ونحن على أعتاب دستور جديد نجد أنه مازالت القضايا الخلافية قائمة منذ دستور 2012 هذا ما تمت إثارته فى الحلقة النقاشية التى أقيمت بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، حيث تم عرض أحدث استطلاع قام به المركز، تم الاعتماد فيه على رصد صحفى لتحديد المواد محل الخلاف بين التيارات الإسلامية والقوى المدنية. وحرص المركز على استخراج نتائج الاستطلاع قبل الثالث من ديسمبر 2013 لتقديمها للجنة الخمسين قبل إنهاء الدستور؛. كانت أهم تلك المواد الخلافية المتعلقة بالحقوق والحريات، وكذلك المرتبطة بالمقومات الأساسية للدولة والمجتمع، حيث تم عرض نصوص المواد ونسب الموافقة على بقائها وتعديلها ونسب المطالبين بإلغائها.
∎أهم المواد
من أهم المواد هى المادة 70 التى تنص على حظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن الإلزام التعليمى، فى أعمال لا تناسب عمره أو تمنع استمراره فى التعليم، وعند سؤال النخبة تقاربت النسبة بين من قال بوجوب التعديل، حيث كانت 4,74٪ ومن قال ببقاء المادة كما هى بنسبة 45٪، وكانت من أهم التعديلات المقترحة النص على التزام الدولة بحظر عمل الأطفال نهائيا بنسبة72٪، والنص على سن الإلزام التعليمى بوضوح بنسبة 25٪ من العينة. كذلك يوافق 64.3٪ من العينة على إضافة بند ينص على: «عدم التمييز وفقاً للنوع أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الرأى أو الوضع الاجتماعى أو الثروة أو الإعاقة» للمادة 33 والتى تنص على «المواطنون لدى القانون سواء. يوافق 4.89.٪ من العينة على إضافة نص إلى المادة (51) من الدستور تحظر إنشاء أحزاب على أساس دينى.
يرفض ثلاثة أرباع العينة تقريبا أن يتضمن الدستور المعدل مواد انتقالية تجيز العزل السياسى لتيارات سياسية بعينها.
تقاربت النسبتان بين مؤيد لإبقاء المادة الرابعة 42٪ وبين 38٪ لإلغائها الخاصة بأخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية، بينما اقترح 02٪ من العينة أن تعدل وذلك حتى لا تتداخل مع مهام وأنشطة البرلمان أو المحكمة الدستورية وتخوفا من تحول مصر لدولة دينية.
أما المادة 219 فقد أيد 70٪ من العينة إلغاءها وتعدد أسباب الإلغاء منها: لا لزوم لها أصلا، حيث يكتفى بالمادة الخاصة بالشريعة الإسلامية، ولأن وجودها بهذه الصياغة يفتح الباب لتدخل تيارات دينية متعددة، لأنها قد تؤدى إلى مشكلات دستورية وقانونية متعددة، ولأنها تتعارض مع مفهوم الدولة المدنية القائمة على المواطنة.
المادة 81 يوافق 48٪ من العينة على بقائها وهى تنص على: «ممارسة الحقوق والحريات اللصيقة بالفرد بما لا يتعارض مع الأحكام والمبادئ الواردة فى باب الدولة والمجتمع بهذا الدستور» بينما يقترح 92٪ تعديلها من خلال: حذف الفقرة الخاصة «بما لا يتعارض مع الأحكام الواردة فى باب الدولة والمجتمع»، و النص على ممارسة الحقوق والحريات بدون قيود واتساقا مع الاتفاقيات الدولية.
مادة لمواجهة الفساد هى المادة 29 حظيت بتأييد يؤيد 65٪ من العينة على بقائها وهى تنص على: «لا يجوز التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض عادل» وذلك لأنها مادة تسمح بمواجهة الفساد الاقتصادى لبعض رجال الأعمال.
وكانت قد بدأت فعاليات الحلقة بكلمة للدكتورة نسرين البغدادى مديرة المركز، أكدت خلالها على أهمية موضوع الحلقة فى الوقت الراهن، وعلى طرح المركز للموضوع برؤية علمية قائمة على أسس ومعايير منهجية وأخلاقية.
وحول الاستطلاع يقول الدكتور حسن سلامة خبير أول بالمركز والمشرف على البحث: «يجب أن نؤكد على أن الدستور هو لحظة ثقافية تعبر عن درجة تطور المجتمع فى وقت ما بامتياز ويعبر عن رغبة المشاركين الممثلين لطوائف الشعب المختلفة بأعلى درجة ممكنة عن رغبتهم فى التعايش معا دون أن ينفى وجود اختلافات، وأشار إلى أنه لا يوجد لدى المصريين ما يعرف بالثقافة الدستورية، رغم أن العبرة ليست بوضع الدساتير فقط، وإنما بمدى تطبيقها وممارستها والوعى بها، والأطراف المسئولة عن ذلك عديدة، إلا أن النخبة تأتى على رأسها، خاصة فى ظل الاتهامات المتبادلة بين أطراف النخبة المصرية حول دستور 2012، وهو ما أدى إلى انقسام حول المواد الخلافية بالدستور فى المجتمع».
وفى رأى الدكتور حسن فإن مصر قد شهدت عقب ثورة يناير 2011 مسارا عجيبا فمع القول بسقوط دستور 1971 عقب الثورة مصداقا لمقولة إن الثورات تسقط الدساتير ولا تلغى القوانين وكان الأولى أن نبدأ بوضع دستور يحدد معالم الطريق والمستقبل، لكن المسار اتجه ناحية إجراء انتخابات تشريعية لخدمة تيار كان يعتبر هو التيار الأبرز على الأرض ومرت فى النهر مياه كثيرة .
وجاءت ثورة 30 يونيو وخروج ملايين المصريين معبرين عن رفضهم لكثير من الممارسات، وكان من بينها صورة التوتر التى عكسها كثير من المواد الخلافية داخل الدستور، وما تبع ذلك من وضع معالم خارطة المستقبل التى تم بمقتضاها تعطيل العمل بهذا الدستور وإدخال تعديلات عليه وبعيدا عن الجدل الذى يدور حول ما إذا كان من حق لجنة الخمسين وضع دستور جديد أم إجراء تعديلات على مواد بعينها، فقد حسمت اللجنة هذا القول بأنها تنظر فى جميع المواد والعبرة بالمنتج الذى قد يصل بنا إلى إخراج دستور جديد بالكامل.
لذا كان لزاما علينا أن نشرع فى إجراء استطلاع لرأى عينة من النخبة حول المواد الخلافية فى الدستور، وهنا لابد أن نذكر وبكل التقدير الزملاء بقسم استطلاعات الرأى العام والزملاء الباحثين الميدانيين الذين لم يألوا جهدا فى إتمام إجراءات الاستطلاع والشكر موصول للدكتورة عبير صالح الزميلة العزيزة على جهدها المتميز فى استخراج الجداول الإحصائية.