هى سيارة دائما فى حالة صراع مع الوقت، و صراع مع الخطر وصراع مع السيارات المجاورة لها والثقافة المتناقضة فى التعامل معها.. أحيانا ننتظرها بلهفة.. ونعد الدقائق والثوانى ونحن نترقب وصولها.. وأحيانا نخاف منها ونشعر بالقلق والتوجس بمجرد سماع صوتها الحاد.. إنها سيارة الإسعاف التى أصبحت القاسم المشترك فى كل الأحداث السياسية التى تمر بها البلاد.. والبيان الرسمى الصادر عنها هو الترمومتر الذى نقيس به خطورة وسخونة الأحداث.. مع رئيس هيئة الاسعاف الدكتور أحمد الأنصارى تحدثنا عن سيارة الاسعاف والمشاكل التى تواجه المسعفين وخطط النهوض بهذه الهيئة وتحسين الخدمات التى تقدمها للمواطنين.
∎ توليت هذا المنصب فى 2013، فكيف تم ترشيحك لرئاسة الهيئة ؟
- كنت أدرس خارج مصر، وبمجرد عودتى التحقت بالعمل داخل الهيئة فى أغسطس 2009. وفى نفس السنة صدر القرار الجمهورى بإنشاء الهيئة .. وفى 2010 توليت منصب مساعد رئيس الهيئة ,حيث كان وقتها الدكتور '' محمد سلطان'' نائب رئيس الهيئة.. كنا نتشاور فى الأحداث التى كانت تشهدها مصر من ,2009. وبدأنا نميل أكثر لشغل الإسعاف.. و فى أواخر 2010 بدأت الحوادث تزداد، وكان من ضمنها حادث تفجير كنيسة القديسين ليلة رأس السنة.. وبعدها قامت الثورة وحدث تغيير وزارى و أصبح الدكتور محمد سلطان رئيس الهيئة وأصبحت أنا نائبه.. وكنا نجلس نحن مجموعة العمل نتشاور فى إعداد السيناريو الذى نضعه سواء كانت تغطية اعتصامات أو انتخابات أو أعياد أو محاكمات.. وهذا ما يميز هيئة الإسعاف.. وفى 2013 قامت الدكتورة مها الرباط بعمل بعض التغيرات فى القيادات داخل الوزارة حيث أصبح الدكتور محمد سلطان رئيسا للإدارة المركزية للأمانة الطبية المتخصصة.. وتوليت أنا رئاسة الهيئة فى سبتمبر 2013.
∎ ما أهم ما يميز هيئة الإسعاف؟
- هو العمل الجماعى لأقصى درجة .. حتى القرارات التى تؤخذ تكون قرارات جماعية.. فلا يوجد شخص له سلطة على الآخر داخل الهيئة.. كلنا نتشاور الأحداث ونشارك فيها.
∎ لم تشهد الهيئة من قبل مثل هذه الأحداث الدامية، فكيف تعاملت معها؟
هذا صحيح، فبعد 30 / 6 بدأت الصراعات تأخذ تغيراً فى النوعية والطريقة وأيضا فى التعامل .. حيث أصبحت الصراعات دامية أكثر و ضرب نار متفرق فى أماكن كثيرة و فى وقت واحد.. وهذا يمثل عبئا كبيرا على التشغيل.. ففى 2008 كان معدل الخدمات لم يكن بالأضعاف المضاعفة التى نحن عليها الآن.. و الأسطول لم يتضاعف بنفس عدد هذه الخدمات.. و هذا ما لاحظناه الفترة الماضية.. فأسطول الإسعاف لم يزء من 2008 وحتى وقتنا الحالى سوى 002 سيارة إسعاف فقط.. وذلك نظرا للظروف الاقتصادية التى تمر مصر.. وبالتالى يعتبر هذا تحدياً قوياً لنا.
∎ كم عدد السيارات والمسعفين داخل الهيئة؟
- 12 ألف مسعف وسائق.. و2500 سيارة إسعاف..
∎ هل هناك خطط لتزويد أسطول الاسعاف؟
- نعم ففى شهر إبريل القادم سنستلم دفعة جديدة من السيارات.. فقد تعاقدنا على 250 سيارة إسعاف السنة الماضية لتزيد من الأسطول .. وهذا سيكون له أثر مباشر على زمن الاستجابة وسرعة الخدمة للمواطنين.
∎ بالنسبة للتمويل؟
- التمويل كله من الحكومة ومن خدمات الدولة.. وليست منحة من أحد أو هدية من دولة.. فالهيئة ممولة بالكامل من وزارة المالية.. وكلها من فلوس المصريين.. وبالتالى أقول يجب الحفاظ عليها لأن من يتعدى على سياره الإسعاف بالتخريب، وعلى طاقم فريق الإسعاف فهو يقوم بإذاء نفسه لأن هذه السيارة تكون ملكا له، وهومن يقوم فى الآخر بإصلاحها والإنفاق عليها من ماله.
∎ لماذا لم تقم الهيئة بعمل برامج توعية توعى فيها الناس و تناشدهم بضرورة احترام سيارة الإسعاف وعدم التعدى على رجالها؟.
- بالعكس نقوم بالفعل فنحن نعتمد فى هذا على'' word of mouth س بمعنى إننا نقوم بعمل برامج توعية فى المدارس، وبرامج توعية فى النوادى وأيضا برامج توعية فى أى أماكن فيها تجمعات.. فعلى الرغم من أن تأثرها وأنتشارها بطىء نوعا ما.. لكن على المدى البعيد ستترسخ فى عقول الناس.. وبالفعل قمنا بعمل اجتماع تنسيقى مع وزارة التربية والتعليم.. بأننا ندخل الإسعاف فى المناهج بحيث تكون موجودة على ظهر الكتب و الكراسة.. مثل الإرشادات الصحية التى كانت توضع على ظهر الكتب المدرسية من قبل.. فمن الممكن لم يبذل الطالب مجهودا فى قراءتها لكنها تكفى إنها ستكون أمامه طوال الوقت.. وهذا سيحدث اختلافا كبيرا، وسيكون مؤثرا فى أذهان الناس التى تسعى لمعرفة المعلومة.. بالإضافة إلى أن هذا أفضل بكثير من الدعاية المباشرة عن طريق التليفزيون.. فإن تكلفتها تكون باهظة ،وعلى المدى القصير ستنساها الناس.. وهذا لاحظناه خلال حملات التوعية التى قامت بها المرور و السكك الحديد.. فقد فشلت فشلا كبيراً.. لأن العيوب التى نواجهها هى عيوب سلوكية.. لا تأتى بالدعاية الإعلامية المباشرة!!..
∎ ما الخطط التى ستقوم بها الهيئة لتنشيط الأسعاف؟
- نحن الآن نمر بعنق زجاجة صعب جدا.. فشهر يناير شهر فى منتهى الصعوبة وملىء بالأحداث.. بداية بأعياد ميلاد المسيحيين والحمد لله أنه مر بسلام ويليها بيوم محاكمة مرسى على قتل المتظاهرين والاتحادية.. ثم الاستفتاء على الدستور يومى 14 و 150 وبعدها ذكرى 25 يناير.. و28 محاكمة مرسى فى قضية التجسس.. وكل ذلك مع امتحانات الجامعات والتوتر الموجود فيها .. فالهيئة متأهبة ورافعة حالة الاستعداد القصوى فى أى وقت.. بالإضافة أيضا إلى التفجيرات التى تحدث فى كل مكان.. فهذه الفترة تعرقل أى مجهودات فى البلد.. فمن 30/6 ونحن فى حالة طوارئ غير منتهية.
∎ عدم وجود طبيب داخل سيارة الإسعاف ألا ينتقص من الخدمة السريعة الذى من المفترض أن تقدمها سيارة الإسعاف؟.
- المواطن ممكن أن يتصور أن هذا إهمال لكنه فى الحقيقة واقع.. فلا توجد سيارة إسعاف فى العالم ''إلا فى بلاد قليلة جدا '' تتحرك بطبيب ..فالمعروف عن الاسعاف فى كل بلاد العالم هو مسعف وسائق مدرب.. فلو كل سيارة إسعاف تحركت بطبيب فى هذه الحالة نريد تعيين 3000 دكتور فى الشيفت.. يعنى بما يعادل 9000 دكتور فى الهيئة.. وهذا ليس موجودا فى إسعاف العالم.. لكنه موجود فقط فى فرنسا لأن الاسعاف هناك جزء من الطوارئ يعنى الاسعاف وطوارئ المستشفى جزء واحد لا يتجزأ.. لكن أيضا وجود الطبيب داخل السيارة يترتب على خطورة الحالة إذا كانت تستدعى طبيبا أم لا.. فالاسعاف فى باقى نماذج العالم يعمل على سرعة الوصول للمريض و عمل الاسعافات الأولية له، ونقله إلى المستشفى فى أسرع وقت إلى أقرب مكان.. وهذا هو النموذج الموجود فى كل الدنيا لايوجد به طبيب.. فإن الحالة الوحيدة التى يتواجد فيها الطبيب داخل سيارة الاسعاف هو عندما نقوم بنقل مريض يتلقى العلاج من مستشفى لمستشفى آخر .
∎ ما الوقت المحدد الذى يجب أن تصل فيه سيارة الاسعاف للمريض؟
- يعتمد هذا على الحالة.. فلو الحالة حرجة فإن الاستجابة تكون من 8 إلى 10 دقائق.. ويترتب ذلك على أن يكون البلاغ صحيحا ومحددا.. فإن الوصول للحالة من الأشياء الصعبة فى مصر لأننا نعانى من أزمة المرور خاصة فى وقت الذروة، فإن الاستجابة تختلف تماماً وتكون صعبة داخل المدن.. لكن إستجابتنا على الطرق السريعة تكون أقل من 8 دقائق .
∎ هناك لونان مختلفان لسيارة الإسعاف فما الفرق بينهما؟
- لا يوجد فرق بين السيارتين فكلتاهما واحدة من الداخل فالفرق بينهما فى الحجم فقط.. لكننا الآن سنوحد كل السيارات الجديدة ونجعلها '' اللون الأصفرالفسفورى '' لأن هذا اللون ليس مستخدما كثيرا مثل ''اللون البرتقالى''.. كما أن هذا اللون موجود فى معظم بلاد العالم.. فمازلنا مستمرين فى اللون الأصفر.. لأنه لون فاقع وواضح ويعطى ظهورا للسيارة فى الأماكن المزدحمة كى تساعدها الناس على المرور سريعا للوصول للمريض.
∎ كيف يتم تجميع الأخبار داخل الغرفة المركزية للهيئة؟
- لدينا 27 غرفة فى 27 محافظة.. كل محافظة مسئولة عن المدن والأحياء بها.. ونحن لدينا العديد من المؤشرات التى تجعلنا نقوم بعمل البلاغ.. مثلا حادث فيه عدد مصابين ووفيات يتم الإبلاغ عنه.. كذلك الحوادث والمسيرات والمظاهرات والتفجيرات.. وهناك غرفة مركزية بكل محافظة ترسل البلاغات بالغرفة المركزية الموجودة هنا بالقاهرة، وذلك عن طريق الميل أو الإبلاغ عن طريق اللاسلكى.. وهناك حالات يتم تدخل المحافظات المجاورة للمحافظة التى تم فيها البلاغ.. فمثلا حادث تفجير المنصورة قامت الغرفة بتبليغ غرفة القاهرة بعد 10 دقائق من الحادث وبمجرد وصول البلاغ بدقيقة.. تحركنا على الفور وبعد ساعتين كنا فى موقع الحادث.. وقمنا بتحريك سيارات أخرى من المحافظات المجاورة لمحافظة الدقهلية نظرا لكثرة حالات الوفيات والمصابين.. فإن تحركنا تكون وفق حجم ووقت وشدة الحادث.
∎ ماذا عن ال «fake calls » المعاكسات؟!
- لقد قل بالفعل معدل هذه المكالمات بنسبة 10٪.. فقد وصلنا من 65 الى 70 ألفا من إجمالى 80 ألفا.. ولكن مازلنا ننتظر أن يكون هناك تشريع لمعاقبة هؤلاء الناس.. وأن يكون العقاب حبساً أو دفع غرامة كبيرة . لأن هذا سيحد من هذه المكالمات.. فنحن نعتبر ضحايا لأن الأرقام الخدمية مثل المطافى والشرطة والاسعاف تعتبر أرقاما مجانية.. وبالتالى نعتبر من أكثر الهيئات تضررا.. لذلك يجب أن نجرم هذا قانونا.
∎ ماذا عن الوضع المادى والمعنوى للمسعف؟
- منذ 3 سنوات ونحن نعمل على الحد الأدنى بالنسبه السائق والمسعف لأنهما هما جوهرة التاج ودخلهما الرسمى يتعدى ال2000 فى الشهر للفرد الواحد... وهذا لا يعنى أننى راض عن هذا.. وأتمنى أن يحصلا على أكثر من هذا بكثير لأن ما يبذلانه لا يقدر بمال سواء ما يواجهانه فى الشارع من المواطنين والمظاهرات بالطوب والغاز واعتداءات الناس.. بالإضافة إلى الحالات الصعبة التى يتعاملان معها فكل هذا اعباء ليست بالقليل.. إنما هى تحديات رجال الاسعاف يقومون بمواجهتها.. وأنا اقتناعى الداخلى أن هؤلاء الناس يجب أن يكافأوا ماليا أكبر فأى مكافأة يحصلون عليها لا توازى ما يقومون به.
∎ ما أهم ما تعانى منه هيئة الاسعاف؟
- لدينا تحديات كثيرة مثل تحدى الثقافة الموجودة فى البلد والانفلات الأخلاقى الموجود والصراعات ما بين صراعات سياسية وصراعات قبلية وصراعات بين المواطنين بعضهم البعض.. والتحدى الثانى هو أننا نرتقى بثقافة المسعف بأن يكون هناك عرض على وزارة المالية بزيادة المرتبات لهذه الفئة التى ليس من المتوقع أن يرفضها أحد .التحدى الثالث المرور وأزماته.. التحدى الرابع هو المستشفيات التى ترفض استقبال بعض المرضى وتكون هناك مشاكل بين المستشفى والاسعاف لقبول تلك الحالات وصعدنا الموضوع من فترة لوزارة الصحة وفى طريقها للحل بالتنسيق مع وزارة الصحة وتلك المستشفيات.
∎ ما الذى تسعى لتحقيقه داخل الهيئة؟
- أولا أن نصل لدرجة احتراف فى الخدمات الصحية ننافس بها العالم.. فإن طاقم الاسعاف شهد لمده 3 سنوات مواجهات وصعوبات حتى أصبح لهذه المجموعة خبرة كبيرة .. و بالتالى أريد أن أثقل هذه الخبرة بمزيد من التدريب .. وتعليم المسعفين بشكل أكثر إتقانا من خلال مشاركة الجهات الداخلية فى مصر وبعض الجامعات ومع الزمالة المصرية فى مصر وجهات خارجية حتى نرتقى بالمستوى العلمى للمسعفين والسائقين ونكون منافسين عالميين.. ثانيا أقوم بتحسين العمل الإدارى داخل الهيئة.. لأن العمل الادارى يقوم بخدمة العاملين فى الهيئة بأسرع وقت .. لايكون فيها بيروقراطيه حكومية تقليدية .. ثالثا المشاريع أو البنية التحتية الخاصة بالهيئة مثل السيارات وغرف التحكم التى تعمل فى المحافظات أو فى مقر رئاسة الهيئة.. رابعا البنية المعلوماتية الخاصة بالهيئة ال«it» تكنولوجيا المعلومات أن يكون هناك ربط معلومات بين جميع المراكز على مستوى الجمهورية وتكون مرتبطة بالهيئة المركزية والمعلومة تكون حقيقية.. وقد وصلنا بالفعل إلى 60 أو 70 ٪ من هذا.. لكننا نريد أن نصل إلى الأفضل.. خامسا نتنوع فى الخدمات الاسعافية التى نقدمها .. مثل أن تكون لدينا سيارات 4*4 اسعاف فنريد أن نستحدث هذه الخدمة.. أيضا نسعى إلى وجود اسعاف بحرى حتى يكون لدينا تنوع فى وسائل النقل كى نستطيع الوصول للمصاب فى أى مكان هو فيه.. سادسا تجهيزات طبية مستحدثة .