أثار منع فيلم «حلاوة روح» الكثير من الأسئلة داخل رأسى ربما أسئلة لا ترتبط بحق المنع أو حرية الإبداع ومدى شرعية تدخل رئيس الوزراء فى الفن من عدمه.. ولكن أسئلة من نوع آخر، فالطفل كريم الأبنودى أدى دورا يكشف عن قضية مهمة ومشكلة أساسية وهى تعلق المراهق الصغير بالأنثى الناضجة التى تداعب خياله وتتفتح ذكورته على يديها وغالبا ما تكون المعلمة أو صديقة الأم أو الجارة اللعوب أو الخادمة. وأغلب الرجال فضت النساء الناضجات بكارتهم، أى أن تجاربهم الجنسية، فى سن مبكرة كانت على أيدى نساء محترفات تكبرهم بسنوات عديدة لأن المحاولات فى هذه السن لا تحتمل الفشل ولا تحمل أى لذة إذا كانت مع فتاة صغيرة فى نفس عمرهم تفتقد الخبرة.. وهذه القضية قد تمت مناقشتها فى كثير من الأعمال السينمائية والروائية والدرامية بعدة أشكال.
ففى رواية إحسان عبد القدوس «الطريق المسدود» أظهر جزءًا منها وهى علاقة الحب بين طالب مراهق ومدرسته وما ترتب عليها من تدهور فى الحالة النفسية والجسدية للطالب عندما واجهته المدرسة بأن حبه محرم وأنها تعتبره طفلا صغيرا، فما كان منه إلا أن حاول الانتحار تاركا خطابا يخبر فيه أهله بأنها السبب، مما أسفر عن فضيحة كبرى للمدرسة فى البلد الريفى الصغير الذى كانت تعمل فيه.. وفى رواية «السراب» للأديب الكبير الرائع نجيب محفوظ تناول القضية بشكل آخر عندما استجاب البطل كامل رؤبة لاظ المراهق الصغير وقتها للخادمة المرأة اللعوب الشاذة وأقام علاقة جنسية معها فرأته والدته وضربته وسببت له عقدة نفسية بعد ذلك من التواجد مع النساء.
وفى فيلم «الأرض» كانت هناك علاقة بشكل ما بين الفلاحة الصغيرة وصيفة وبين الطفل المتيم بها القادم من القاهرة والذى وعدها بإهداء زجاجة عطر ثم أعطاها نقودا وقابلته خلسة خائفة من كلام أهل القرية تذكره بلعبها معه وهو طفل خلال السنوات الماضية وتلكزه عندما لا يتحرك له ساكنا هامسة له بأنه لايزال طفلا وأنها قد ظنت أنه أصبح رجلا ولكنه يجلس بعيدا عنها لا يهامسها، ثم تنقض عليه وتقبله عنوة وتغريه حتى يستسلم لها وتتركه وهى تطلب منه ألا يخبر أحدا بما فعلاه خوفا من كلام الناس والبلد.
وفى فيلم الإيطالى مالينا المأخوذ عنه فيلم «حلاوة روح» تدور أحداث الفيلم الايطالى حول الطفل (ريناتو)، الذى لم يتعد سن الثانية عشرة يعيش فى قرية كاستلكوتو بجزيرة صقلية فى إيطاليا فى الفترة التى كان يحارب فيها موسولينى فرنسا وبريطانيا، وكان ريناتو يمر بفترة المراهقة عندما قابل المرأة الحسناء (مالينا) زوجة (نينو) الذى ذهب إلى الحرب بعد زواجه بشهر لتعيش مع والدها المدرس العجوز فى القرية لحين عودة زوجها، وسلبت مالينا عقول رجال القرية بجمالها وجاذبيتها وأصبحت فتاة أحلام ريناتو الذى أصبح يتبعها كظلها.
وحاول الجميع التقرب منها ونيل رضاها ولكن مالينا كانت زوجة وفية لزوجها تنتظره بوفاء، ولكن نسوة القرية لم يرحمنها لتصبح حديث القرية لتطاردها وتستمر الأحداث ليأتى خبر مقتل نينو زوج مالينا فى الحرب، حيث تصبح مالينا تلك الأرملة الشابة الجميلة مصدر خطر وإزعاج لجميع نساء القرية بسبب الخوف على رجالهن لتتزايد الشائعات حتى تصل إلى والد مالينا أخبار عن أن ابنته امرأة سيئة السمعة ليقاطعها والدها ليموت لاحقا تحت الأنقاض بسبب القصف الجوى وتتعرض مالينا لأزمة مالية بعد أن فقدت معاش زوجها وأبيها الذى كان يعولها ليتكالب الرجال حول منزلها طلبا للزواج أو من أجل إقامة علاقة غير شرعية بها دون علم زوجاتهم مستغلين حاجة مالينا وما تعانيه من فقر وجوع، ويحزن ريناتو لما يحدث لها لكنه يقف مكتوف الأيدى لا يستطيع أن يفعل شيئا فمازال صغيرا.
وبعد انتهاء الحرب تقرر نساء القرية الانتقام من مالينا وطردها بعد التعدى عليها بالضرب والإهانة أمام صمت رجال القرية المغرمين بجمالها، لتخرج مالينا من القرية مهانة جريحة شبه عارية.
وفى النهاية يعود زوجها من ميدان القتال بعد أن فقد إحدى يديه باحثا عن زوجته وبيته، لكن لم يخبره أحد بما حل بزوجته، لكن الوحيد الذى تجرأ على إخباره بالحقيقة ومكان تواجدها هو الطفل ريناتو لتعود بصحبة زوجها ليستقبلها أهالى القرية وكأن شيئا لم يكن، بل يعاملونها باحترام.
وغالبا قد تمر هذه التجارب دون إحداث تأثير كبير على الحياة مادام لم يصاحبها فشل أو نهر بشكل يجعل الطفل يعجز عن الاستمرار فى حياته.
وقد لا تمر فتترك آثارا سيئة صعب نسيانها حول مشاعر المراهق الصغير وما يشعر به من كونه مجرد رغبة صماء أم مشاعر جياشة زادتها الرغبة المحرمة.
فى البداية تقول الدكتورة منال زكريا مدرس علم النفس بكلية الآداب جامعة القاهرة: إن المجتمع يعانى من مشكلات خاصة فيما يتعلق بالخبرات الجنسية الأولى والتى تؤثر على الأولاد والبنات إذا ما تمت ممارستها فى سن مبكرة وبطريق خاطئة، وغالبا فى السن المبكرة يتم الشعور بلذة واستمتاع واستثارة للمناطق الحساسة والطريقة التى تتم ممارسة الجنس من خلالها أول مرة مهما كانت شاذة أو عنيفة أو فيها محاولة للاستغلال تظل هى الطريقة المثلى التى يستمتع بها المراهق بعد ذلك حتى استلذاذ العنف المصحوب بالألم أو إذا كانت الممارسة فى مناطق معينة فقد يعتاد الطفل على نمط معين من الممارسة مهما كان مؤلما أو شاذا.
وتؤكد الدكتورة منال أن المشاعر فى هذة الفترة هى مشاعر جنسية بحتة لاعلاقة لها بالحب والعواطف.
وتكمل: سن الثانية عشرة والثالثة عشرة تعتبر سن البلوغ والنمو الجنسى، وتنقسم لقسمين فى الولد أو مرحلتين هما البلوغ والاكتمال، والاستمتاع بالجنس لا يتوقف عند الاكتمال فقط فالاستمتاع بالجنس نقرة والنضج الجنسى شىء آخر وهو لا يتحقق فى هذه السن الصغيرة.
وعن النساء اللاتى يرتضين بهذا النوع من الممارسة وتصنيفهن تقول: قد ترضى امرأة كاملة الأنوثة والنضج بممارسة الجنس مع مراهق صغير غير مكتمل لعدة أسباب قد يكون هو المتاح لها فى الوقت الذى تمارس فيه الجنس وقد تكون فى بيئة مغلقة وتورطها مع رجل فى سنها يعتبر كارثة وتخشى من افتضاح أمرها فتلجأ إلى فعل ذلك مع مراهق صغير تهدده هى ألا تفشى سره.
وقد يكون لها متطلبات معينة فى العلاقة وشروط لن يرضيها إلا شخص عديم الخبرة تتحكم هى فيه ويلبى متطلباتها فقط.
وقد تكون لديها رغبة ملحة ولا تجد من يشبعها فى مثل سنها.
يكمل د. جمال الريدى أستاذ علم الاجتماع جامعة المنيا: إن انجذاب المراهق الصغير للمرأة الناضجة فى هذه السن أمر طبيعى لأنه يكون فى مرحلة الاكتشاف المبكر لذكورته.
مؤكدا أن أى مشاعر فى هذه الفترة هى مشاعر رغبة جنسية لا علاقة لها بالمشاعر.
قائلا: كلنا كنا تلاميذ، ولم يكن من الغريب أن ننجذب عاطفيا أو جنسيا إلى بعض معلماتنا، أو من هن أكبر سنا، هذه حقيقة لا يمكن إنكارها ولا حرج من ذكرها، فتلك المشاعر تكون لا إرادية تؤججها غرائز الجسد المتفجرة فى سن المراهقة. ولا بأس بتلك المشاعر مادامت لاتتعدى حدود الخيال والأوهام، لكن المشكلة عندما تتحول إلى حقيقة وفعل، فقد ثبت علميا أن علاقة المراهق الجنسية وارتباطه عاطفيا بشخص يكبره سنا، قد يكون لها تأثير سلبى مدمر على حياته فى المستقبل، وفيها الكثير من الاستغلال لمشاعره كونه قليل الخبرة بالحياة وبطبيعة العلاقات الاجتماعية والعاطفية والجنسية، ولهذا السبب فقد تحرك المشرعون فى أغلب دول العالم لحماية التلميذ من هذه العلاقات عن طريق سن القوانين التى تضمن عدم تعرضه للاستغلال الجنسى أو التحرش والاغتصاب من قبل البالغين.
العمر لذلك يجب الاهتمام بالأطفال فشخصية الطفل تتشكل خلال الخمسة وعدم التمييز بين الأطفال لأسباب تتعلق بالجنس أو التحصيل الأكاديمى أو الذكاء أو الطاعة أو المقارنة بين الطفل وإخوته.
مع تشجيع الطفل على التعبير عن عواطفه وانفعالاته فهذا من شأنه أن يحد من الشعور بالقلق، ويحد من كبت الطفل لمشاعره.
تجنب إطلاق الصفات أو الأحكام السلبية على الطفل، مثل الخجل أو الكسل فهذا من شأنه أن يدفع الطفل إلى التصرف وفقا لهذا الوصف، وقد يؤدى إلى تدنى ثقة الطفل بنفسه، وهو ما يطلق عليه فى علم النفس النبوءة المحققة لذاتها أى أن تنبؤات الأهل عن سلوك الطفل ومستقبله يدفع الطفل إلى تصديق هذا التنبؤ أو الوصف و التصرف بناءً على ذلك سواء كان هذا الوصف أو التنبؤ إيجابيا أو سلبيا.