المصرى ينفق نصف راتبه على شراء الغذاء ومع ذلك يعجز عن توفير غذاء سليم له ولأسرته، بسبب ارتفاع نسبة الفقر ولا يخفى على أحد أن الفقر فى المناطق النائية خاصة الصعيد قد وصل مداه خلال الأعوام القليلة، حيث تخطى نسبة 50% فى الصعيد الذى عانى كثيرا الإهمال وإذا لم ننتبه لهذه البقعة من أرض مصر فسيظل دائما الرماد المشتعل. أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء برئاسة اللواء أبوبكر الجندى عن ارتفاع عدد فقراء مصر خلال عام 2012-2013 لتبلغ نسبتهم 26.3% بسبب بحثهم عن الغذاء وهو ما يعرف بالفقر الغذائى، بينما تراجعت نسبة من يعانون من الفقر المدقع إلى 4.4% مشيرا إلى أن 4.49% من الفقراء بريف الوجه القبلي. ويعرف الفقر المدقع (الغذائي) بعدم قدرة الفرد أو الأسرة على توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية، أما الفقر بمفهومه العام فهو يعنى عدم قدرة الفرد أو الأسرة على توفير احتياجاتهم الأساسية الغذائية وغير الغذائية المتمثلة فى (المأكل، المسكن، الملبس، الصحة، التعليم، المواصلات). وأوضح الجهاز أن نسبة الفقراء ارتفعت من 21.6% من إجمإلى السكان عام 2008-2009 إلى 26.3% عام 2012-2013 بينما تراجعت نسبة الفقر المدقع من 6.1% من إجمالى السكان عام 2008-2009 إلى 4.4% عام 2012-2013. وأضاف أن نسبة الفقراء ارتفعت بريف الوجه القبلى لتبلغ خلال عام 2012-2013 نحو 49.4 % مقابل 43.7% فى ريف الوجه القبلى عام 2008-2009، كما ارتفعت فى حضر الوجه القبلى إلى 7.26 % خلال الفترة المذكورة مقابل 21.3% خلال فترة المقارنة. وأشار إلى ارتفاع نسبة الفقراء فى ريف الوجه البحرى إلى 17.4% عام 2012-2013 مقابل من 16.7% عام 2008-2009، كما ارتفعت فى حضر الوجه البحرى إلى 11.7% مقابل من 7.3% بفترة المقارنة. ولفت الجهاز إلى أن محافظة البحر الأحمر أقل المحافظات فقراً لتبلغ نسبة الفقراء 2% تليها السويس 5% ثم دمياط 10% الغربية 11% بينما تعتبر محافظة أسيوط هى أكثر المحافظات فقراً لتسجل نسبة الفقراء بها 60% تليها قنا 58% ثم سوهاج 55% والأقصر47%. ورصد الإحصاء وجود تحسن ملحوظ فى نسبة الفقراء بمعظم محافظات الصعيد ما بين عامى 2010-2011 ، 2012 - 2013 ومن أهمها محافظة أسوان، حيث انخفضت النسبة من 54% إلى 39% وتليها محافظة أسيوط من 69% إلى 60% ثم محافظة الفيوم من 41% إلى 36% مرجعا السبب إلى زيادة الاهتمام بتوجيه برامج التنمية لمحافظات الصعيد. وأشار إلى أن نسبة الفقراء بين الأميين بلغت 37% عام 2012-2013 مقابل 9% لمن حصل على شهادة جامعية فى نفس العام، مشيرا إلى ارتفاع نسبة الفقراء العاملين بالقطاع الخاص خارج المنشأة من 30% عام 2008-2009 إلى 36% عام2012-2013 كما ارتفعت نسبة الأفراد الفقراء العاملين فى القطاع الحكومى من 11% عام 2008-2009 إلى 13% عام 2012 -2013. وفى نفس الوقت أعلن البنك الدولى فى تقرير له أن أعداد الفقراء فى مصر ارتفعت بنسبة 22% واشار الى ان عودة تراجع الأمن الغذائى فى مصر بسبب تقلبات أسعار المواد الغذائية التى تشهدها الاسواق المصرية، حيث تنفق هذه الشريحة من المجتمع 50% من دخلها على الغذاء، طبقا لحدود دخولهم الضعيفة. كما أعلن برنامج الغذاء العالمى عن وجود أزمة حادة فى توافر التغذية الأساسية لأكثر من 84 مليون مصرى، مشيرا إلى أن الفقراء، ينفقون أكثر من نصف دخلهم للحصول على الغذاء • النقص!! وقالت الدكتورة عفاف عزت - أستاذ التغذية بالمركز القومى للبحوث: إن سوء توزيع الفرد نفسه للدخل الذى يحصل عليه يعد أحد العوامل التى أدت إلى عدم إمكانية المواطن المصرى فى الحصول على دخل كاف لتوفير احتياجات أسرته، موضحا أن سوء التغذية ونقص الغذاء والمعاناة من الإصابة بالأمراض يمكن أن يرجع للشخص نفسه كأن يحصل على دخل مناسب لكن يقوم بإنفاقه على تناول طعام غير صحى مثل الوجبات السريعة التى تؤدى إلى زيادة الوزن والسمنة، خاصة أن هذه الوجبات لا تحتوى على أية عناصر مهمة للجسم مثل الفيتامينات. واشارت إلى أن أكثر من نصف نسبة مصادر البروتين والطاقة التى يحصل عليها المصريون تأتى من الاعتماد على المصادر النباتية خاصة الحبوب، بالإضافة إلى نقص العديد من العناصر الغذائية المهمة مثل الفيتامينات مثل فيتامين(أ) الذى يؤدى نقصه فى الجسم للعديد من الأضرار مثل ضعف المناعة وزيادة التعرض للأمراض المعدية، وجفاف البشرة وضعف النظر وخلل فى النمو وزيادة التعرض للالتهابات وبعض أنواع السرطان، بالإضافة إلى نقص عنصر الحديد فى الجسم، مما يؤدى إلى زيادة نسبة الإصابة بالأنيميا وفقر الدم، بالإضافة إلى تأخر النمو الجسدى والذهنى والحركى والنفسى فضلا عن زيادة نسبة إنجاب الأمهات لأطفال ناقصى الوزن، مما يعد انعكاسا لسوء تغذية الأم فى أثناء فترة الحمل. بالإضافة إلى التسبب فى زيادة نسبة التقزم وزيادة الإصابة بالهزال. • الحيتان !! وفى هذا الإطار أكد الخبير الاقتصادى الدكتور على رزق - استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة - أن السياسات الاقتصادية المصرية مازالت مستمرة لم تتغير، فعلى مدار ال40 أو 50 عامًا الماضية لم تتغير او تستطيع الجهات المسئولة مقاومة الفقر، بل ساهمت فى الإفقار لفئات عديدة من المصريين بسبب البحث من حيتان السوق عن القوانين التى تصب فى مصالحهم، مشيرًا إلى أن هذه السياسات الاقتصادية أدت للتضخم، وهبوط جزء كبير من أبناء الطبقة الوسطى ودخولهم فى دائرة الفقر. وقال إن جميع السياسات الاقتصادية لم تستهدف محاربة الفقر، وانشغلت بأمور عديدة ليس منها محاربة الفقر، مضيفا ان المهمة الأولى لنظام الحكم الجديد يجب أن تكون تقليل الفقر المدقع للمواطنين، ثم بعده يأتى الفقر الشديد ووضع خطة لذلك. وأكد أن الجهات المعنية إذا لم تنشغل بمحاربة الفقر، فسيكون قنبلة موقوتة قد تنفجر بوجهها فى أى وقت، لان الغذاء هو الشيء الاساسى فى حياة المصريين فضلا عن ان مصر تعانى من ندرة الانتاج مما يتسبب فى زيادة اسعار السلع وبالتالى يصعب على الاسر المصرية توفير احتياجتها الاساسية. • تحذير!! وأوضح الخبير الاقتصادى الدكتور مجدى الششتاوى - المستشار الاقتصادى السابق بالولايات المتحدةالأمريكية - أن الأمن الغذائى للمصريين يواجه خطراً حقيقيّاً. فبلادنا تستورد60 % من احتياجاتها الغذائية، وتكمن المشكلة فى التدهور الشديد لاحتياطيات النقد الأجنبى اللازمة لشراء هذه المواد الغذائية من دول أخري. إن هذا يعنى أن بلادنا تتجه بسرعة نحو أزمة اقتصادية فى أفضل الأحوال، ونحو الإفلاس والمجاعة فى أسوأ الأحوال، مشيرا إلى أنه كون مصر واحدة من أكبر مستوردى القمح فى العالم يشكل ضغطاً كبيراً على احتياطيات النقد الأجنبي. وقال إن الأزمة الاقتصادية تعنى تناقص فرص العمل وارتفاع الأسعار.. مما يتسبب فى ان يكون هناك عدد أكبر من الناس لا يستطيعون تلبية أبسط احتياجاتهم، وحذر من أن العجز المتنامى للموازنة، الذى وصل الآن 56.023 مليار جنيه أى ما يعادل 2.3% من الناتج المحلى الإجمالى مقابل 40.038 مليار جنيه خلال ذات الفترة من العام السابق عليه.•