لن يهدأ الإخوان. ولن يستسلموا بسهولة. والأمريكان لن يتخلوا عنهم أبدا. المشروع الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط لا يتغير ولا يتراجع من الممكن أن يؤجل لحين اللحظة الحاسمة، لكن الشرق الأوسط لابد أن يحكمه التيار الدينى وقوة دفع الأمريكان للإخوان فى مصر ليست من أجل سواد عيونهم أو من أجل الديمقراطية كما يقولون بل من أجل سمعة الأمريكان فى مساندة الإخوان فى كل أنحاء الكرة الأرضية فهم الفصيل السياسى الذى يحكم أكثر من دولة فى أفريقيا بداية من دول جنوب البحر المتوسط وعمقا فى السودان إلى نيجيريا ودول أخرى فى آسيا بداية من باكستان مرورا بأندونسيا إلى تركيا، الإخوان منتشرون فى كل أنحاء الأرض وهم يؤدون خدمات جليلة للمصالح الأمريكية بدأت بوضوح فى مساندة الإخوان بالحشد لمحاربة العدو السوفيتى فى أفغانستان ولعبدالمنعم أبوالفتوح باع طويل فى تلك التجربة، لذلك الأمريكان لن يتخلوا أبدا عن مساندة الإخوان فى مصر من أجل أن يطمئن إخوان الدول الأخرى. وما يفعله الإخوان من اضطرابات فى مصر وتفجيرات وقتل للجنود ما هو إلا خطط ممنهجة خططت لها مخابرات خارجية على رأسها تركيا وقطر وألمانيا وإنجلترا تحت حماية ومظلة المخابرات الأمريكية، الإخوان والعناصر المتحالفة معهم لا ينطقون عن الهوى، بل كل الخطط مدروسة وكانت حوادث القتل الأخيرة لضباط الشرطة وعساكر الجيش ما هى إلا إشارة جديدة لمخطط تطور ليدخل المدن والهدف الجنود من الشرطة والجيش ومنشآت مؤسسات الدولة بعيدا عن المواطنين كى لا يخسروا الشارع أو يختصموا الناس مباشرة، لذلك لن يضربوا مترو الأنفاق أو السكة الحديد أو حتى الأسواق الموضوع هنا مختلف تماما وهو ما يؤكد عليه التنظيم الدولى للإخوان وهو التنظيم الذى يعمل بأقصى جهده مستعينا بالدول الصديقة. ففى تركيا اجتمع التنظيم الأسبوع قبل الماضى. أخطر ما طرح فى الاجتماع هو قيام التنظيم بالتنسيق مع محام إنجليزى لرفع قضايا ضد الجيش والشرطة أمام المحاكم الدولية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية الغرض منها هو إحراج النظام ووضع العراقيل أمامه كى لا تنفذ خريطة الطريق ويضيع الإخوان إلى الأبد.
المحامى الإنجليزى الذى لجأوا إليه هو كين ماكدونالد المدعى العام السابق فى بريطانيا وهو المنوط به رفع تلك القضايا بتوثيق من الصور والأفلام التى تظهر وحشية الشرطة فى فض اعتصامى رابعة والنهضة. كما شهد الاجتماع طرح العديد من الرؤى المختلفة، والتى من شأنها أن تظهر الجماعة فى ثوب جديد ومختلف عما سبق.
وكان أخطر ما فى الاجتماع هو تدويل منصب المرشد بعد أن تم احتكاره لإخوان مصر على مدار تاريخ الجماعة ووضع لائحة جديدة لانتخاب المرشد من مجلس شورى التنظيم الدولى.
وقد ركز الاجتماع على طرح عدة توصيات بشأن أزمة «الإحياء الثالث للجماعة» جاءت كالتالى:
أولا: الكفاح السياسى الهادئ من خلال الإبقاء على الحزب، والتأكيد على أنه حزب سياسى اجتماعى وليس دينيا ومحاولة الانخراط فى المجتمع.
ثانيا: إذا تعسر المحافظة على حزب «الحرية والعدالة» لابد من التواجد تحت لافتة جديدة حتى يظل تواجد عناصر الجماعة مطروحا فى الحياة السياسية ولعل محنة 45، و65 خير تجربة على ما تمر به الجماعة فى مصر حاليا . فهى تجربة محنة والمهم بقاء التنظيم.
ثالثا: ضرورة المصالحة الوطنية مع الشعب المصرى، واحتواء الأزمة بعد تعرض الجماعة لحالة من التشويه منذ ثورة 30 يونيو وانتقاد كل تحركاتها والمصالحة مع الأجهزة الأمنية، التى بدونها لن تكون للجماعة شوكة مرة أخرى والدخول فى هدنة سياسية مقابل الحفاظ على التنظيم والجماعة من الملاحقات الأمنية. وهو الدور الذى يلعبه أحمد كمال أبوالمجد الآن.
رابعا: بات من الواضح أن أدبيات وأفكار الجماعة فى حاجة إلى عدة مراجعات على المستوى الفكرى والتنظيمى، ومن الضرورى طرح مصطلحات جديدة تلقى قبولا فى الشارع السياسى والشعبى.
خامسا: التأكيد على أن الجماعة سلمية فى أهدافها وتحركاتها داخل المجتمعات وأنها لم ولن تدعو العنف فى يوم ما مهما كانت المحن التى مرت بأبنائها.
سادسا: ضرورة المشاركة الاجتماعية التربوية وطرح مشروعات توعوية وأخلاقية تحمل روح دعوة الإخوان وأفكارهم وتخدم الجميع دون تفرقة.
سابعا: لا ينبغى أن يكون اليأس والإحباط سيدا الموقف من قبل شباب الجماعة، ولتفادى تلك الأزمة يجب أن يتم تصعيد الشباب حتى يقودوا وسائل الخروج من المحنة الراهنة وأن يشعروا أنهم أصحاب القضية الحقيقيين لا مجرد ديكور تكميلى للأزمة.
ثامنا: إعادة نشر كتاب «دعاة لا قضاة» للمستشار الهضيبى للتأكيد على أن الجماعة بعيدة كل البعد عن أى منهج تكفيرى أو اللجوء للعنف.
تاسعا: الرد القوى والفعلى بدراسة مستفيضة على أفكار سيد قطب، وأنها تم فهمها بشكل خاطئ، والتبرأة من كل فهم يدفع وينادى بالعنف وأن الجماعة وقيادتها بعيدة عن العنف واستخدام السلاح.
عاشرا: السعى لمحاولة حماية الكيان من التصدع أو فرط العقد والتفلت، سواء على مستوى أعضاء التنظيم أو المحبين والمؤيدين للفكرة من خلال التركيز التربوى والروحانى.
الحادى عشر: توثيق المشهد الحالى على أنه إحدى المحن الشداد التى تعرضت لها عبر مسيرتها وتاريخها الحافل بالابتلاءات من قبل النظم الحاكمة.
الثانى عشر: زيادة الوعى الأمنى لدى الجماعة وإعادة ترتيب مستويات الأفراد التربوية والتنظيمية بشكل جديد يراعى ظروف الأزمة، والحيطة والحذر من الأعضاء الجدد الذين لم يعاصروا الجماعة فى كفاحها على مدار السنوات الماضية التى تعرضت فيها للسجون والمعتقلات وحتى لا يتم اختراق التنظيم فى ظل الوضع الراهن ويتم القضاء عليه نهائيا من قبل الأجهزة المعنية.
الثالث عشر: إعادة هيكلة الكيان تنظيميا ابتداء من المناصب الإدارية على مستوى مكاتب المحافظات والشُعب واللجان، ومكتب شورى الجماعة ومكتب الإرشاد، بحيث تكون الأغلبية بيد الشباب.
الرابع عشر: فى إطار التغيير الحادث للمشهد السياسى والدعوى وإثبات الدور الوطنى والتاريخى للأخوات ومشاركتهن للإخوة فى الميدان كتفا بكتف، بل تصدرهن للمشهد وللصفوف الأولى، كان من الضرورى تمثيلهن فى المناصب الإدارية ومكتب شورى الجماعة ومكتب الإرشاد وأن يكون لهن كيان منفصل يخضع لميزانية منفصلة وللجان تربوية تهتم بوضعهن التربوى والإدارى والتصعيدى.
الخامس عشر: يجب تدويل منصب المرشد بين مختلف الدول، وفقا للائحة جديدة لاختيار المرشد وبناء على انتخابات رسمية من قبل مكتب شورى التنظيم الدولى، وعدم احتكار المنصب بما يخدم أهداف الدعوة والحركة الإسلامية فى العالم، وحتى يظل كل فرع للجماعة منتميا انتماءً حقيقيا للتنظيم.
السادس عشر: محاولة احتواء الشباب المنشق عن الجماعة فى ظل الأزمة على اعتبار أنهم الأكثر إيمانا بالفكرة من غيرهم، وخشية تفلتهم نحو الفكر اليسارى والإعراض عن الفكرة الإسلامية وأهدافها، والتركيز على مبادئ الفتن والابتلاءات، وأنها لم تكن جديدة على مدار تاريخ الجماعة ومسيرتها.