بحلاوة صوت عبدالحليم وعذوبته وإحساسه العالى كان وقع كلماته «أهواك واتمنى لو أنساك..» على أذنى كالسحر.. فشعرت بهدوء وجمال نسيته من زماااااان.. وخرجت إلى الصالة سريعاً لأشاهد رقته ورومانسيته وهو يغنى فى فيلم «بنات اليوم» وجدت أمى تشاهد الفيلم وتبتسم ونظرت لى وقالت: «يا عينى عليكم وعلى ولادكم لا شفتوا الحب ولا عرفتوه.. أيامكم قاسية ووحشة ودوشة». كانت كلمات أمى لحد ما صحيحة فأيامنا بالمقارنة بأيامهم أكيد هى الأسوأ فمهما كانت فترة الخمسينيات والستينيات مليئة بأحداث الحرب والهزيمة والنكسة إلا أنك تستطيع أن ترى كيف أن الحبئوالرومانسية والشعور بالجمال كان الخيط المشترك فى كل ما يمر بهم والذى يربطهم بالحياة ويعطى الجمال لأيامهم بل يعطيهم القوة والحماس والقدرة على تخطى أى صعب وكأن هذا الجيل كتب عليه أن يؤدى كل شىء بضمير حتى الحب.. قطع حبل أفكارى اصطدام ابنتى بى وهى تخرج مسرعة من غرفتها وعينها على الموبايل وصوابعها تكتب بسرعة شديدة عليه أكيد بتكتب على َُّّفوٌّصِِف ولم تلتفت حتى للتليفزيون وقلت لنفسى يا سلام على جيل التسعينيات والألفينات طبعاً ولا عبد الحليم ولا أهواك دا ممكن العلاقة تخلص قبل أغنية عبد الحليم ما تخلص وهنا سألت نفسى وماذا عنا نحن جيل السبعينيات والثمانينيات «لا حصلنا رومانسية أهالينينا ولا عملية أولادنا إحنا جيل «ميال ولولاكى» ليس لنا سمة محددة كنا بنحب على أغانى من سبقونا ولكن ما أن ندخل مطبخ الحياة إلا ونفرم بظروفها ونتوق ئللرومانسية فلا نجدها.. لا كان هناك موبايل ولا نت وكنا بنرجع بيتنا مع صلاة العشا».. الفرق بين سن الستين السادسة عشرة ليس فقط سنوات عديدة وإنما فكر مختلف ومشاعر اكثر اختلافاً كالفرق بين عبدالحليم ونجاة وبين «أوكا وأورتيجا «أو أغنية أجنبى من اللى بنتى مصدعانى بيهم».
∎ حبنا شبه افلامنا
لخصت الدكتورة إكرام 60 سنة تصف الحب على أيامها قائلة: «حبنا كان شبه أفلامنا بألوانها الابيض والأسود تشعرك بالروقان والبساطة ومع أن مشاعرنا كانت رقيقة وجميلة إلا أنها كانت قوية بالمقارنة بأيامكم عمرنا ما فكرنا فى ماديات لا شقة ولا عربية ولا شبكة كان الحب هو اللى بيبنى ويجيب كل حاجة، دا مش معناه أننا كنا كاملين ومافيش عيوب لكن كل حاجة ايامنا بنديها حقها ونحس بطعمها».
ئالمهندسة نادية 95 سنة ترى أن الحب فى زمنها كان يتميز بالشياكة على حد قولها فتقول: «الحب والاحترام لا ينفصلان وهو ما تربينا عليه فى بيوتنا فحبنا لوالدينا واحترامهما وحبهما واحترامهما لبعضهما فقد كان قويا يقول لوالدتى «يا هانم» وحبنا لمدرسينا واحترامهم وحب الأصدقاء والتعامل باحترام دائما فى اللهجة والأسلوب والسلوك هو ما جعل الحب على أيامنا له طعم فيه «شياكة» ورقىئويكفى أن تشاهد فيلم أبيض وأسود لتتعرف على شكل الحوار وشكل الحياة أيامنا».
أما السيدة ليلى 69 سنة فتقول: الحب أيامنا كان نقياً سامياً «يدغدغ مشاعرك» تشعر به فى صوت عبدالحليم ونجاة وغناء أم كلثوم والحان عبدالوهاب.. الرومانسية كانت أسلوب حياة وتميز حياتنا أشبه بشياكة أحمد مظهر وشقاوة أحمد رمزى ووسامة عمر الشريف وأنوثة فاتن حمامة وعذوبة سعاد حسنى شىء لا يمكن أن يزول أو ينسى، كنت أنظر على جارنا الذى أحبه من وراء الشيش وأقف لأنظف البالكون وأكنسها عندما يجلس على القهوة المقابلة لبيتنا، كنت أحبه ولكن على استحياء لم نتكلم أبدا وكنت أفتعل المواقف ليرانى فمثلاً أفتح باب الشقة عندما أسمع صوت خطواته على السلم وهكذا وهو دخل البيت من بابه وطلبنى للزواج ولنا الآن 50 سنة جواز».
∎ احنا برضه بنعرف نحب
أما الجيل الجديد فهو أيضاً يدافع عن طريقته فى الحب.. سارة 17 سنة تقول: «مش لازم نقعد بالساعات نسمع أغنية لأم كلثوم عشان نثبت أننا رومانسيون الجيل اختلف والأذواق تغيرت وشكل الحياة كله تغير لذا من الطبيعى أن طريقة تعبيرنا تختلف احنا مابقاش عندنا الحب من ورا الشباك لأنه ببساطة ما بقاش فيه وقت نقف فى الشبابيك.. ولا فى لازمة أنه يقف يستنى حبيبته على الناصية لأنه ممكن يتصل بيها على الموبايل ويجيبها من أى مكان.. الفرق بين الحب دلوقتى وزمان زى الفرق بين الكافيه اللى بنتقابل فيه وجنينة الأسماك اللى كانوا زمان بيتقابلوا فيها فرق احنا أصوات أغانى أجنبية عالية وسرعة فى رتم الحياة وهم زرع وشجر وحياة تانية خالص بس المؤكد أننا كلنا بنحب وكل إنسان شكل زمنه».
فريدة 18 سنة: «الآن البنت ترى حولها الشباب فى كل مكان وتتعامل معهم واختفى الخجل المبالغ فيه أيام زمان لظروف العمل والدراسة وأصبح هناك الصداقة بين الولاد والبنات وبيتعاملوا بدون حرج وهو فى رايى ما قضى على الرومانسية المفرطة اللى بنشوفها فى أفلام زمان.. وفى رأيى أنه أعطى للولد والبنت صورة أوضح لإحساسهم بمعنى «مش أول ما البنت تشوف ولد تعجب بيه لأن لها أصدقاء وزملاء فتصبح قادرة على أن تراه بصورة واضحة والعكس فى حالة الولاد.
وعندى صديقات كثيرات مرتبطات وأمهاتهن على علم لأن الآن أى بنت تقدر تعرف وتحب وترتبط فالتعارف أسهل والأمهات يفضلن أن يكنّ فى الصورة»
عليا 91سنة: فى السن الصغيرة ترتبط بزميلها فى المدرسة أو النادى وتصبح الحياة «بييييس» بيتفقوا على الموبايل ويتكلموا على «الشات» ويتقابلوا فى الدرس أو فى النادى مافيش وقت تحب من بعيد لبعيد ولو أعجبت بواحد و«تقلت عليه» هيقلبها «ويرتبط بأى واحدة تانية.
ولما البنت بتكبر وتفكر فى الزواج ظروف الحياة الغالية لم تترك للشباب فرصة للاعتماد على الحب فقط لبناء حياتهم ئوالتضحية وهو ما انعكس على العقلانية فى الحب فلن يستطيع الولد والبنت بالحب فقط بناء حياتهم.
سلمى 41 سنة: «أكيد الحب زمان أحلى وأجمل ولكن اليوم مافيش مكان لهذه الرومانسية وإلا ستكونين شيئا غريبا وسط أصحابك وعندما تخفى مشاعرك وترفضى أن ترتبطى بواحد لأن أخلاقك وتربيتك تمنعك من فكرة الارتباط.. يعتبروك «تنكة» ومغرورة وأصبح عند أى ولد وبنت المئات على الفيس بوك وتويتر ولم يعد هناك فرق بين ولد وبنت ولا مكان للخجل أو الكسوف ئوتعودت أن أرى صاحباتى يضعن صورهن مع الولاد المرتبطين بيهم على البروفايل الخاص بهن على الفيس بوك وبعد شهرين تلاته تتغير الصورة مع ولاد تانيين وهو دا الحب عندهم سريع سريع».
حتى «اللى مطلعوش من البيض» لهم رأيهم فى الحب حبيبة 13 سنة تقول: «وفيها إيه لما نحب.. الحب مش حرام ليه تخبى مادام بنعملش حاجة غلط بنتكلم على الفيس بوك وتويتر «والوات ساب» و«الفايبر».. الناس الكبار مش فاهمين إن مخنا سابقنا وسابق أيامهم.. دلوقتى صحباتى كتير مرتبطين وأهلهم عارفين واللى لسه بيفتكروا إننا صغيرين ولادهم بيضحكوا عليهم وما بيقولوش لهم الحقيقة لأن ببساطة الزمن اتغير ولازم يفهموا دا»!
ندى 12 سنة: «صحيح مابنسمعش أم كلثوم وعبدالحليم وبنسمع أغانى أجبنى لكن دا لايمنع إننا رومانسيين مش معنى إن الحب أصبح على الشات وبرموز النت نبقى إحنا سطحيين بالعكس دا معناه إننا عمليين مابنضيعش وقتنا فى كلام ورغى ورومانسية وفكرة إن الحب لسه بدرى عليه دا مش واقعى لأنه إحساس بيجى فجأة ومالوش مقدمات».