريفاتها الجمركية ب 13% من سعرها هذا بخلاف ضريبة المبيعات والتى تتراوح ما بين 15 و45 % من قيمتها بحسب سعة المحرك وبلد المنشأ وسعر الشراء. • تدخل حكومي اعتبر عادل بدير - رئيس شعبة وسائل النقل باتحاد الصناعات - أن تخفيض الجمارك العام الحالى لن يكون مؤثرا بشكل كبير فعلى سبيل المثال، فإن السيارات التى تصل سعة محركها 1600 سى سى فإن الجمارك المفروضة عليها تكون 40%، وإذا ما خفضنا 10 % وهى قيمة التخفيض المقررة وفقا لاتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبى على هذا النوع من السيارات سيكون النزول فى العام الحالى 4% فقط، وهو تخفيض غير مؤثر خاصة أن زيادة سعر العملة الأجنبية سيبتلعه دون شك، والجميع يعلم سعر العملة الصعبة قبل عام وما وصل إليه الحال فى الوقت الحالى. وأوضح بدير أن التأثير سيكون فى الأعوام القادمة حينما تقترب قيمة الجمارك من الصفر، فهنا يجب أن تتدخل الدولة لحماية صناعة السيارات فى مصر، ويجب أن تكون هناك استراتيجية واضحة المعالم من أجل طمأنة المستثمرين العاملين فى السوق حاليا ووقتها يمكن التدخل بأكثر من وسيلة لرفع أسعار السيارات القادمة من أوروبا بعيدا عن الجمارك من أجل حماية المصانع القائمة والتى بلغ عددها حاليا 17 مصنعا تتنوع فى إنتاج السيارات الملاكى والنقل الثقيل والمتوسط والصغير تساهم فى صناعة الكثير من العلامات التجارية للسيارات. • مصالح أوروبية يرى أحمد شيحة - رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة - أن قرار الخفض التدريجى للتعريفة الجمركية والخاصة بالسيارات القادمة من أوروبا بناء على اتفاقية الشراكة مع دول منطقة اليورو سيصب دون أدنى شك فى صالح المنتجات القادمة من هناك، وهو ما سيؤثر على المنتجات القادمة من دول آسيا، خاصة أن أسعارها تعد أرخص نسبيا من العلامات التجارية القادمة من أوروبا. وأوضح شيحة أن مصانع السيارات العاملة فى مصر التى تنتج علامات تجارية كبرى يكون المكون المصرى فيها محدودا جدا ويعتمد فى نهاية المطاف على مواد مستوردة من الخارج لاسيما أن الشركات الكبرى التى تسمح بوجود نسبة من المنتج مصنعة فى مصر هى فى الأساس تملك الشركات التى تمنح المكون المصرى وتقوم باستيراد المواد الخام الخاصة به من الخارج، وغالبا ما يكون المكون المصرى يدخل فى نطاق الصناعات المكملة مثل المقاعد والزجاج والإطارات وبعض الأقمشة أو مواد بلاستيكية مقواة، أما العناصر الأساسية فى صناعة السيارة مثل المحرك والشاسيه وأجهزة الكومبيوتر فيتم استيرادها من الخارج لعدم تقدم مصر فى تلك التكنولوجيا. • دعم الصناعة أكد سمير علام نائب رئيس شعبة النقل باتحاد الغرف التجارية أن السيارات القادمة من أوروبا تكون أسعارها باهظة جدا، وعندما تنخفض الجمارك فإن التأثير سيكون محدودا للغاية خاصة أن العملة الصعبة يزداد سعرها سنويا بنسبة أعلى من نسبة الخفض الجمركى والمقررة ب 10 % سنويا، والدليل على ذلك ملحوظ فى قيمة الجنيه المصرى حاليا ومقارنته بالماضى. ونوه علام إلى أن السيارات الأوروبية ترتفع أسعارها عاما بعد آخر نتيجة ارتفاع مستلزمات الإنتاج فضلا عن أن الأسعار الحالية للسيارات الأوروبية لم تشهد أى تغير على الإطلاق منذ الإعلان عن خطة الخفض الجمركى على الوحدات المستوردة من دول اليورو. وأضاف علام أن مصر قامت بتخفيض 40 % من إجمالى قيمة الجمارك على السيارات القادمة من أوروبا، ومع ذلك لم يكن هناك أى تغير ملحوظ مثلما كان يتخيل البعض، وذلك يرجع إلى عدة عوامل أهمها الارتفاع فى مستوى تضخم الجنيه المصرى وضعف قدرته الشرائية. وأشار علام إلى أن أسواق السيارات حاليا تعمل ما بين 30 و40 % من طاقتها الإنتاجية، وذلك بسبب ضعف الطلب وأنه بإمكان المصانع أن ترفع تلك النسبة، وهو ما يتضح من خلال الإحصائية الصادرة من المصانع بشأن ارتفاع نسبة الإنتاج فى عام 2014 بنسبة تجاوزت 40 % عن العام الذى سبقه، ومن المتوقع أن يزيد فى عام 2015 بنفس النسبة لاسيما أن نصف مبيعات السيارات فى مصر حاليا من التصنيع المحلى، ومعنى ذلك أن هناك نموا، ولكن الأمر يحتاج إلى بعض التسهيلات من الحكومة من خلال تفهم طبيعة الصناعة ومراجعة القوانين المنظمة لها خاصة أنه داخل غرفة صناعة وسائل النقل هناك استراتيجية سيتم إعدادها وعرضها على وزير الصناعة لمناقشة المشاكل الحالية وإمكانية تطوير القطاع فى المستقبل. واستكمل علام حديثه بأن هناك اقتراحات بشأن إلغاء ضريبة المبيعات على السيارات المصنعة محليا فى الوقت الذى سمح فيه القانون بتفضيل المنتج المصرى عن غيره مادام مساويا له فى الشروط، ولكن هناك الكثير من الوزارات والهيئات الحكومية دائما ما تريد الحصول على منتجات مستوردة وحتى عندما تضع فى كراسة الشروط الخاصة بها مواصفات للسيارات التى تطلبها تكون مطابقة للمنتجات القادمة من آسيا أو أوروبا، مما يسهم فى محاربة المنتج المحلى. وأوضح علام أن الفارق الشاسع بين أسعار السيارات الأوروبية فى مصر والخليج يرجع إلى مبالغة التجار داخل مصر فى سعر السيارة مجبرا بسبب قلة المبيعات بعكس النشاط الكبير فى حركة البيع والشراء فى دولة الإمارات العربية المتحدة بحسب آخر إحصائية صادرة من هناك، حيث يقوم التاجر هناك بشراء كميات كبيرة من الشركة الأم، وبالتالى فإنه يحصل على بعض التفضيلات فى الأسعار، لذا فإن المشترى المصرى يتحمل نسبة ركود شراء السيارات على عاتقه، أما إذا كانت حركة الرواج كبيرة داخل مصر فإن التجار حتما سيلجأون إلى التخفيض الإجبارى بسبب المنافسة الكبيرة والقواعد التى تحكم السوق. •