«واحد اتنين سرجى مرجى.. انت حكيم ولا تمرجى.. أنا حكيم الصحة.. العيان أدى له حقنة.. والغلبان أدى له لقمة.. نفسى أزورك يا نبى.. ياللى بلادك بعيدة.. فيها أحمد وحميدة.. حميدة ولدت ولد.. سميته عبد الصمد.....». كانت هذه هى إحدى الأغنيات التى يرددها أطفال زمان خلال ألعابهم، التى توارثوها جيلا بعد جيل، مثل.. الهيلا هوب، التى تطورت إلى الجمباز، السيجا.. الحجلة.. الأولى.. نط الحبل.. شد الحبل.. عسكر وحرامية.. الاستغماية.. عروستى.. والنيشان وألعاب الكرة والصولجان أو الطوق والشطرنج. الكثير من هذه اللعبات اختفى، والبعض الآخر مازال يقاوم. قد لا يعرف الكثيرون أن عددا من هذه الألعاب الشعبية الشهيرة، وجد منقوشا على جدران المعابد الفرعونية وبالمتحف الإسلامى، كما تؤكد د. هالة الشارونى فى رسالتها للماجستير. ويجمع هذه اللعبات كلها تنمية مهارات التفكير والحركة، فى حين كانت ألعاب أميرات الأسر الفرعونية هى السيف والحربة للدفاع عن أنفسهن. تصنف د. هالة ألعابنا الشعبية إلى عدة أشكال، منها الورقية. والتنافسية مثل الاستغماية والبلى وصلح. والألعاب الغنائية الشعبية الجماعية، وكلها تعمل على استعادة التوازن النفسى للطفل، والقضاء على ما يعانيه بعضهم من قلق اجتماعى وإكسابهم الجرأة والشجاعة واحترام الآخر وحب الجماعة، وتقلل ممارستها من نسبة الإصابة بمرض التوحد، الذى انتشر بسبب عدم دمج الطفل مع الجماعة واستخدامه للكمبيوتر وألعاب الإنترنت. وتؤكد هالة أن ممارسة الألعاب الشعبية، علاج ناجح لظاهرة الخجل عند أطفال مرحلة رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية، كما أن هناك أهمية لأن يتعلم الأطفال ألعابا مثل الكوتشينة والطاولة والدومينو والشطرنج فى سن صغيرة، لأنها تعلمهم الحساب وحسن التصرف والتفكير السليم. اصنع بنفسك.. تغير نفسك وتدعو د. هالة إلى أهمية عودة الألعاب التى تصنع من خلال استخدامات خامات البيئة المحلية، كبقايا الأقمشة والكرتون والزجاجات الفارغة وغطيانها. تدرس الآن د. هالة معلمى رياض الأطفال والصفوف الثلاثة الأولى من المرحلة الابتدائية، لاستخدام الألعاب ووسائل الإيضاح فى شرح المناهج الدراسية، بالإضافة إلى تدريب الأطفال على عمل الأنواع المختلفة من العرائس، كعرائس الجوانتى والإصبع والماريونت، ليصنع الأطفال ألعابهم بأنفسهم، ويصنع بعض الأطفال ألعابا تعليمية كدودة القز والشرنقة، خلال الدورات التدريبية التى تشاركهم فيها. تقول بسنت والدة الطفل فارس، الذى يشارك فى هذه التدريبات.. إنها تشعر الطفل بأهميته ودوره فى مجتمعه وأسرته، من خلال ابتكار ألعابه أو أدوات مختلفة بتكنولوجيا العقل الإلكترونى، ويكمل صناعة ألعابه فى البيت فيما بعد، فيظل مشغولا بها ويفكر فيها طوال الوقت، ويحافظ عليها أيضا لأنه من صنعها بنفسه. • مشاعر ألعاب زمان الألعاب الشعبية، ليست فقط ترفيها أو تمضية للوقت، ولكنها كما يراها أستاذ الأدب الشعبى بأكاديمية الفنون فارس خضر، جزء مهم من ذاكرة ووجدان الشعب، لأنها نتاج ثقافتنا وحضارتنا وبيئتنا وجونا الاجتماعى، وهى مخزن للتقاليد المصرية، وهى قصة تحكى تطور مصر من الفرعونية إلى الإسلامية، وتنقل هذا كله للطفل، بما تحتويه من قيم وعادات وكلمات ومعانٍ . وباستثناء كرة القدم التى ما زال الأطفال يلعبونها فى بعض المناطق فى الشارع، فجميع ألعابنا الشعبية مهددة بالاندثار مع انتشار ألعاب الإنترنت والفيديو جيم، التى تروج للنموذج الأمريكى وللعنف، بالإضافة إلى الثقافة التى تحتقر كل ما هو شعبى. وترى آمآل بيومى مديرة مسرح الطفل سابقا أنه مع غياب دور الأسطح وأحواش العمارات التى كانت مكانا لتجمع ولعب الأطفال فى الماضى، تبرز أهمية عودة قصور الثقافة لتكون مكانا لممارسة الألعاب الجماعية وإقامة أنشطة ومعارض فنية لتنمية مواهب الأطفال فى الرسم وعمل ألعابهم بأنفسهم (اصنع بنفسك) كمسكات أعياد الميلاد وخيال الظل والأراجوز. •