عقد المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية حلقة نقاشية حول: "المواد الخلافية فيالدستور والنظام الانتخابي المرغوب"، وذلك يوم الإثنين 11 نوفمبر بمقر المركز وبدأت فعاليات الحلقة بكلمة الدكتورة نسرين البغدادي مديرة المركز، أكدت خلالها على أهمية موضوع الحلقة في الوقت الراهن، وعلى طرح المركز للموضوع برؤية علمية قائمة على أسس ومعايير منهجية وأخلاقية مشيرة إلى أنه لا يمكن التغاضي عن المرحلة الدقيقة التي يمر بها المجتمع، والتي تتطلب أن يكون الجميع على قلب رجل واحد، ليس في مسألة الآراء ولكن في إعلاء المصلحة العامة ومصلحة الوطن، فالظرف التاريخي الذي نمر به يجعلنا نتطلع لدستور ينظم حياة المصريين وينقلهم من حال إلى حال أفضل، ويجعل مصر في مسار الدول المتقدمة. بدأت الجلسة الأولى برئاسة د. عبد الغفار شكر نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، والذي أكد في بداية حديثه على الدور العلمي الذي يلعبه المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية في الحياة البحثية في مصر خلال عقود متتالية، وعلى مواكبته لقضايا المجتمع المصري وعلى رأسها في الوقت الحالي الدستور، موصياً بتقديم نتائج استطلاع الرأي للجنة الخمسين على وجه السرعة وقبل مناقشة المواد الخلافية، للمساهمة في الوصول إلى صيغ توافقية لهذه المواد، لا تخل بالأهداف الأساسية لها. ثم قام د. سامح إسماعيل الخبير بالمركز بعرض ورقة عن "التناول الإعلامى لإصدار مشروع الدستور المصري 2012 وتداعياته"، مشيراً إلى أن عينة الدراسةاشتملت على صحيفتي "الأهرام" و"المصري اليوم"، وبرنامجي "استوديو 27"و"الحياة اليوم"، وذلك فى الفترة من 29 نوفمبر حتى 30 ديسمبر 2012، وهى الفترة التى سبقت وكذلك تلك التى أعقبت إصدار مشروع الدستور المصرى، وأن نتائج الدراسة أكدت أن أبرز القوى الفاعلة المؤيدة لمشروع الدستور كما ورد في الوسائل الإعلامية بصفة عامة هى القوى الإسلامية بصفة عامة؛ اتفاقاً مع الموقف الثابت لتلك القوى الداعمة لأعمال الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وتأييدها الكامل لها، وكذلك بسبب التوافق الأيديولوجى لكل هذه القوى، فى حين جاءت العديد من القوى الفاعلة الرافضة لمشروع الدستور ولعل أهمها جبهة الإنقاذ الوطنى، والأحزاب والحركات السياسية، والقضاة، ومنظمات المجتمع المدنى. كما أوضحت النتائج وجود العديد من السلبيات على مشروع الدستور المصرى 2012، منها وجود العديد من العيوب فى الصياغة والمضمون، وعدم اشتمال الدستور على وسائل محاسبة رئيس الجمهورية مثلما يحدث فى دساتير الدول الديمقراطية، وإهدار الحريات الصحفية للإعلاميين.. وغير ذلك. وبدأت فعاليات الجلسة الثانية التي رأسها الدكتور أحمد البرعي وزير التضامن الاجتماعي ورئيس مجلس إدارة المركز بالإشادة بالدور التاريخي للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في بحث وتناول القضايا المجتمعية، وأشار إلي أنه شارك في عدد من المشروعات البحثية التي أجراها المركز في فترات سابقة. وأكد الوزير علي أن الشعب المصري اثبت للعالم كله بأنه يستطيع التغيير والتقدم نحو الأفضل، وانه لا يوجد شعب في العالم استطاع أن يغير من نظامين للحكم في ثلاث سنوات فقط. وأشار إلي ضرورة المشاركة والتصويت علي مشروع الدستور الذي يتم إعداده بنسب مرتفعة، لأنه يعبر عن شرعية 30 يونيو، وان العزوف عن التصويت علي مواد هذا الدستور سيترتب عليه العديد من المشكلات. وفيما يتصل بالنظام الانتخابي المرغوب أشار الوزير إلي أن الحياة السياسية في مصر تلقي بظلالها علي النظام الانتخابي، وتطرق في هذا الصدد لعدد من القضايا المثارة في الوقت الراهن وأهمها: إلغاء مجلس الشورى، ونظام القائمة والنظام الفردي، ونسبة العمال والفلاحين، بالإضافة إلي كيفية تصويت المصريين في الخارج،واختتم كلمته بالتأكيد علي أن هناك تقلب مستمر في الآراء لدي المواطنين والنخبة علي السواء، بسب طبيعة المرحلة الانتقالية التي يمر بها المجتمع المصري. وعرضت أماني السيد الباحثة بالمركز نتائج رصد التغطية الصحفية للنظام الانتخابي المقترح لاجراء الانتخابات البرلمانية القادمة، وأشارت إلي أن عينة الرصد تتضمنت تحليل كافة التقارير والمواد الخبرية التي تناولت موضوع النظام الانتخابي في صحف الاهرام والوفد والمصري اليوم خلال الفترة من 20 اغسطس – موعد تسليم لجنة العشرة لمقترحاتها إلي رئيس الجمهورية – وحتي 20 سبتمبر 2013. وأشارت الباحثة إلي أن نتائج الرصد أكدت علي تفضيل نظام الانتخابات بالقائمة بنسبة 50٪ من إجمالي المواد التي تم تحليلها تلاه النظام الفردي بنسبة 34٪ وأخيرًا النظام المحتلط. وتناولت الباحثة مزايا وعيوب كل نظام كما وردت بالتغطية الصحفية، فنظام القائمة يساعد علي تقوية الاحزاب، كما يتيح للناخبيين المفاضلة بين المرشحين وفقا للمباديء والبرامج السياسية، بعيدا عن الاعتبارات الشخصية، أما أهم عيوبه فتمثلت في أن تطبيقه يحتاج الي احزاب قوية لها برامج واضحة وهو ما لا يتوافر في المرحلة الراهنة مما يسمح بعودة الانظمة القديمة سواء بشكل مباشر او غير مباشر، كما انه يحد من فرص المستقلين في الترشح. وفيما يتعلق بالنظام الفردي فتمثلت اهم مميزاته في انه يتناسب مع الواقع السياسي الراهن، كما انه يحافظ علي الارادة الشعبية والوعي السياسي حيث يشعر الناخب أنه سيد قراراه، فضلًا عن نجاحه تاريخيا خيث تعود الناخب المصري علي اختيار من يمثله في البرلمان منذ انشاءه علي اساس النظام الفردي. وأكدت رئيس قسم بحوث وقياسات الراي العام ان الاستطلاع يناقش قضيتيتن اساسيتين، ينطوي تحت كل منهما عدد من القضايا الفرعية. تتصل القضية الأولي بالحق في الانتخابات وضمانات هذا الحق والانتهاكات المرتبطة به، كما تناقش النظام الانتخابي الامثل لمصر، اما القضية الثانية تركز علي تكوين البرلمان من الجانب المؤسسي أي غرفة أم غرفتين، ومن الجانب الخاص بالعضوية بما تشمله من قضايا الكوتا وال 50٪ للعمال والفلاحين والتعيين وغيرها. وفيما يتعلق بالقضية الأولي المتصلة بالحق في الانتخابات وضمانات هذا الحق توصلت نتائج الاستطلاع الي ما يلي: رفض أغلبية المبحوثين في العينة تقييد حق الانتخابات، باعتباره حق من حقوق المواطنة التي لا يجب أن تمس، كما أن الانتخاب العام يضمن مساواة جميع المواطنين في الحياة السياسية، وفي المقابل برر من يرون تقييد حق الانتخابات - تبلغ نسبتهم في العينة 24٪ - بان منح هذا الحق بدون شروط يؤثر علي سلامة الاختيار، ثم ان الدول الديمقراطية الغربية منحت هذا الحق لمواطنيها عبر تطور تاريخي كبير وعلي مراحل متدرجة. وجاءت ضمانات المساواة في التمتع بحق الانتخاب، كما ذكرها افراد العينة كالتالي: ان يكون عدد الناخبيين بكل لجنة مناسبا ويسمح للجميع بممارسة حقه الانتخابي، ثم التناسب بين عدد النواب وعدد الناخبيين في كل دائرة وسهولة الوصل الي المقر الانتخابي. وراي المبحوثون أن تحقيق التناسب بين عدد السكان والنواب في كل دائرة من اهم الاعتبارات التي يجب ان تراعي عند تقسيم الدوائر الانتخابية في مصر. وحول انسب نظام انتخابي لمصر ذكر المبحوثين النظام القائم علي الجمع بين النظامين الفردي والقائمة بنسبة 44,2٪ ثم نظام الانتخاب الفردي بنسبة 30٪ثم نظام الانتخاب بالقائمة بنسبة 25٪ والملاحظ رفض التيار الاسلامي للنظام الفردي، وتفضيل التيار اليساري والقومي للقائمة. وتمثلت اهم ضمانات نزاهة وشفافية العملية الانتخابية في تحقيق الاشراف القضائي الكامل بنسبة 85٪ثم مراقبة المجتمع المدني بنسبة 54٪ والرقابة الدولية بنسبة 38٪. أما فيما يتعلق بالقضية الثانية التي يتناولها الاستطلاع والمتصلة بتكوين البرلمان فتمثلت اهم النتائج فيما يلي: أشار أكثر من ثلاثة ارباع العينة 76٪ إلي أنهم مع نظام المجلس التشريعيالواحد وكان من أهم مبررات هذا الاختيار ان خبرة المجلسين لم تكن ذات تاثير في التطور السياسي في مصر بالاضافة الي ترشيد الانفاق الحكومي. وتوصلت نتائج الاستطلاع إلي إن 50,9٪ من المبحوثين رفضوا الابقاء علي ال 50٪ عمال وفلاحين وكانت اهم اسباب الرفض اساءة استخدام هذه النسبة من قبل من لا حق لهم فيها بالاضافة الي تغير الظرف التاريخي الذي اقتضي تطبيق هذا التخصيص. وانقسمت أراء العينة فيما يتعلق بتخصيص مقاعد الكوتا لبعض الفئات في المجالس النيابية، فقد بلغت نسبة من وافق علي الكوتا لبعض الفئات 40٪ في حين رفضها 44,6٪ وكان علي راس الاسباب المذكورة من المؤيدين للكوتا أنها توفر فرصة لتمثيل الاقليات والمرأة، في حين كان علي راس أسباب الرفض أنها تخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين. وأوصت المناقشات في نهاية الجلسات بضرورة نشر الثقافة الدستورية عن طريق توعية أفراد المجتمع بمواد الدستور المختلفة، وذلك قبل طرحها للاستفتاء العام؛ حتى يتم ذلك في ضوء الوعي بتلك المواد التي تحقق صالح المجتمع،كما أوصت د. نسرين البغدادي بضرورة إجراء استطلاع رأي الجمهور العام حول الدستور ومواده المختلفة.